الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أرغب في الزواج من فتاة أسلمت حديثًا، فما نصيحتكم؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا شاب عربي عمري 27 سنة، ومستعد للزواج ماديًا ومعنويًا -الحمد لله والشكر لله-، وضعت إعلانًا في الإنترنت محتواه: أني أبحث عن فتاة ملتزمة، وترغب بالزواج التقليدي وتكوين عائلة في بلدي المسلم.

راسلتني فتاة أجنبية قاصر وتمتلك المواصفات المطلوبة، عمرها 15 سنة، وهي من بلد غير مسلم، ونتواصل بالإنجليزية، قالت: أنا أسلمت بعد دراستي عن الإسلام مؤخرًا، وترغب بالهجرة إلى بلاد الإسلام والزواج لتكوين أسرة، وحتى تتجنب المواعدة، ولأن والدها سيطردها من المنزل إذا أسلمت، ولكن أمها تدعمها في قرارها، والدها لا يعلم أنها أسلمت في الخفاء؛ لذلك تخفي حجابها وقرآنها وسجادتها تحت سريرها؛ خوفًا من والدها الذي يكره الإسلام بسبب إعلامهم الفاسد.

الفتاة تخطط إلى زيارة بلدي في السنة القادمة بنية التعارف والخطبة، وحتى ترى كيف نعيش، وتُقَرِّرْ بعد ذلك، أَكَّدْتُ لها أنه لا يجوز الدردشة لغير الضرورة، والسفر بمفردها كذلك، وأنني سأدفع ثمن التذاكر لها ولأخيها ليأتي معها أيضًا.

1- كيف أتواصل مع هذه الفتاة بالحلال لتجنب المحرمات؟ عِلْمًا أني أرسل لها بعض الكتب عن الإسلام والسنة بشكل أسبوعي؛ لتتعلم أمور دينها.

2- كيف أخطبها وهي قاصر، على الرغم من أن كل أفراد عائلتها كفار؟

3- كيف أتجنب الوقوع في الحرام حين تأتي إلى بلادي في المرة الثانية للزواج، عندما تبلغ 18 سنة -لأني أنوي الزواج بها في هذا العمر-؟ علمًا أنها تحتاج لسفر طويل وانتقال من مدينة إلى أخرى بسبب إجراءات الزواج المختلط، ففكرت بأن يكون أبي هو محرمها.

حائر وأريد التوجيه، هناك الكثير من الشائعات تقول: إنه ليس هناك بنت أحسن من بنت بلدك؛ لأن الفتاة الأجنبية قد ترتد عن الإسلام بعد حين، خصوصًا عندما ترى الناس هنا غير ملتزمين بالدين.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -ولدنا الحبيب- في استشارات إسلام ويب.

أولًا: نسأل الله تعالى أن يُوفقك ويُقدّر لك الخير حيث كان، ويرزقك الزوجة الصالحة.

ثانيًا: نشكرك -ولدنا الكريم- على شعورك بحاجة هذه الفتاة إلى الإعانة والتثبيت على الإسلام، ونسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعلك مفتاحًا للخير مغلاقًا للشر، وأن يُجري الخير دائمًا على يديك، ونحن على ثقة من أن قصدك الحسن هذا، ونيتك إعانة من يحتاج إلى إعانة على عبادة الله وتوحيده، نحن على ثقة من أن هذه النية وهذا القصد لن يضيع عند الله تعالى، فسيجعله بإذنه مفتاحًا لسعادتك وتيسير أمورك، فإن الله تعالى لا يضيع أجر من أحسن عملًا.

ثالثًا: بالنسبة لكيفية التعامل مع هذه الفتاة -أيها الحبيب- وبخصوص الأسئلة التي أوردتها أنت، نقول: أمَّا كيفية التواصل مع هذه الفتاة بشكل حلال وتجتنب فيه المحرمات: فأفضل طريقة لذلك أن تدع التواصل للنساء من محارمك، فننصحك بأن تستعين بالنساء من أقاربك، كأخواتك، وأمك، وخالاتك، ونحو ذلك، وتدلهم على هذه الفتاة، ومن خلالهنَّ تستطيع أن تُوصل لها ما تحتاجه عن الإسلام، ويمكن أيضًا التكلُّم معها من خلالهنَّ عن ترتيب الزواج، وتنظيم الزواج إذا رغبت في ذلك، ويسره الله تعالى، وقُدِّر لك.

وأمَّا كيفية خطبتها، فالخطبة هي طلب المرأة للنكاح، ويمكن أن تُخطب المرأة إلى نفسها من حيث الخطبة، وأمَّا عقد الزواج فهي: إذا أراد الله تعالى لك أن تتزوج بها وجاءت بالفعل إلى بلدك، فحينها سترفع أمرها إلى القاضي الشرعي والمحكمة الشرعية في بلادك، وسيتولى القاضي تزويجها، فالأمر سهل ويسير.

أمَّا كيفية تجنب الوقوع في الحرام، عندما تأتي بالفعل إلى بلدك، فينبغي لك أن تتخذ الطريقة نفسها، بحيث تجعلها مع رفقة مأمونة من النساء في تحركاتها، هذه هي الحلول الشرعية للمشكلات الثلاث التي طرحتها أنت.

أمَّا عن الموضوع الأخير، وهو هل الأفضل أن تتزوج بهذه الفتاة، أو أن تُعرض عنها وتتزوج بفتاة أخرى من بلدك؟ فهذا في الحقيقة أمر يحتاج إلى موازنة دقيقة ومقارنة صحيحة، ومعرفة حقيقية بهذه الفتاة وبمدى تدينها، فهي بالفعل إذا أسلمت، وكانت تفرّ من أهلها وتريد البقاء في بلاد إسلامية لتحافظ على دينها، وظهرت عليها علامات الصلاح والخيرية والاستقامة، من خلال المحافظة على الدين، فهي كغيرها من بنات بلدك، وأمَّا كونها سترتد بعد ذلك، فهذا أمر يعلمه الله تعالى، فقلوب العباد بين إصبعين من أصابع الرحمن.

وتبقى بعد ذلك المقارنات الأخرى، كمدى القدرة على الانسجام مع مجتمعك، وكونك أنت عضوًا من محيطك ومجتمعك الذي أنت فيه، ومنسجمًا مع أسرتك الكبيرة، فهذه الأمور ينبغي أن تراعيها أيضًا، لأن فيها آثارًا على الأولاد بعد ذلك، من الأبناء والبنات، وآثارًا على استقرار حياتك.

فإذا شجعك أهلك ورأوا أن في اختيارك لها توفيقًا، وقبلوها وسط الأسرة، فلا نرى مانعًا أبدًا من أن تتزوج بها، بل ربما كانت خيرًا لك من فتاة تقل عنها في أوصافها الدينية، وإن كانت من بنات بلدك. فينبغي إذًا أن تُقارن في هذا كله، وأن تستحضر هذه المعايير أثناء مقارنتك، وأن تستشير العقلاء من قراباتك، وتستخير الله سبحانه وتعالى، وتمضي لما ييسره الله تعالى.

نسأل الله سبحانه وتعالى أن يُقدِّر لك الخير حيث كان، وأن يرزقك زوجة صالحة.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات