الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تعبت من هجران صديقتي لي بسبب خلاف حصل بيننا، فما الحل؟

السؤال

السلام عليكم

لقد حصل خلاف بيني وبين صديقة مقربة جداً لي، أو أنه بالأحرى سوء فهم، حاولت الاعتذار منها عدداً لا يحصى من المرات، وحاولت أن نتحدث ونتفاهم، لكن الخلاف تعقد أكثر وأكثر.

هي صديقة لي مثل الأخت، أحبها مثل إحدى أخواتي، وأدعو لها دائماً، وأحب لها الخير أكثر مما أحبه لنفسي، لذا هذا الخلاف الذي فيه خسارة صداقتنا سبب لي كماً هائلاً من الحزن والاكتئاب.

هي مثل أخت لي، ولم أقصد -والله يشهد على ما في قلبي- أن أزعجها أو أن أجعلها غاضبة مني، لكنها الآن لا تجيب على رسائلي، وأصبحت لا تطيق رؤيتي، أصبحت لا تريد صداقتي، مع أن الأمر سوء فهم يسير، واعتذرت منها كثيراً، وأنا مستعدة لأعتذر مجدداً، ويشهد الله على حبي لها في قلبي، وبأني لم أتعمد أن يحصل بيننا هذا الخلاف وسوء الفهم.

حاولت أن أوضحه آلاف المرات، فهل هناك دعاء أستطيع أن أدعو به لكي تسامحني، ونعود صديقتين، أو دعاء يجعل قلبها يلين تجاهي وتستطيع مسامحتي مجدداً؟ هذا الأمر أرهقني جداً، وحزينة جداً بسببه!

أرجو فقط أن تعود صديقتي مثل السابق، وأن تسامحني، فهل هناك دعاء معين أستطيع أن أقوله لإصلاح الخلاف بيننا، ولكي تسامحني تماماً من قلبها، ونسيان الخلاف؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ هداية حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحباً بك -أختي الفاضلة- في استشارات إسلام ويب.

بداية -أختي الفاضلة-: شعورك بهذا الألم، والرغبة الشديدة في إصلاح هذه العلاقة، والندم على الخطأ، هو دليل خير في قلبك، ومن الأعمال الصالحة التي تؤجرين عليها، ولكن تذكري أنه من الطبيعي أن يحدث سوء تفاهم، وبعض الخلافات في العلاقات الإنسانية، خصوصاً عندما تكون العلاقات طويلة ومتينة.

لذلك ننصحك لمحاولة إصلاح هذه العلاقة بالتالي:
أولاً: المزيد من الضغط أثناء شدة الخلاف قد يعطي نتائج عكسية، ففي اللحظات التي يحدث فيها الخلاف تكون النفس في انفعال شديد، وصدمة وتأثُّر، لذلك يُفضل التريُّث قليلاً لتهدئة النفوس، ثم الدخول في حوار هادئ، وشرح الأسباب والمبررات بلطف.

ثانياً: الاستعانة بطرف ثالث للإصلاح، كأن تتدخل أخت تكون محط ثقة ومؤتمنة في حفظ الأسرار، وصاحبة خلق ودين، يمكنها أن تنقل وجهة نظرك إلى صديقتك، وتشرح لها ندمك ورغبك في إصلاح هذه العلاقة.

ثالثاً: صنع المعروف والهدية، يمكن أن تُزيل ما في النفوس من نُفرة وغضب، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (تهادوا تحابوا).

رابعاً: الدعاء أن يغفر لك خطئك في حق نفسك وحق صديقتك، وأن يرقق قلبها لتسامحك في هذا الحق.

أختي الفاضلة: لا يوجد دعاء مخصص للإصلاح بين المتخاصمين، ولكن يمكن الدعاء بالمأثور، بما يتضمن تلك الرغبة في الإصلاح، فالعبرة بقصد القلب وإخلاصه، وقد جاءت بعض الأدعية المأثورة، مثل: (اللهم ألف بين قلوبنا، وأصلح ذات بيننا، واهدنا سبل السلام، ونجنا من الظلمات إلى النور، وجنبنا الفواحش ما ظهر منها وما بطن، وبارك لنا في أسماعنا، وأبصارنا، وقلوبنا، وأزواجنا، وذرياتنا، وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم، واجعلنا شاكرين لنعمك مثنين بها عليك، قابلين لها وأتممها علينا) أخرجه الحاكم، وقال: صحيح على شرط مسلم.

وفقك الله ويسر أمرك.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً