الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الزواج من فتاة متبرجة

السؤال

السلام عليكم!

شاب مسلم ملتزم من المغرب، مضى من عمري 27 سنة، وأعمل في مقهى أنترنت ولصالح شابة مسلمة، لكنها لا ترتدي الحجاب، وتتبرج، وأبواها صالحان، وكذلك أخواتها وإخوانها، ورأيت أن أتقدم للزواج منها على أساس أن أقودها لرضا الله!

تحدثت معها في موضوع الزواج، ولكنها لم تقرر، حيث طلبت استخارة الله في الأمر، ولكني أجد نفسي وقلبي يصارعانني! وفي الآونة الأخيرة قررت أختي أن تدعوني للعمل معها في محل مماثل، ولكني وجدت نفسي تميل للفتاة، ولا أجد تفسيرا لهذا الأمر، حتى إني استخرت الله عدة مرات بشأن طلب الزواج من الفتاة، وأحس برغبة قوية في الزواج منها لغرض إصلاحها ومساعدتها على الرجوع إلى الحق!

إخوتي، الفتاة وحيدة، وليس لها من يقف معها، أو يكون في جانبها من أجل مساعدتها، وكل من حولها ذئاب! حتى إن أخت زوجة أخيها كانت تسكن معها في المسكن الذي فيه المحل حاولت أن تسحرها؛ ولأجل ذلك أخشى أن تصاب بمكروه بسبب الابتعاد عنها! إني ـ والله ـ أفكر في الابتعاد، لكن أمرها يشغلني؛ ليس عاطفيا، ولكن رحمة بها، وخوفا أن تقع في مكروه. وتعرفون خطورة الأوضاع في مجتمعنا!

أفيدوني في أقرب وقت؛ لأني أصارع الوقت، والشيطان، والناس، ووالدي، وأختي، وزوجها، وكلهم يقولون لي: دعها وشأنها!

علماً أني قد تحدثت مع والدتي في أمر الزواج من هذه الفتاة، ووالدتي ليس لها مانع سوى أنها تقول بأنها لا تريدها متبرجة، وأنا من جهتي أحب أن أصلحها من كل الجوانب، فهل أنا مخطئ؟ وهل ترون لي عذراً أو سببا؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الابن الفاضل/ GFSD حفظه الله!
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد،،،

فنسأل الله أن يقدر لك الخير ويسدد خطاك، ويلهمنا جميعاً رشدنا ويعيذنا من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا.

فنشكر الله لك هذه الرغبة في الإصلاح والخير، ونسأل الله أن يصرف قلوبنا إلى طاعته، وأن يرزقنا الثبات حتى الممات! إذا كنت ملتزما ومتمسكا بالإسلام فسوف يسهل عليك الإصلاح، وإلا فإن المهمة ليست ميسورة.

وإذا انتقلت للعمل مع أختك، وتيسر لك أمر الزواج منها لإصلاحها، فقد تكون النتائج أفضل حتى لا تشعر مستقبلاً بأن الحاجة دفعتك للعمل عندها، وقد تشعر هي أيضاً بأنك مجرد موظف عندها، وهذا كله لا يعين على الإصلاح، كما أن العمل مع أختك في الوقت الحالي يعينك على مراعاة الضوابط الشرعية في التعامل، وصيانة عرض أختك بوجودك إلى جوارها.

على كل حال الموضوع يحتاج إلى دراسة متأنية وعميقة، وعليك بأن تنصح لها وتبين لها المخاطر التي تحيط بها، وذكرها بأن طاعتها لله وذكرها له، وحرصها على حجابها هو الذي يحفها من كل سحر وشر وبلاء وفتنة، وأكثر لها من الدعاء؛ لعل الله يأخذ بيدها ويردها إلى صوابها!

وننصحك بالاهتمام برأي والديك وأختك، فلا شك أنهم حريصون على مصالحك، وربما ظهرت لهم جوانب خافية عليك، وإذا عزمت على الأمر، فاجتهد في إقناعهم، وعليك باحترامهم، وحمل ملاحظاتهم على المحمل الحسن، واجعل هذه المناقشات أسرارا خاصة بكم، ولا تخبر الفتاة إلا بالجوانب الإيجابية حتى لا تمتلئ نفسها بالآثار السالبة تجاه أسرتك؛ لأن هذا يعقد الأمر، ويجعل استمرارك معها في العمل أو اتخاذها زوجة بعيد المنال.

ومن الضروري أن تقف على مدى استعدادها للإصلاح، وهل لديها صديقات صالحات؟ وهل البيئة تساعدها على العودة!؟ ولماذا هي متبرجة مع صلاح أسرتها كما هو واضح!؟ وهل عندها شبهات حول الحجاب؟ أم هي مجرد غفلة؟ وكيف كان تاريخها السابق؟ وهل تتأثر حين تنصح؟ ولعل الإجابة على هذه الأسئلة تعينك بعد توفيق الله على الوصول إلى الصواب!

وأنت ـ بإذن الله ـ محسن ومصيب، ولكننا ننصحك بدراسة الأمر من كافة الجوانب، والحرص على مواصلة النصح لها في كل الأحوال، واعكس لها الصورة الحسنة لأهل التدين والصلاح! وكن مثالاً للمؤمن الصادق الأمين الذي يحرص على طاعة الله ويصون الأعراض ويحترم المشاعر، وإذا حصل منك هذا فقد ترغب هي فيك، وتخطب فيك خلق المسلم وصدق المؤمن، فإن النفوس فطرت على حب الخير، وأهله، وقد خطبت خديجة رضي الله عنها في رسولنا صلى الله عليه وسلم صدقه وأمانته وخلقه، فأرسلت من يعرض عليه الزواج منها.

واحرص على أن تصلي صلاة الاستخارة! بل وتكررها إذا لزم، ونسأل الله أن يقدر لك الخير حيث كان وأن يرضيك به! وحق لنا أن نفخر بشاب صالح في نفسه مصلح لغيره.

وفقك الله وسدد على طريق الخير خطاك، وثبتنا على دينه وإياك! والله ولي التوفيق!

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً