الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كلما تقدمت لفتاة يتم رفضي!!

السؤال

أنا شاب أعزب، عمري 31 عامًا، كلما تقدمت لفتاة أقابل بالرفض، مع العلم أنني ولله الحمد جاهز، ولدي منزل، ولدي عملي الخاص، والناس يقولون لي إننى وسيم جدًا، والحمد لله معروف بين الناس بالسمعة الطيبة، ومع ذلك كلما تقدمت لفتاة، أشعر في البداية بالقبول من أهلها، وبعد فترة أكتشف أنني رفضت، ولا أعلم السبب! إلى أن تقدمت لفتاة، وخطبتها سنة، ثم انفصلنا فعاودت البحث من جديد.

كلما أتقدم لفتاة حتى ولو كانت أقل مني شأنًا، وأقول هذه بالتأكيد ستوافق، أفاجأ بالرفض لدرجة جعلتني أبكي، وأصبحت خجلاً حين أرى أي أحد ولو بالصدفة من الذين تقدمت إليهم، أنظر إلى نفسي في المرآة وأقول: ما الخطأ الذي يجعلهم يرفضونني؟ والناس تعتقد أن أمامي فرصًا كثيرة جدًا، ولكن الحقيقة عكس هذا تمامًا، أنا مؤهلي التعليمى متوسط، فهل هذا هو السبب؟ أم يوجد سبب آخر؟

تذكرت مرة أني تقدمت لفتاة، وأهلها رفضوني، وبعدها بسبعة أيام أفاجأ بخطوبتها لشاب آخر، أقل مني شأنًا في كل شيء.

لدي مشكلة أخرى، وهي أنني كلما أسير في أماكن عامة أشعر أن الناس كلها تنظر إلي، ويتكلمون عني، لدرجة تجعلني أشعر بالتوتر! ما السبب؟

آسف على الإطالة، وأرجو النصح والإرشاد.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عماد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -ابننا الفاضل- في الموقع، ونشكر لك الاهتمام وحُسن العرض للسؤال، ونسأل الله أن يُقدّر لك الخير ثم يُرضيك به، ونحب أن نؤكد لك ونذكّرك بأن هذا الكون ملْكٌ لله، ولن يحدث في كون الله إلَّا ما أراده الله، ونسأل الله أن يضع في طريقك الفتاة التي تناسبك وتُناسبها، في الوقت الذي يُقدّره الله تبارك وتعالى، فلا تنزعج من هذا الأمر، وأرجو أن ننصحك بما يلي:

أولًا: ينبغي أن تُكثر من الدعاء، واللجوء إلى الله تبارك وتعالى.
ثانيًا: ينبغي أن تُراجع الطريقة التي تتقدّم بها، فمن الشباب مَن يتقدّم بنفسه، معزولًا عن أهله، بعيدًا عن آخرين معه، ولذلك الصواب أن يبدأ بالتقدُّم والد أو والدة، وأن تصطحب معك بعض الوجهاء ليتقدّموا نيابة عنك وأنت تكون في صحبتهم، أو تُرسل الوالدة أو الخالة أو العمّة ممن يتكلّمن في شأنك؛ لأن الناس يُدركون أن الزواج ليس بين شاب وفتاة، ولكنه بين بيتين، وبين أسرتين، وبين قبيلتين، وأحيانًا بين دولتين، وسيكون هاهنا أعمام وعمّات، وفي الطرف الثاني أخوال وخالات.

كذلك من الأمور التي ننبّه لها: أرجو ألَّا تُخبر الفتاة بأنك تقدّمتَ كذا ورفُضتَ، وهنا رفضت، وهناك رفضت؛ لأن هذا يجعل الناس يميلون إلى الرفض، بعض الناس إذا رُفض من ثلاثة أماكن، مثل أن يذكر أنه ذهب إلى أهل فلانة ورفضوه، وذهب إلى أهل فلانة والمكان الفلاني ورفضوه، وطلب بنت الجيران، فرفضوه؛ هذا يدعو الرابع هذا إلى أن يرفض أيضًا.

كذلك أيضًا ينبغي أن تقرأ على نفسك الرقية الشرعية، وتحافظ على أذكار الصباح والمساء؛ لأن هذا أيضًا من الأمور المهمة التي لابد أن تهتمّ بها.

أيضًا من المهم أن تعرف أسباب الرفض، ثم تُعيد التواصل مع الموقع، حتى نعرف أسباب الرفض، الذين رفضوا أنت تستطيع أن تعرف لماذا رفضوا، لماذا هذه رفضتْ، فقد يكون فارق السن، وقد يكون فارق العادات والتقاليد، قد تكون هناك بعض الأمور التي يفيد بمعرفتها وضع الخطة المناسبة، ونسأل الله أن يُعينك على الخير.

ونحن على الاستعداد في أن نتابع معك، ونحتاج مزيدًا من التفاصيل، كأن تقول مثلًا: تقدمت في المرة الأولى وأعتقد أن السبب كذا، والمرة الثانية أعتقد أن السبب كذا؛ لأن هذا يكشف لنا الطريقة التي يتفكّر بها مَن تقدّمت إليهم، والأمر أيضًا له علاقة بالبيئة التي أنت فيها، كذلك أيضًا ينبغي أن تُحسّن علاقتك بالناس؛ لأن هذه الأُسر قطعًا تسأل مَن حولك، فاجعل علاقتك مع الناس متميزة، ونسأل الله أن يُعينك على الخير.

أيضًا من المهم جدًّا أن تحرص على الطاعة؛ لأن المعاصي لها شؤمها وثمارها المرّة، وفي الحديث: (إن العبد ليحرم الرزق بالذنب يُصيبه)، فكن مطيعًا لله تبارك وتعالى، وابتعد عن المعاصي، واتق الله، {ومن يتق الله يجعل له مخرجًا ويرزقه من حيث لا يحتسب}، و{ومن يتق الله يجعل له من أمره يُسرًا}، وأكثر من الاستغفار، وأكثر من الصلاة على النبي المختار -صلى الله عليه وسلم-، فإن الأمر بيد الله تبارك وتعالى، ونسأل الله أن يجعل في طريقك مَن تُسعدك وتُسعدها، وتُعينك على طاعة الله وتُعينها.

ختاماً: لا تقلق يا بني، فالأمور مقدرة، ولا تحزن على فوات من أردتها؛ فقد يبحث المرء عن الزوجة ويسعى جاهداً في الحصول عليها، وقد علم الله أن هذه الزوجة لا تناسبه، أو تكون وبالاً عليه ونقمة، فيصرفها عنه سبحانه {وعسى أن تكرهوا شيئاً وهو خيرٌ لكم وعسى أن تحبوا شيئاً وهو شرٌ لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون} فاستعن بالله عند البحث، وأحسن الظن بربك، واسأله أن يختار لك الخير حيث كان ثم يرضيك به.
_______________
انتهت إجابة د. أحمد الفرجابي المستشار التربوي والشرعي، وتليها إجابة د. مأمون مبيض المستشار النفسي.
________________
نرحب بك -أخي الفاضل- عبر استشارات، ونشكر لك تواصلك معنا بهذا السؤال.

أمَّا في موضوع تقديمك للخطبة، ثم رفض الناس مرة وثانية وثالثة؛ فقد أجابك عن هذا الجانب الشيخ الفاضل الدكتور أحمد الفرجابي -حفظه الله تعالى- أجاب وأجاد، ولكن من طرفي ما لفت نظري العبارة الأخيرة التي وردت في سؤالك، والتي تقول أنك عندما تكون في أماكن عامة تشعر بأن الناس ينظرون إليك ويتكلمون عنك، ممَّا يُشعرك بالتوتر.

أخي الفاضل: لعلَّ في هذه النقطة التي ذكرتها في آخر سؤالك ما يفسر رفض الناس لك، أنا أقول هذا من باب الاحتمال فقط، فما ورد في سؤالك يصعب علينا أن نعرف سبب رفض الأُسر لخطبتك، ولكن أقول ربما يكون هذا الأمر الذي ذكرته في آخر سؤالك يفسر ذلك، وهذا من باب أنهم يلاحظون عندما تشعر بأنهم ينظرون إليك، ويتكلمون عنك، لعلهم يُلاحظون توترك، ويقولون ماذا جرى لهذا الشاب، ويتساءلون إن كنت تعاني من مرضٍ نفسي.

لذلك -أخي الفاضل- أنصحك وبشدة أن تُراجع أحد الأطباء النفسيين عندكم في مصر، -وما شاء الله- الأطباء النفسيون في مصر كُثُر، وكثيرٌ منهم من أصحاب الخبرة الواسعة، فلعلَّ الحديث مع الطبيب النفسي يُرشدك إن كنت تعاني من حالة نفسية تحتاج إلى علاج، ولعلَّها تُفسر لك سبب رفض الناس خطبتك، ممَّا يُخرجك من هذا الحرج، وتعزم على ترتيب الأمور بشكل مناسب، بعد أن تسمع من الطبيب النفسي.

أرجو ألا تتأخر أو تتردد في مراجعة الطبيب النفسي، فما خاب من استشار، والرسول (ﷺ) يعلِّمنا فيقول: "تداووا عباد الله"، وهذا التداوي كما هو للأمراض البدنية هو أيضًا للأمراض النفسية، هذا إن وجد المرض النفسي.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً