الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعراض نفسية وتوهم بالأمراض رغم سلامة التحاليل.

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

قبل سنتين أعاني من تعب جسدي، وقلق نفسي، وتوهم بالأمراض، وأخذت (السبرالكس) لمدة سنة -والحمد لله- كنت أفضل، وطبعا تركته -ولله الحمد- بسبب أنه سبب لي عجزا جنسيا، وأنا مقبل على الزواج، ومن قبل سنة تقريبا صرت أحس بتعب في عضلاتي ورجفة، وحتى عند الوقوف رجلاي تنتفض، وأحس أنني لا أملك القوة، وكأن بها مثل الكهرباء أو الماء يجري في ساقي، لا أخفيكم أنا كنت أفكر كثيرا، وقلق من بعض نواحي الحياة، وأنهكني التفكير طبعا.

أشعر بالألم في عضلات اليد والأرجل أحس كأني لا أستطيع حمل نفسي، وأحس بالألم حتى وأنا مرتاح، أحس بألم العضلات، شعور مخيف حتى من حمل الجوال، أحيانا في أعلى الذراع كأني تعبان أو أتعب بسرعة، أي عضلاتي تتعب بسرعة، وفيها مثل النبضات أو تتحرك، ولكني أستطيع أن أمارس رياضة المشي، فأنا أمارسها يوميا -ولله الحمد-، لكن إحساس بأن قواي باتت مزعجة.

قرأت في الإنترنت عن ضمور العضلات، والتصلب اللويحي، والتصلب الجانبي، وبدأت قواي تضعف أكثر، والتفكير يزيد، واشتغل الوسواس، والتفكير والخوف من المرض، عملت تحاليل كثيرة، وجميع تحاليل الروماتيزم، والعضلات تقريبا، وجميعها سليمة، وآخرها أنزيم (total CK) وكان ٩٨ طبيعيا -ولله الحمد-، وعملت رنينا مغناطيسيا على الرأس والرقبة، وكان على الرأس سليما، وعلى الرقبة ثلاثة ديسكات، ولكن ليس قويا.

أعاني من شد الرقبة الدائم، وإذا شد أحس بصعوبة في البلع، ويترافق مع التوتر أيضا، وذهبت إلى طبيب أعصاب استشاري، وتكلمت معه، قال: سبب الديسك ضعف عضلات الرقبة والظهر، وتكلمت معه عن ضمور العضلات والأعراض رد علي بضحكة.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبدالرحمن حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أرحب بك في الشبكة الإسلامية.

أخي: كل الأعراض الجسدية التي تحدثت عنها من الواضح أنه ليس هنالك مُسبِّب عضوي حقيقي لها، حتى موضوع الدسك الموجود في الرقبة لا يُفسِّر هذه الأعراض التي تعاني منها. أنا أعتقد أنه لديك قلق ولديك مخاوف من الأمراض، وكل الذي تحتاجه – أخي الكريم – أن تكون أكثر يقينًا بأنك الحمد لله بخير.

فحوصاتك كلها سليمة، والأطباء قد أكدوا لك ذلك، وهذه الأعراض التي لديك هي أعراض نفسوجسدية، عامل القلق والخوف هو الذي أدخلك فيها، ونحن في زمنٍ حقيقة كثُرتْ فيه الأمراض وكثرت فيه المعلومات الطبية هنا وهناك، وأصبح كل إنسان لديه طبيب صغير في داخل نفسه، لذلك وجدت التوهمات المرضية، كما أن موت الفجاءة قد كثُر، والحوادث قد كثُرت، والناس ليسوا في اطمئنان إلَّا مَن رحم الله، إنه هو العزيز الرحيم.

إذًا هذا الجوّ العام والإطار العام من التغيرات المجتمعية والبيئية أدَّى إلى ظهور المخاوف المرضية.

أنا أقول لك:
1. توكّل على الله، وسَلِ الله أن يحفظك، وليكن عندك يقين بأن ما أصابك لم يكن ليُخطئك، وما أخطأك لم يكن ليصيبك، وأن ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن.
2. تبدأ برامج صلبة ويقينية تقوم على مبدأ ألَّا تتردد على الأطباء، هذا أمرٌ مهمٌّ جدًّا، يكون لديك فقط مراجعة دورية مع طبيب الأسرة أو الطبيب الباطني مثلاً مرة كل ستة أشهر، تُجري الفحوصات الطبية العامّة، هذا منهج ممتاز جدًّا.
3. تُقلِّل القراءة عن الأمراض.
4. يجب أن يكون نمط حياتك نمطًا صحيًّا.

أوَّل الخطوات المطلوبة في نمط الحياة الصحي هي: يجب أن تتجنب السهر، وأن تنام نومًا ليليًّا مبكِّرًا، تؤدّي صلاة الفجر، ويكون لك بعد ذلك خارطة ذهنية عن الأشياء التي تودّ أن تقوم بها، طبعًا العمل، الترفيه عن النفس، الرياضة، وأنت الحمد لله تمارس رياضة المشي، وهي من الرياضات الطيبة، العبادة، التواصل الاجتماعي.

أخي الكريم: يجب أن تستفيد من قوة الحاضر، الحاضر دائمًا أقوى من الماضي وأقوى من المستقبل، فعش الحاضر بكل قوة وبكل ثبات، واجعل منهجك منهجا صحيا، اهتمَّ بغذائك، واجعل لنفسك مشروع حياة، مثلاً: تقوم بدراسات عُليا، تتحصّل على شهادة الماجستير، أن تقوم ببرنامج بحفظ أجزاء من القرآن الكريم أو كلّه. أي برنامج حياتي سوف يفيدك.

بعد ذلك أقول لك – يا أخي -: لا بأس أبدًا أن تتناول أحد الأدوية البسيطة، وهذه الأدوية البسيطة تُساعد في علاج مثل هذه الأعراض، وعقار (ديولكستين) الذي يُسمَّى تجاريًا (سيمبالتا) من الأدوية الممتازة، هو داء أصل مضاد للاكتئاب، لكن وُجد أنه يُعالج الآلام الجسدية والعضلية بشكل ممتاز جدًّا.

الجرعة هي أن تبدأ بثلاثين مليجرامًا ليلاً بعد الأكل لمدة شهرٍ، ثم تجعلها ستين مليجرامًا ليلاً لمدة ستة أشهر، ثم تجعلها ثلاثين مليجرامًا ليلاً لمدة شهرين، ثم ثلاثين مليجرامًا يومً بعد يومٍ لمدة شهرٍ، ثم تتوقف عن تناوله. دواء سليم وفاعل ورائع، ويمكن أن تُدعمه أيضًا بعقار يُسمَّى تجاريًا (دوجماتيل) ويُسمَّى علميًا (سولبرايد)، تتناول جرعة صغيرة جدًّا، وهي كبسولة، قوتها خمسين مليجرامًا، تتناولها يوميًا لمدة شهرين في الصباح، ثم تتوقف عن تناوله.

هذه هي الخطة العلاجية التي تناسب شخصك الكريم، وأرجو أن تطمئن، ونسمع عنك كل خير، ورمضان شهر الخيرات على الأبواب، ونسأل الله تعالى أن يُبلغنا إياه، ويكتب الله لنا ولكم الأجر والعفو والعافية والمعافاة في الدين والدنيا والآخرة، ونشكرك على الثقة في إسلام ويب.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً