الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تعلقي بشخص أثر على نفسيتي وجعلني أبتعد عمن حولي!

السؤال

السلام عليكم

في الفترة الأخيرة أبكي كثيرا بسبب تعلقي بشخص وعدم نسيانه، أثر ذلك على نفسيتي كثيرا فأصبحت متوترة، وأستيقظ من نومي قلقة، وصرت أبتعد عن الناس من حولي، وكرهت نفسي.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ منى حفظها الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد

نرحب بك في موقعك، ونشكر لك الاهتمام والتواصل مع موقعك، ونحن لك في مقام الآباء والأمهات والإخوان الكبار، ونسأل الله أن يُعيد إليك الطمأنينة والسكينة، وأن يُلهمك السداد والرشاد، هو وليُّ ذلك والقادر عليه.

ينبغي أن تُدركي أن المؤمنة ينبغي أن تملأ فؤادها بحب الله -تبارك وتعالى-، وتقوّي صِلتها بالله -تبارك وتعالى-، وليس في الدنيا من أوّلها إلى آخرها ما يستحق أن يحزن عليه الإنسان.

لذلك أرجو أن تتماسكي أمام هذا الذي يحدث، فإذا كان الأشخاص الذين يمرون في حياتنا مهما كانت الصلة ومهما كان القُرب فإنهم لا بد أن يمضوا من هذه الحياة أو نمضي نحنُ، فهذه الدنيا التي فقد فيها الناس الأنبياء، فقد الناس فيها الكِرام، لا بد أن يوطّن الإنسان نفسه أنه قد يفقد إنسانًا عزيزًا، يفقدُ إنسانًا محبوبًا بالنسبة له، ومن حقه أن يحزن، لكن هذا الحزن ينبغي أن يكون في حدوده المعقولة، والدنيا فقدت الأنبياء، ولذلك من السُّنّة حتى عندما يموت إنسان عزيز على الإنسان أن نتذكّر مصابنا في النبي -عليه صلاة الله وسلامه- فقد الدنيا لهذا النبي -صلى الله عليه وسلم- الذي كان يُوحى إليه من الله -تبارك وتعالى-.

ولذلك أرجو أن تُوقفي التأثّر والبكاء والدموع، وتحاولي دائمًا أن تشغلي نفسك بذكر الله وطاعته وعبادته، وبالأمور المهمة، وتجنبي أيضًا الخلوة فإن الشيطان مع الواحد، كوني مع أسرتك، ومع صديقاتك الصالحات، واعلمي أن هذا الذي تركك أو ابتعد عنك من السهولة أن ينساه الإنسان، فالنسيان الذي عند الإنسان هو نعمة من الله -تبارك وتعالى- في مثل هذه المواطن.

أنت لم توضحي مَن هو هذا الشخص، ولكن في كل الأحوال الإنسان ينسى مهما كان الشخص الذي فقده أو ابتعد عنه عزيز، عنده قدرة على أن ينسى، وإلَّا فإنه عند ذلك هذا البكاء لا يردُّ مفقودًا، ولا يأتي إلَّا بشيءٍ قدّره الله تبارك وتعالى، فالبكاء على اللبن المسكوب لا يعيد هذا اللبن.

لذلك أسأل الله أن يجعلنا وإياك ويجعلنا جميعًا ممَّن أُعطي شكر، وإذا ابتُلي صبر، وإذا أذنب استغفر، وإذا كان هذا الشخص الذي فقدتِيه عزيز فتستطيعي أن تكوّني صداقات مع صالحات، وإذا كان هذا الشخص من الأقرباء والأرحام وستجدين في الأرحام أيضًا مَن يسد مكان هذا العزيز، وعلى كل حال فإن المؤمنة ينبغي أن تتذكّر أنها خُلقت لغاية عظيمة، وينبغي أن تشغل نفسها بذكر الله وحب الله تبارك وتعالى، ثم تنطلق في محابِّها كلِّها ممَّا يُحبُّه الله وممَّا أحبَّه الرسول -عليه صلاة الله وسلامه- ممَّا جاء في هذا الشرع الذي شرفنا الله تبارك وتعالى به، ثم علينا أن نجعل حُبَّنا منضبطًا بضوابط الشرع، فالحب الصحيح المقبول هو الحب الذي يكون على قواعد هذا الدين العظيم الذي شرفنا الله -تبارك وتعالى- به.

والصبر عند البلاء مطلبٌ عزيز، ينبغي للإنسان أن يحرص عليه، واعلمي أن التوتر والانزعاج والبكاء لا يردُّ شيئًا، لكنّه يضرُّ صحتك وربما أيضًا يُسبِّب لك عاهات وأمراض وعلل نفسية أنت في غنىً عنها، واعلمي أن نفسك غالية، فما ينبغي أن تُضيّعيها، واشغليها بما يُرضي الله وبما خُلقتِ لأجله: {وما خلقت الجن والإنس إلَّا ليعبدونِ * ما أريدُ منهم من رزق وما أريد أن يُطعمون}.

نسأل الله أن يعينك على الخير، وهذه وصيتنا لك بتقوى الله، ثم بالمواظبة على ذكره وشكره وحسن عبادته، ونكرر الترحيب بك في موقعك.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً