الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أخاف من هبوب الرياح وما ينتج عنه من أصوات، فهل ذلك طبيعي؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا أخاف من الرياح والأصوات التي تصدرها النوافذ، وكذلك الأصوات الناتجة عن الأشياء الموجودة على السطح بسبب الرياح، ودائمًا أراقب الأشجار والملابس التي يعلقها الآخرون على الأسطح، لأتأكد إن كان هناك ريح أم لا، حيث ينتابني خوف في صدري وقلبي، وأشعر بالغم والهم، وتراودني فكرة أن الرياح قد تسبب أشياء سيئة، كأن تُسقط المنزل.

ورغم علمي بأن الريح جند من جنود الله، وأن ما يصيبنا من مصيبة إنما تكون بإذن الله، وأنه لن يحدث شيء سيء، إلا أنني أعود للخوف مجددًا!

فكرت أن هذا الخوف ربما يعود سببه إلى حدوث شيء في فترة طفولتي؛ لأنني كلما حاولت التخلص منه بالاستعانة بالله، ومواجهة نفسي، أجد أنني أخاف مرةً أخرى عندما تهب الرياح مجددًا.

كما أنني وجدت حديثًا للرسول -صلى الله عليه وسلم- يظهر فيه خوفه عند رؤية الغيم، أو الريح؛ خشية أن يكون فيها عذاب، وحديث آخر يظهر فيه النبي يمشي ذهابًا وإيابًا، رغم أنه يعلم أن الله تعالى لن يهلك قومه.

وأشعر أن هذا الحديث قد يكون عائقًا أمام تخلصي من هذا الخوف، وأتساءل: هل عليّ أن أتخلص من هذا الخوف، أم أن وضعي طبيعي؛ لأن الرسول -صلى الله عليه وسلم- كان يخافه أيضًا؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ مروة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك -أختنا الفاضلة- عبر استشارات إسلام ويب، ونشكر لك تواصلك معنا بهذا السؤال.

إن الخوف -أختي الفاضلة- هي حالة نفسية مفيدة جدًّا؛ لأنه من خلال الخوف من الخطر نستطيع أن نتجنب هذا الخطر، أو مضاعفاته، فما الخوف فينا إلَّا ليحمينا، لا ليزيدنا قلقًا وارتباكًا؛ فعندما يواجه الإنسان موقفًا صعبًا يحتمل أن يُسبب المخاطر، يأتي الخوف ليجعلنا نتخذ الخطوات المناسبة لتجنُّب هذا الأمر الذي قد يكون مزعجًا أو مؤذيًا، ولكن كالعادة ما زاد عن حدِّه انقلب إلى ضده.

أختي الفاضلة: ليس من الطبيعي أو المطلوب مِنَّا أن نعيش في حالة الخوف، وإنما يجب أن يغلب على حياتنا الاطمئنان والتسليم لقضاء الله وقدره، وهذا الاطمئنان، وهذا التسليم يجعلنا نُقْبل على الحياة بهدوء، وهمة، ونشاط لننجز ما نريد تحقيقه في حياتنا.

أمَّا العيش في حالة خوف دائم، فهذا متعب ومقلق، ولا يسمح لنا أن نعيش الحياة التي أرادها الله تعالى لنا.

أختي الفاضلة: نعم نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم- هو قدوتنا، ويعلمنا من خلال بعض المواقف أن نفكِّر، ونتعظ، ونتفاعل مع الأحداث من حولنا، فإذا كانت هناك أحداث من المحتمل أن تُسبب الأذى، فهنا يأتي الخوف ليدفعنا لدفع هذا الخطر، ولكن في الحالات العادية فنحن نعيش حياةً مطمئنةً، نُسلِّم فيها أمرنا إلى الله عز وجل، مع اتخاذ الأسباب كما أمرنا الإسلام.

فإذًا حاولي -أختي الفاضلة- أن تطمئني نفسك بأنها مجرد رياح، والغالب أنها لن تسبب ما تخشينه، وإنما هي رياح تجري بأمر ربها لتأتي بالغمام والمطر، لتكتمل دورة الحياة هذه.

لا أعتقد -أختي الفاضلة- أنك في حاجة إلى زيارة عيادة الطب النفسي، وإنما حاولي أن تطمئني نفسك.

ثانيًا: أن تمارسي بعض الهوايات المفيدة، ومنها الرياضة؛ لأنك في هذا العمر من الشباب، والنشاط البدني أقله المشي يُساعد على الاسترخاء، بالإضافة طبعًا إلى ما لا نستغني عنه، وهو العبادة: من صلاةٍ، وتلاوةٍ للقرآن، وذكرٍ لله عز وجل، بالإضافة إلى الهوايات المفيدة النافعة.

أدعو الله تعالى أن ينزل السكينة على قلبك، ويريحك، ويعينك لتكملي تحقيق أهدافك في هذه الحياة بهدوء واسترخاء.

والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً