السؤال
السلام عليكم
هل يجوز للزوج أن يتحدث إلى والديه عن أن الزوجة ترفض العلاقة الخاصة بينهما، دون أن يناقش هذا الأمر مع الزوجة أولاً؟ علماً بأنها حامل في الأشهر الأولى.
السلام عليكم
هل يجوز للزوج أن يتحدث إلى والديه عن أن الزوجة ترفض العلاقة الخاصة بينهما، دون أن يناقش هذا الأمر مع الزوجة أولاً؟ علماً بأنها حامل في الأشهر الأولى.
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سهى حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحباً بك -أختنا وابنتنا الفاضلة- في الموقع، ونشكر لك الاهتمام والحرص على السؤال، ونسأل الله أن يُقدِّر لك الخير، وأن يُصلح الأحوال، وأن يعين زوجك على فقه هذه الشريعة، فإنها دين الجمال والكمال.
لا يخفى عليك وعلى زوجك أن المحافظة على أسرار الحياة الزوجية مطلب شرعي، وخاصةً هذا السر الذي لا ينبغي أن يتحدث فيه الناس خارج إطار الحياة الزوجية، فعلى زوجك أن يتفاهم معك في هذا الموضوع، وعليك أيضًا إذا رفضت العلاقة الزوجية أن تبيني له أسباب هذا الرفض، لأن الرجل يحتاج إلى أن يعرف أسباب الرفض، هل أنت متعبة؟ هل معاناة الأشهر الأولى في الحمل تنعكس عليك وتؤثر عليك؟ كلُّ ذلك ينبغي أن يُدار فيه الحوار مع الزوج.
نحن ندعو بناتنا إلى أن تقوم بهذا الواجب الشرعي، إذا طلبها زوجها لفراشه بألَّا تتردد في طاعته، لوجود التحذير الكبير من العناد في هذا الأمر، لقول النبي ﷺ: (إِذا دَعا الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ إلى فِرَاشِهِ فَأَبَتْ، فَبَاتَ غَضْبَانَ عَلَيْهَا، لَعَنَتْها المَلَائِكَةُ حَتَّى تُصْبِحَ)، وقال: (إِذَا بَاتَتِ الْمَرْأَةُ مُهَاجِرَةً فِرَاشَ زَوْجِهَا، لَعَنَتْهَا الْمَلَائِكَةُ حَتَّى تَرْجِعَ).
نحب أن نؤكد أن ما حصل من زوجك غير صحيح، ولكن نحن لا نُعالج الأخطاء بالأخطاء، إنما نعالجها بالتفاهم وبالتعاون، وبالحرص على مناقشة هذه الأمور في إطارها الصحيح، ومكانها الصحيح، بل نريد أن نقول: حفظ الأسرار من الواجبات المشتركة، واجب على الزوجة أن تحافظ على أسرار زوجها، وواجب على الزوج أن يحافظ على أسرار زوجته، وأخص الأسرار هي الأسرار المتعلقة بالعلاقة الخاصة، علاقة الفراش.
إن كل ما تكره الزوجة إظهاره من الأمور الخاصة بينها وبين زوجها؛ لا يجوز للزوج إظهاره ولو لوالديه، وكل ما يكره الزوج أن يظهر خارج بيت الزوجية؛ لا يجوز للزوجة أن تظهره، لأن إظهار هذه الأسرار له انعكاسات سلبية على الحياة الزوجية، ونرجو أن تتجاوزا هذه الصعوبات، وأرجو أن يكون في هذا درس نتفقه منه جميعًا، وأن تمضي الأسرة في السعادة، وأن نُعالج أخطاء بعضنا بالحكمة والطريقة المناسبة، ولا نعالج الأخطاء بأخطاء مثلها.
النبي -عليه الصلاة والسلام- أدبنا عندما تكلم عن رجل يُحدِّث الناس بما يحدث بينه وبين زوجته، عندما سألهم فقال: (لعلَّ رجلاً يقولُ ما فعلَ بأهْلهِ، ولعلَّ امْرأةً تُخبِرُ بِما فعلَتْ معَ زوْجِها) فأرَمَّ القومُ -يعني خجلوا وسكتوا- والنساء أيضًا سكتن، فقامت فتاة وتطاولت كأنها جلست على ركبها، وتطاولت ليراها النبي ﷺ، فقالت: (إيْ والله يا رسولَ الله! إنَّهم لَيفْعلون، وإنَّهُن ليفْعَلْنَ)، فقال: (فلا تَفْعلوا، فإنَّما مثلُ ذلك شيطانٌ لِقيَ شَيْطانَة، فغَشِيَها والناسُ يَنْظُرونَ) وفي رواية: (فلا تَفْعَلوا، فإنّمَا مثلُ ذلك مثلُ شيْطانٍ لقِيَ شيطانَة على قارِعَةِ الطريقِ، فَقَضى حاجَتَهُ مِنْها، ثُمَّ انْصرفَ وتَرَكها).
الشريعة تقبِّح الحديث عن هذه العلاقة الخاصة جدًّا بين الزوجين للآخرين، وهذه الخصوصية لا توجد إلَّا بين الزوج وزوجته، فلو أن امرأة ماتت لا يجوز أن يُغَسِّلها من الرجال أحد إلَّا زوجها، والرجل لا يجوز أن تغسله من النساء إلا امرأته، وهذا دليل على أن الخصوصية والأسرار بين الزوجين مستمرة في الحياة، وحتى لحظات دخولها إلى قبرها.
لذلك نرجو أن يحافظ الزوجان على الأسرار، ونرجو أيضًا أن تتعاوني مع زوجك في إعطائه حقه الشرعي، أو في حُسن الاعتذار له، إذا كان هناك ظرف يمنعك من ذلك، ونسأل الله لنا ولكم التوفيق والسداد.