الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تعرض الزوجة للأذى من أهل الزوج

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

تعرضت للأذى من بعض المقربين، وكنت متوقعة أن هذا الأذى من هؤلاء المقربين وهم أهل زوجي، فهل لي أن أردّ على الأذى أم أصمت ولا أرد وأحتسب أجري عند الله؟

وشكراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ إيمان سيد حفظها الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإن الله تبارك وتعالى قال لنبيه صلى الله عليه وسلم: (( خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ ))[الأعراف:199]، ووجَّهَنا فقال: (( ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ ))[المؤمنون:96]، والكمال أن يعفو الإنسان عمن ظلمه وأن يعطي من حرمه وأن يصل من قطعه، هذا مع كل الناس؛ فكيف إذا كان الخصوم هم أهل الزوج الذي اختارك من بين النساء، فاتقِ الله واصبري على الجفاء، وارفعي أمرك لرب الأرض والسماء، واعلمي أن العفو منهج الأنبياء والصديقين والأولياء، وقد قال نبي الله يوسف لإخوانه الذين رموه في البئر وعرَّضوه للرق والسجن: (( لا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ ))[يوسف:92]، وقال النبي صلى الله عليه وسلم لمن أخرجوه وعذبوا أصحابه وقتلوا أحبابه بعد أن تمكن من رقابهم: (اذهبوا فأنتم الطلقاء)، وقد بشر النبي صلى الله عليه وسلم من يعفو ويصفح بعلو المنزلة فقال: (وما زاد الله عبداً بعفوٍ إلاَّ عزاً).

وقد أساء رجلٌ لابن الدرداء رضي الله عنه فقال له أبو الدرداء: (يا هذا، لا تسرف في سبَّنا واجعل للعفو موضعاً، واعلم بأننا لن نجازي من عصى الله فينا بمثل أن نطيع الله فيه).

ولا يخفى عليك أن مقابلة الشرِّ بمثله ما هي إلا إضافة شرٍّ إلى شر، وليس في ذلك حلٌّ للإشكال لأنهم سوف يتمادون في العناد وسوف يحرضوا زوجك عليك، وحتى لو وقف معك فلن يتركوكم.

ومن هنا يتضح أن العفو والتسامح والتغافل يجلب للإنسان خيري الدنيا والآخرة، وقد قال رجل للإمام أحمد رحمه الله: (العافية عشر درجاتٍ تِسْعٌ منها في التغافل)، فقال رحمه الله: (بل العافية عشر درجاتٍ كلها في التغافل)، وقد قالت عائشة رضي الله عنها: (سادت قبيلة الأحنف بحلمه أربعين سنة)، كما أن تسامح الزوجة مع أهل الزوج وصبرها عليهم يرفع قيمتها عند زوجها، وتنال قبل ذلك الأجر العظيم من الله إذا احتسبت وجعلت صبرها لله، كما أن أهل الزوج سوف يعرفون قيمتها في نهاية الأمر، ولن تخسري بعفوك شيئاً، والمكر السيئ لا يحيق إلا بأهله.

وهذه وصيتي لكِ بتقوى الله، ولن تتضرري من كل ما يحصل إذا كان زوجك يتفهم الوضع، وأرجو أن تلتمسي لهم الأعذار؛ فإن أم الزوج وأخوات الزوج يغارون من زوجة الأخ التي جاءت تشاركهم في حبه وفي جيبه، وقد يعمق هذا الشعور عندهم تقصير الرجل في القيام بحقوقهم بعد الزواج، فحرِّضي زوجك على الإحسان وشجِّعيه على الصلة والبر لأرحامه والإخوان، واعلمي أن جزاء الإحسان هو الإحسان. ونسأل الله أن يوفقك ويسددك.

وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً