الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مبتلاة بأمراض نفسية ومس شيطاني، فما العلاج لحالتي؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

جزاكم الله عنَّا خير الجزاء، وبارك الله فيكم.

أنا فتاة في العشرينات في عمري، ومبتلاة بابتلاء شديد، ومس عاشق هتك ودمر شرفي، وشوَّه سمعتي، وأنا ضعيفة لا أستطيع تحمل العلاج، بسبب أني مصابة بالأمراض العقلية، والوسواس القهري، ومرض ثنائي القطب، وفرط النشاط، وقلة الانتباه، وأتناول الأدوية، ولا أحتمل أذى الشياطين، فبماذا تنصحوني؟

وجزاكم الله كل خير.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ هدن .. حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك -أختنا الفاضلة- مجددًا عبر استشارات إسلام ويب، ونشكر لك تواصلك معنا بهذا السؤال.

لاحظت -أختي الفاضلة- أنك كتبت في خانة العمل أنك كنت طالبة، ولا شك أن تركك للدراسة ربما كان بسبب ما ذكرتِ في رسالتك من إصابتك بالعديد من الأمراض؛ فقد ذكرت الوسواس القهري، واضطراب ثنائي القطب، وفرط الحركة، وتشتت الانتباه، وأنك تتناولين الأدوية النفسية.

بالنسبة لشقٍ من سؤالك فقد أجابكِ عنه في سؤالٍ سابقٍ لك الشيخ الفاضل الدكتور/ أحمد الفرجابي -حفظه الله- ولكني سأركز معك في سؤالك هذا على الجانب النفسي.

أختي الفاضلة: طلبت أن ننصحك وأن نرشدك لما فيه صلاح أمرك، وهنا أنصحكِ بالمتابعة القريبة مع الطبيب النفسي المشرف على علاجك؛ فما ذكرت من وسواس قهري، واضطراب ثنائي القطب، وفرط الحركة، وتشتت الانتباه، كل ذلك يحتاج إلى متابعة قريبة، بحيث يتأكد الطبيب من الأدوية النفسية الموصوفة لك، والجرعة مناسبة؛ لأنه قد يضطر إلى زيادة دواء، أو إيقاف دواء، وأنت لم تذكري لنا في سؤالك أسماء تلك الأدوية، المهم أنه يجب أن تتابعي مع الطبيب النفسي الذي يتابع حالتك ويشرف على هذه الأمور.

وأيضًا أنصحك بأن تحدثيه عندما تقابلينه في المرة القادمة بكل الأعراض والمشاعر التي تشعرين بها، ليساعدك ويوجهك، فالاستشارة عن بُعد تبقى استشارةً عن بعد، وكما يقال: (من رأى ليس كمن سمع)، فأرجو أن تراجعي عيادة الطب النفسي؛ بحيث يراجع معك الطبيب الحالة النفسية، ويحدث معك عن كل مخاوفك وما يقلقك؛ فبعض الأعراض التي ذكرتها في سؤالك هذا -والأسئلة السابقة- إنما هي نتيجة للحالة النفسية التي تعانين منها.

أدعو الله تعالى لكِ بتمام الصحة والعافية، وأن تفكري في أن تعودي إلى الدراسة، أو تمارسي أمرًا آخر يملأ وقتك بشكل مناسب، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
_____________________________________
انتهت إجابة الدكتور / مأمون مبيض، استشاري الطب النفسي.
وتليها إجابة الدكتور الشيخ/ أحمد المحمدي، الاستشاري التربوي والشرعي.
_____________________________________
أهلًا بك -أختنا الكريمة- في موقعك إسلام ويب، وإنا نسأل الله أن يصرف عنك شر كل ذي شر، وأن يعافيك، وأن يشفيك، إنه جواد كريم.

نحن نُقدِّر ما أنت فيه من ألم وهم -أختنا الكريمة- ونحب أن نؤكد على عدة أمور بجانب ما تفضل به الدكتور مأمون من إرشادات شديدة الأهمية:

أولًا: الجن والساحر والسحر والعين والعائن والحسد والحاسد؛ كل هؤلاء مجتمعين لا يملكون من أمرهم شيئًا، بل لا يقدرون أن يفعلوا شيئًا لم يأذن به الله، فلا تتحدثي بهذه النبرة الانهزامية -أختنا الكريمة-.

الجن أضعف ممَّا تتصورين أو تتخيلين، وقد أخبرنا الله عز وجل أنه ليس له سلطان على الذين آمنوا وعلى ربهم يتوكلون، ولكن المشكلة تكمن في تضخيمنا نحن لأمرهم، وتعظيمنا لقدراتهم، وأن لهم تأثيرًا كبيرًا وسلطانًا مبينًا، وهذا كله وهم (أختنا) فهؤلاء لا سلطان لهم البتة على المؤمنين، ولا يملكون إلَّا الوسوسة، ومن قولهم: {إن الله وعدكم وعد الحق ووعدتكم فأخلفتكم وما كان لي عليكم من سلطان إلَّا أن دعوتكم فاستجبتم لي فلا تلوموني ولوموا أنفسكم ما أنا بمصرخكم وما أنتم بمصرخي إني كفرت بما أشركتمون من قبل إن الظالمين لهم عذاب أليم} [إبراهيم:22]

فانتبهي لقول كبيرهم: (وما كان لي عليكم من سلطان)، واستحضري قول الله تعالى: {إنه ليس له سلطان على الذين آمنوا}، تدركين ساعتها أننا نحن من نضخم أمرهم، والحق أن العبد المتصل بالله المتحصن بالذكر لا يقدر الشيطان ولا أعوانه جميعًا على إلحاق ضرر به.

ثانيًا: أداء الفرائض في أوقاتها، وكذا النوافل، مع المحافظة على أذكار الصباح والمساء والنوم؛ من أنفع الأدوية.

ثالثًا: تحصين البيت بالأذكار، وقراءة القرآن، وخاصة سورة البقرة كل ليلة، فقد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (لا تجعلوا بيوتكم مقابر؛ إن الشيطان ينفر من البيت الذي تُقرأ فيه سورة البقرة). رواه مسلم، ورواه الترمذي بلفظ: (وإن البيت الذي تُقرأ فيه سورة البقرة لا يدخله الشيطان). ورواه ابن حبان بلفظ: (فإن الشيطان ليفر من البيت يسمع سورة البقرة تقرأ فيه)، ومعنى (لا تجعلوا بيوتكم مقابر) يعني: لا تتركوا بيوتكم خالية من تلاوة القرآن، بل اقرؤوا في بيوتكم القرآن؛ فإن كل بيت لا يُقرأ فيه القرآن يشبه المقابر في عدم قراءة القرآن.

يقول ابن عثيمين في شرح رياض الصالحين: "يعني إذا قرأت في بيتك سورة البقرة فإن الشيطان يفر منها، ولا يقرب البيت، والسبب أن في سورة البقرة آية الكرسي". وعليه فاعلمي -أيتها الفاضلة- أن سورة البقرة متى ما قرأت في مكان فر منه الشيطان.

رابعًا: المحافظة على الرقية الشرعية وهي مكتوبة بكاملها في موقعنا، ولا يشترط راقٍ، بل أفضل راقٍ للإنسان نفسه، وسورة الفاتحة من أنفع ما يقرأ لما تضمنته هذه السورة العظيمة من إخلاص العبودية لله، والثناء عليه عز وجل، وتفويض الأمر كله إليه، والاستعانة به، والتوكل عليه، وسؤاله مجامع النعم، ولما ورد فيها من نصوص خاصة بها.

افعلي هذا (أختنا) مع الدعاء لله عز وجل بالشفاء، وإن شاء الله تجدين تحسُّنًا في حالتك، ونسأل الله أن يحفظك وأن يرعاك، والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً