خلاصة الفتوى:
إذا قدم المسافر بلده انقطع الترخص برخص السفر، فإذا قدم وهو صائم ثم جامع في نهار رمضان فعليه الكفارة مع القضاء، وكذلك على زوجته كفارة إذا كانت صائمة ومطاوعة عند أكثر أهل العلم وهو الأحوط، وإن كانت غير مطاوعة فلا كفارة عليها، والكفارة هي عتق رقبة، فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين، فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكينا.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فيجوز للمسافر سفرا غير عاص به أن يترخص برخص السفر، ومنها الفطر في نهار رمضان، فإذا رجع إلى موطنه انقطع حكم سفره، وكذلك الحكم فيما لو قدم بلدة نوى أن يقيم فيها أربعة أيام فأكثر عند جمهور العلماء، وعليه، فإذا حصل منك جماع فعليك كفارة مع القضاء.
جاء في الشرح الكبير للشيخ الدردير – (فقه مالكي): والمسافر كان مخيرا في الصوم وعدمه، فلما اختار الصوم صار من أهله، فعليه ما على أهل الصيام من الكفارة. وشبه في لزوم الكفارة وإن تأول قوله: (كفطره) أي الصائم المسافر بعد دخوله نهارا وطنه أو محل إقامة تقطع حكم السفر. اهـ
وفي تهذيب المدونة - فقه مالكي: مالك وأشهب: وإن أفطر بعد دخوله إلى أهله نهاراً فعليه القضاء والكفارة، مالك: كان فطره أول النهار أو آخره. أشهب: ولا يعذر أحد في هذا. وللفائدة راجع الفتوى: 100764.
وأما بالنسبة لزوجتك فهي إما أن تكون مكرهة فلا كفارة عليها بالاتفاق.
ويرى المالكية وجوب الكفارة على زوجها لأنه أفسد صيامها، وعلى هذا يكون عليه كفارتان.
جاء في التاج والإكليل لمختصر خليل - فقه مالكي: (أَوْ زَوْجَةٍ أَكْرَهَهَا) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: إنْ أَكْرَهَ امْرَأَتَهُ فِي نَهَارِ رَمَضَانَ فَوَطِئَهَا فَعَلَيْهِمَا الْقَضَاءُ، وَعَلَيْهِ عَنْهَا وَعَنْهُ الْكَفَّارَةُ .اهـ.
و في الجوهرة النيرة فقه حنفي: وَإِنْ أَكْرَهَهَا هُوَ عَلَى الْجِمَاعِ فَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهَا إجْمَاعًا لِأَنَّ الْكَفَّارَةَ تَجِبُ بِالْجِنَايَةِ الْكَامِلَةِ، وَهَذِهِ لَيْسَتْ بِجِنَايَةٍ. اهـ
وقال أيضا: وَلَوْ جَامَعَ امْرَأَتَهُ مُكْرَهَةً لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهَا، فَإِنْ طَاوَعَتْهُ فِي وَسَطِ الْجِمَاعِ لَا كَفَّارَةَ أَيْضًا لِأَنَّهَا طَاوَعَتْهُ بَعْدَمَا صَارَتْ مُفْطِرَةً. اهـ
وإما أن تكون فعلت ذلك مطاوعة لك فعليها القضاء بلا خلاف، واختلفوا في وجوب الكفارة عليها.
فذهب بعض العلماء إلى عدم وجوبها وهو الصحيح من مذهب الشافعية ورواية عن أحمد لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر الواطئ في رمضان أن يعتق رقبة، ولم يأمر المرأة بشيء مع علمه بوجود ذلك منها.
قال النووي في المجموع بعد أن ذكر أن في المسألة ثلاثة أقوال ما نصه: والأصح على الجملة وجوب كفارة واحدة عليه خاصة عن نفسه فقط، وأنه لا شيء على المرأة. اهـ
وقال ابن قدامة في المغني: وسئل أحمد عن من أتى أهله في رمضان أعليها كفارة؟ قال: ما سمعنا أن على امرأة كفارة. اهـ
ويرى جمهور أهل العلم وجوبها عليها وهذا هو الأحوط، قال في تحفة الفقهاء - فقه حنفي: وأما المرأة التي تجامَع يلزمها الكفارة عندنا. وللشافعي قولان: في قول: لا يلزمها الكفارة، لأن النص ورد في الرجل دون المرأة. وفي قول: تجب، ويتحملها الرجل، لأنه وجب عليها بسبب فعله. والصحيح قولنا، لأن الحكم تعلق بالجماع الحرام المفسد للصوم، وقد وجد منها، ولهذا في باب الزنى يجب على كل واحد منهما الحد، لاستوائهما في الزنى، فكذا هذا.اهـ
وبهذا تفتي اللجنة الدائمة وفيها فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء - ج 12 / ص 380 : أما إيجاب قضاء يوم مكان اليوم الذي جامع زوجته فيه؛ لما في رواية أبي داود وابن ماجه: « وصم يومًا مكانه ». وأما إيجاب الكفارة والقضاء على المرأة إذا كانت مطاوعة؛ فلأنها في معنى الرجل، وأما عدم إيجاب الكفارة عليها في حال الإكراه؛ فلعموم قوله صلى الله عليه وسلم: عفي لأمتي عن الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه.اهـ
وقال ابن عثيمين في الشرح الممتع (فقه حنبلي): فإن قال قائل: ما الدليل على وجوب الكفارة على المرأة والنبي صلى الله عليه وسلم لم يذكر في هذا الحديث حديث المجامع في نهار رمضان على المرأة كفارة مع أن تأخير البيان عن وقت الحاجة لا يمكن ؟
الجواب أن هذا الرجل استفتى عن فعل نفسه، والمرأة لم تستفت، وحالها تحتمل أن تكون معذورة ومكرهة ....... إلى أن قال: والاستفتاء لا يشترط فيه البحث عن حال الشخص الآخر. اهـ
وهذا كله إنما يعتبر في حالة كون المرأة أفطرت بالجماع أو لأجله، أما لو كانت مفطرة قبل ذلك بعذر شرعي فلا كفارة عليها.
والله أعلم.