الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تفسير قوله تعالى (فجعلناهم سلفا ومثلا للآخرين)

السؤال

تفسير آيه 56 من سورة الزخرف، وهل سيكون تدميرا كبيرا من الله عز وجل لأرض مصر يؤيدها آية 137 من سورة الأعراف لأنه ما زال يوجد آثار لرمسيس الثاني فرعون الذي حكم مصر في عصر سيدنا موسى عليه السلام؟ وجزاكم الله خيراً.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فمعنى قوله تعالى: فَجَعَلْنَاهُمْ سَلَفًا وَمَثَلًا لِلْآخِرِينَ {الزخرف:56}، أي جعلنا قوم فرعون سلفاً لمن عمل عملهم (ومثلاً) أي عبرة لمن يعمل عملهم. قال مجاهد: (سلفاً) لكفار قومك يتقدمونهم إلى النار. وقال قتادة: (سلفاً) إلى النار، (ومثلاً) عظة لمن يأتي بعدهم. والسلف المتقدم، ومنه سلف الرجل: آباؤه المتقدمون، فالمراد أنهم سلف لأهل النار المتأخرين أو أنهم تقدموا قبل الكفار ليكونوا موعظة لهم ومثلاً يعتبرون به لئلا يصيبهم مثل ذلك. كذا في تفسير القرطبي وابن جزي.

فقوم فرعون سلف وعبرة لمن يأتي بعدهم من الفجار وخزائن الله ملأى من أنواع النكال، كما قال الله تعالى: قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَن يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِّن فَوْقِكُمْ أَوْ مِن تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً وَيُذِيقَ بَعْضَكُم بَأْسَ بَعْضٍ انظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الآيَاتِ لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ {الأنعام:65}، ولكنه ليس هذا دليلاً على تدمير أهل مصر لعدم ذكر وعيد لهم خاص في الآية، وليس في آية الأعراف أيضاً دليل عليه لأنها تخبر عما مضى لا عما يستقبل، فقد قال أبو حيان في تفسيره: ودمرنا ما كان يصنع فرعون وقومه وما كانوا يعرشون أي خربنا قصورهم وأبنيتهم بالهلاك والتدمير والإهلاك وإخراب الأبنية، وقيل: ما كان يصنع من التدبير في أمر موسى عليه السلام وإخماد كلمته. وقيل: المراد إهلاك أهل القصور والمواضع المنيعة وإذا هلك الساكن هلك المسكون... انتهى.

ثم إنه ذكر بعض أهل العلم أن إثبات ما يحكى عن رمسيس أنه فرعون موسى وما يحكى عن آثاره يحتاج لدليل، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 16937.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني