الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تفسي قوله تعالى: بدت لهما سوآتهما

السؤال

كنت أتناقش مع بعض الأخوة والمشكلة هناك خرافات كثيرة تروى المهم سؤالي هو:قال تعالى : فدلاهما بغرور فلما ذاقا الشجرة بدت لهما سوآتهما وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة...." ما هو تفسير هذه الآية وهل كان سيدنا آدم وأمنا حواء مستوري العورة ثم انكشفت؟ وما هو الستر؟ ثم ألم تكن حواء زوج سيدنا آدم في الجنة بمعنى الزوجية فلم يستتران من بعضهما؟ وما هي الروايات من القرآن والسنة؟ ؟بارك الله بكم وجزاكم كل خير.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فقد قال تعالى: فَدَلَّاهُمَا بِغُرُورٍ فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْآَتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُلْ لَكُمَا إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُبِينٌ {الأعراف: 22}

قال السعدي:{ فَدَلاهُمَا } أي: نزلهما عن رتبتهما العالية، التي هي البعد عن الذنوب والمعاصي إلى التلوث بأوضارها، فأقدما على أكلها { فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا } أي: ظهرت عورة كل منهما بعد ما كانت مستورة، فصار للعري الباطن من التقوى في هذه الحال أثر في اللباس الظاهر، حتى انخلع فظهرت عوراتهما، ولما ظهرت عوراتهما خَجِلا وجَعَلا يخصفان على عوراتهما من أوراق شجر الجنة، ليستترا بذلك { وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا } وهما بتلك الحال موبخا ومعاتبا: أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُلْ لَكُمَا إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُبِينٌ، فلم اقترفتما المنهي، وأطعتما عدوَّكُما.

وقوله تعالى: (بدت لهما سوآتهما) يدل بوضوح على أن عورتهما لم تكن بادية، وأن الستر كان حاصلا ، قال قتادة: كانا لا يريان سوآتهما.

وقال الواحدي: تهافت لباسهما عنهما فأبصر كل واحد منهما عورة صاحبه فاستحييا.

قال الشوكاني: كانا لا يريان عورة أنفسهما ولا يراها أحد من الآخر.

وقد اختلف أهل العلم في حقيقة لباسهما قبل المعصية، فمن قائل إنه كان من جنس الأظفار ، ومن قائل إنه كان نورا، ومن قائل إنه كان من لباس الجنة.

قال الطبري: انكشفت لهما سوآتهما لأن الله أعراهما من الكسوة التي كان كساهما قبل الذنب والخطيئة فسلبهما ذلك بالخطيئة.

وفي تفسير ابن كثير عن أبي بن كعب قال: كان آدم رجلا طوالا كأنه نخلة سحوق كثير شعر الرأس، فلما وقع فيما وقع فيه من الخطيئة بدت له عورته عند ذلك، وكان لا يراها ...

وعن ابن عباس قال: كان الذي وارى عنهما من سوآتهما أظفارهما ... وقال وهب بن منبه: كان لباس آدم وحواء نورا على فروجهما لا يرى هذا عورة هذه ولا هذه عورة، هذا فلما أكلا من الشجرة بدت لهما سوآتهما. رواه ابن جرير بإسناد صحيح إليه.

وعن ابن عباس قال: قبل أن ازدردا أخذتهما العقوبة، والعقوبة ظهرت لهما عوراتهما، وتهافت لباسهما حتى أبصر كل واحد منهما ما ووري عنه من عورة صاحبه، وكان لا يريان ذلك.

وقال ابن عطية: قيل: تخرقت عنهما ثياب الجنة وملابسها وتطايرت تبريا منهما.

وقال الشوكاني: ظهرت لهما عوراتهما بسبب زوال ما كان ساترا لها وهو تقلص النور الذي كان عليها.

وقال النسفي: قيل: كان لباسهما من جنس الأظفار، أي كالظفر بياضا في غاية اللطف واللين، فبقي عند الأظفار تذكيرا للنعم وتجديدا للندم .

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني