الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعاني من شعور الاكتئاب والحزن، فكيف أحارب هذا الإحساس؟

السؤال

السلام عليكم.
نشكركم على جهودكم، وندعو الله أن يوفقكم.

أنا شاب عمري 35 سنة، متزوج ولي ولدان، أعاني منذ الطفولة من شدة الحساسية المفرطة تجاه كل شيء، كنت أعاني من الرهاب الاجتماعي قديما، وتغلبت عليه بشكل كبير، كان عندي خجل شديد من الأشخاص ولدي منه بقية باقية، ولكنها لا تؤثر على حياتي كما كانت في الصغر.

مشكلتي الآن هي أنني تعرضت لمجموعة من المواقف والانكسارات الحياتية، وخيانات من بعض الأشخاص، سببت لي اكتئابا حادًا، وكرهًا في مزاولة عملي، وهو الكتابة والتأليف والنشر العلمي، وزادت الأعراض شيئا فشيئا حتى شملت النسيان بشكل كبير جدا، وعدم التركيز نهائيا، وعدم الرغبة في القيام بأي نشاط، وحُبب إلي العزلة، وعدم الاختلاط، وتجول في خاطري أفكار انتحارية، ولكنني لا أقدم عليها طبعا، فهي مجرد أفكار فقط.

أخشى من الموت، وأفكر في المرض بكثرة، حتى أُصبت بارتفاع في ضغط الدم، وأتناول قرص كونكور 2.5 صباحا، وقرص تارج 160 مساء، مع جوسبرين 81، بعد الغداء، أجريت كل التحاليل والفحوصات الطبية وكلها سليمة، بما في ذلك رسم القلب العادي وبالمجهود، وكل الأشعة حتى الرنين منها، كلها طبيعية.

تركت الكتابة والتأليف، حزين دائما، حتى وأنا في مواقف الفرح والأعياد تجدني حزينا، أصبحت هشا جدا لأي حدث أو موقف سيء.

أعاني من اضطرابات النوم والقلق ليلا، أصبحت حادا في ردود أفعالي حتى على الأمور البسيطة والتافهة، وأصبحت شديد العصبية، ولا صبر لي على أحد، أفكر في تفاصيل الأمور الدقيقة التي لا يفكر فيها أحد، أضع دائما العواقب السيئة أمامي، ولا أفكر في أي إيجابيات ممكنة.

أصابني القولون العصبي، فكل شيء آكله يتعبني حتى المسلوق والمشوي، معدتي تؤلمني أحيانا كثيرة ولا سبب طبيا محددا، عندي إمساك دائما، وصداع.

نصحني صديق بتناول أقراص سيبراليكس، أو أقراص مودابكس، وقال: إنها سوف تحسن حالتي هذه، وسوف تغير من حياتي كما غيرت من حياته.

السؤال الآن: هل يمكنني أخذ هذه الأدوية وأنا أتناول قرص كونكور 2.5 صباحا وقرص تارج 160 مساء، مع جوسبرين 81 بعد الغداء يوميا؟ أم أن هذه الأدوية تتعارض مع أدوية السيولة والضغط التي أتناولها؟ وما هي الجرعات المناسبة لحالتي هذه؟

شكرا لكم على حسن تعاونكم، وجزاكم الله كل خير.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد، وأرحب بك في استشارات الشبكة الإسلامية.

أخي: مما سردتَّه توجد مؤشرات أنك تعاني من درجة بسيطة إلى متوسطة ممَّا نسميه بالقلق الاكتئابي، والتفكير السلبي مهيمن عليك - أخي الكريم - والفكر الانتحاري هو فكر بغيض ويجب أن يُقهر ويجب أن يُغلق الباب أمامه تمامًا، قال تعالى: {ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيمًا}.

أخي الفاضل: قبل أن أتكلم عن العلاج الدوائي أريدك أن تُبدِّل أفكارك، تسعى لذلك دائمًا، أي فكرٍ سلبي يُوجد مقابله فكر إيجابي، وحين نتمعن في الفكر الإيجابي نجده فكرًا عظيمًا جدًّا، فاحرص على استبدال أفكارك، وحتى المشاعر - أخي الكريم - يمكن أن تُبدَّل، وذلك من خلال الإصرار على الإيجابية، وأن لا يقبل الإنسان أي شعورٍ يأتيه، وأن يعيش الإنسان دائمًا على الأمل والرجاء، وتُفوض أمرك إلى الله وتتوكل عليه، وتحرص على ما ينفعك، وتستعين بالله ولا تعجز.

أخي الكريم: الأفعال علاج مهم جدًّا للاكتئاب، أن أجبر نفسي على القيام حتى ولو بالحد الأدنى من الواجبات الاجتماعية، مهما كان فكري، ومهما كان شعوري سالبًا، مَن يفعل، مَن يُنجز ضد رغبته ومشاعره، يشعر بمردودٍ إيجابي نفسي عظيم، أنْ أُصِرّ أن أذهب إلى عملي، أن أُصِرّ أن أؤدي صلواتي في وقتها في المسجد، أن أُصِرّ أن أصل رحمي، أن أُصِرّ أن أرفِّه عن نفسي، أن أصر أن أمارس الرياضة، هذه - يا أخي - علاجات مهمّة، وعلاجات عظيمة جدًّا، لا أريدك أبدًا أن تجهلها.

العلاج الدوائي مكمِّل، وأقول لك: السبرالكس هو أفضل، دواء أجمل، دواء سليم جدًّا، ولا يتفاعل مع أي دواءٍ آخر، والجرعة - أخي الكريم - حسب الحالة وشدتها، البداية أنا أنصح في مثل حالتك أن تبدأ بخمسة مليجراما، تتناولها يوميًا لمدة عشرة أيام، بعد ذلك اجعلها عشرة مليجراما يوميًا لمدة شهرٍ، ثم اجعلها عشرين مليجرامًا يوميًا لمدة شهرين، ثم اجعلها عشرة مليجراما يوميًا لمدة ثلاثة أشهر، ثم خمسة مليجراما يوميًا لمدة شهرٍ، ثم خمسة مليجراما يومًا بعد يومٍ لمدة أسبوعين، ثم تتوقف عن تناول الدواء.

أخي: اتباع هذه الجدولة وكيفية تناول الدواء هي الطريقة الصحيحة، والجرعة التي وصفناها لك، جرعة البداية دائمًا صغيرة، ثم بعد ذلك الجرعة التمهيدية - وهي عشرة مليجرام - ثم الجرعة العلاجية - وهي عشرين مليجرامًا - ثم الجرعة الوقاية، وهي - عشرة مليجراما - ثم جرعة التوقف التدريجي - وهي خمسة مليجراما -.

أرجو - أخي الكريم - أن تتبع هذه المنهجية العلمية، و-إن شاء الله تعالى- تجد كل الخير من هذا الدواء، وأؤكد لك سلامته، وأنه لا يتفاعل سلبًا أبدًا مع الـ (كنكور) أو الـ (تارج) أو الـ (جوسبرين) التي تتناولها، دواء ممتاز.

هذا الدواء حتى مع أدوية السيولة لا يتعارض كثيرًا، وهذه أحد مميزاته، مع أدوية الضغط أيضًا لا يتعارض، فهو دواء نقي، نقي جدًّا، من آثاره الجانبية أنه قد يزيد الوزن قليلاً لدى بعض الناس، كما أنه قد يؤخر القذف المنوي قليلاً عند المعاشرة الزوجية، وأنا أرى أنه لديك سؤال سابق حول سرعة القذف، فربما يكون مردوده إيجابيًا بالنسبة لك، والدواء لا يؤثر أبدًا على احتقان البروستاتا، أو قوة تيار البول.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، ونشكرك على الثقة في إسلام ويب.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً