الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ليس من شروط التوبة عدم الوقوع في الذنوب

السؤال

قبل عدد من السنوات كانت لي علاقة مع امرأة وتطورت هذه العلاقة حتى وقعت معها في فاحشة الزنا وبعد هذه الحادثة أحسست بذنب عظيم وأنني ارتكبت أمرا محرما فقررت أن أترك هذه المرأة وعملت على ذلك حتى أنهيت علاقتي بها وكلي حزن وألم على ما فعلت.
وبعد مرور عدد من السنوات تيسر لي أداء فريضة الحج وكنت متلهفا جدا لذلك لعلني أمحو عن نفسي ما أثقلها من الهم ورغبة في العودة لله، وتحقق لي ذلك والحمد لله، ولكن بعد الحج بفترة من الزمن رجعت مرة أخرى لأتعرف على فتيات وأتكلم معهن في الهاتف ولكنني في كل مرة أحس بالذنب وأقرر عدم العودة لما أنا عليه، ولكنني أرجع مرة أخرى ولكن في حالتين التقيت بهن ولكني بكلا الحالتين لم أصل فيها إلى مرحلة الزنا لأنني أتذكر ما حدث وأرجع لنفسي وأقرر بعدم إكمال هذه العلاقة أو إبقائها بعيدا عن اللقاءات حتى لا أقع مرة أخرى في هذه الفاحشة وعملت على قطع العلاقة ولكني أعود للتعرف من خلال الهاتف وأصبح حالي كذلك حتى قررت الزواج رغبة مني بأن أبتعد عن كل ذلك وحتى أفتح صفحة جديدة في حياتي وتيسر لي الأمر، وتزوجت ولله الحمد وبعد فتره من زواجي بدأت أفكر بعمق بما عملت وخاصة عندما أقرأ قوله وتعالى: والزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك. فبدأت الشكوك تساورني في حكم عقد زواجي وهل هو صحيح وعندما تعمقت وبحثت عن معنى الآية علمت أنها لا تنطبق على من تاب وارتحت بذلك فترة من الزمن ولكن الشكوك عاودتني مرة أخرى وأصبحت تدور حول هل فعلا أنني تبت قبل عقد النكاح وأبدأ بمناقشة نفسي على النحو التالي: يا نفسي إن شروط التوبة هي: أولها الندم على ما حدث من ذنب ندما حقيقيا ومن علاماته ألم في القلب كلما تذكرت ذنبك فهل تحسين يا نفسي بذلك؟
فأجاوب بنعم إنني نادم كلما تذكرت وأتمنى أن تعود بي الأيام للخلف لأغير كل ذلك.
ثانيها التوقف والكف عن ممارسة الذنب فلا تعود له بعد ذلك وهل هذا ما حدث؟
فأجوب بأنني لم أقع في هذه الفاحشة بعد يومي ذاك ولم تحدث هذه الحادثة إلا مرة واحدة.
ثالثها العزم على عدم العود إلى الذنب مرة أخرى عزما أكيدا حقيقيا وهنا تبدأ المشكلة وتبدأ نفسي تسألني هل فعلا عزمت على عدم العودة؟ فأذكر نفسي بأنني تركت المرأة التي وقعت معها في الفاحشة وقررت الحج ردعا لنفسي وترد نفسي مرة أخرى ولكنك بعد الحج عدت لتتعرف على أخريات؟ وأرد عليها بأنني لم أصل مع أي منهن إلى فاحشة الزنا وفي كل مرة أعمل على إنهاء العلاقة وهكذا حتى أنني بدأت أشك في مدى صحة توبتي وبدأت أسأل نفسي هل حقا أنني لم أتب لأنني لم أعزم ولكنني قررت الزواج فهل هذا يعتبر عزيمة مني لأترك هذا الطريق، أرجو منكم المساعدة وأن تبينوا لي هل عقد زواجي صحيح؟ وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فزواجك صحيح وتوبتك نحسبها صادقة لما ذكرت من إقلاعك عن المعصية وندمك عليها، ووقوعك بعد ذلك في اللمم لا يحبط توبتك الأولى من الزنا، فليس من شروط التوبة عدم الوقوع في الذنب ثانية، وإنما العزم على ألا يعود عليه فقط، فإن غلبته نفسه الأمارة بالسوء وعاد إلى الذنب ثانية ولو لما هو أشد منه فإنه يتوب توبة أخرى صادقة وهكذا، ونرى أن ما يختلج في نفسك هو من وساوس الشيطان ومداخله فأعرض عنها صفحا، وأقبل على الله عز وجل بفعل الطاعات والبعد عن المعاصي والسيئات، وتعفف بما رزقك من الحلال الطيب واحمده سبحانه أن وفقك للتوبة وتداركك بلطفه ورحمته قبل أن تموت على تلك المعاصي، فتمسك بسبيل التائبين وعض بنواجذك على أصل منهج النبيين الصادقين، واعلم أن الله تواب رحيم.

وللفائدة انظر الفتاوى التالية أرقامها :1909، 1095، 5450 .

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني