الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيفية الموازنة بين التعريف بالشخص وعدم الوقوع في الغيبة..

السؤال

كنت في مكان فيه اجتماع للطالبات، وقد سمعتهن يتكلمن عن عدد من المعلمين، فكانت واحدة قد سألت أخرى: لماذا لا تأخذين معه درسًا؟ فبدأت بذكر عيوبه، ولكن شعرت أنها زادت في هذا، فقد وصفته بالمادي، ويهتم بالمال، ولا يستطيع توصيل المعلومة، وغيره.

مع العلم أنه يمكنها إيصال الفكرة دون اللجوء لهذا، فقد تكلمت معهن قليلاً حتى أجعل هناك مساحة للحديث، وبعدها قلت لها أن تنتبه لما تقوله في وصف المعلمين، حتى لا تحتسب غيبة، فسؤالي: هل ما فعلته الفتاة يعتبر غيبة؟ وهل تدخلي كان صحيحًا؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سلمى حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -ابنتنا العزيزة- في استشارات إسلام ويب.
نسأل الله تعالى أن يزيدك هدًى وصلاحًا وتسديدًا وتوفيقًا.
وقد أحسنت -ابنتنا الكريمة- حين نبهت أخواتك وزميلاتك إلى تجنُّب التوسُّع في ذكر عيوب الشخص، لغير غرض شرعيٍّ ممَّا يُبيح ذكره بشيءٍ من عيوبه، وهي بالفعل من الغيبة المحرّمة؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- قد عرَّفنا بالغيبة فقال: (ذِكْرُكَ أخاك بما يكره)، فهذه هي الغيبة المحرمة، أن تذكر أخاك في غيبته بالشيء الذي يكرهه، سواء كان في صفته الخلْقية أو في صفته الخُلقية، أو غير ذلك.

وإنما أباح الشرع ذكر الإنسان بشيءٍ يكرهه بقدر ما تدعو إليه الحاجة في بعض المواضع، وبقدر تلك الحاجة، كالنصيحة لمن يريد أن يتعامل معه، فيذكر ما فيه من العيب بقصد التحذير والنُّصح، وكما قال الشاعر الذي جمع هذه المقاصد كلها فقال:
القدح ليس بغيبة في ستة *** مُتَظَلِّمٍ، وَمُعَرِّفٍ، وُمَحَذِّرٍ
وَمُجَاهِرًا فِسْقًا، ومُسْتَفْتٍ، وَمَن *** طَلَبَ الِإعَانِةِ فِي إِزَالَةِ مُنْكِر

فهذه هي المواضع التي يجوز أن نذكر فيها الإنسان بما يكره، لكن أيضًا بالقدر الذي تُؤدَّى به الحاجة ويحصل به المقصود، أمَّا التوسُّع في ذلك فحرام.

وفي هذه الحالة التي تولّت زميلاتك وأخواتك ذكر هذا الأستاذ بما يكرهه؛ لم تكن هناك حاجة تدعو إلى ذلك، فقد أحسنت أنت في التنبيه، وأحسنت أيضًا في الطريقة والأسلوب؛ فإنك قد بدأت أولًا بالحديث الذي يُؤنّس النفوس، ويُسهّل تقبُّل النصح، وهذا من توفيق الله تعالى لك، وحُسن تدبيرك.

نسأل الله تعالى بأسمائه وصفاته أن يزيدك هدًى وصلاحًا.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً