الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

عقلي مشغول باختلاق أشياء لم تحدث، فكيف أتخلص من ذلك؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا طالب أدرس في كلية التمريض، ولدي أكثر من مشكلة: إدمان الإباحية، والعادة السرية التي أثرت علي بشكل كبير، ووصلت بسببها للتفكير في الانتحار، والآن بدأت في برنامج للتعافي، أسأل الله أن يوفقني به.

أعانى كذلك من إدمان تصفح الأخبار -أخبار العالم الإسلامي السياسية-، ولكن بشكل قهري، وهذا أثر عليّ كثيرًا، وجعلني أشعر بضيق شديد في الجزء الأيسر من الصدر، وخفقان القلب، وربما أعود إلى الإباحية بسبب هذه المشاعر السلبية.

ولدي مشكلة أخرى وهي: مشكلة الهروب من الدراسة للنوم، فأنا أستيقظ لصلاة الفجر، وأقرأ الأذكار، وأجلس لأذاكر، ولكن تأتيني فكرة شديدة في عقلي تطلب مني ترك الكتاب والنوم، فلا أستطيع التركيز، وفي النهاية أذهب للنوم، علمًا بأني لا أرغب في النوم، فتراكمت عليّ الدروس، والامتحانات على الأبواب! علمًا بأن عقلي مشغول دائمًا بالتفكير في أمور لا تهمني، ويختلق سيناريوهات وأحداثًا سيئة، ومشاكل أنها حدثت، وأحاول جاهدًا التوقف عن ذلك، حتى أركز في مهامي وحياتي، ولكن بلا جدوى.

أرجو المساعدة والإرشاد، فأنا أعاني كثيرًا بسبب هذه المشكلات، علمًا في صغري كنت متفوقًا، وأريد أن أكون ناجحًا في ديني ودنياي، لا أريد حياة الفشل والعجز، ولا يمكنني المتابعة مع طبيب نفسي لظروفي المادية، وعدم اقتناع أهلي بالطب النفسي.

جزاكم الله خير الجزاء.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محسن حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك في إسلام ويب.

لا شك -يا أخي- أن التعامل مع الإباحيات والمواقع الخلاعية وخلافه، بل الوصول لدرجة إدمانها، وكذلك العادة السرية، لا شك أن هذا يؤدي إلى خللٍ نفسي كبيرٍ، هو نوع من الاستعباد والإهانة للذات، ويجب أن يفهمه الإنسان على هذه الكيفية، والإنسان يستطيع أن يقلع إذا عرف ضخامة الإثم الذي يقترفه نحو نفسه، ونحو دينه، ونحو أخلاقه.

أيها الفاضل الكريم: أنت منخرط في برنامج التعافي، فأرجو أن تستفيد من كل التوجيهات التي وُجِّهت إليك، ويجب أن تكون صارمًا مع نفسك، وطبعًا عليك اتباع الآتي:
- يجب أن تُغيِّر الكثير من عاداتك.
- يجب أن تُغيِّر صداقاتك.
- يجب أن تكون حازمًا جدًّا مع نفسك في عدم الدخول إلى هذه المواقع.
- يجب أن تنمّي لديك الأعمال الفاضلة، مثل: أعمال الخير، مساعدة الفقراء، الانضمام للجمعيات الخيرية.
- انخرط في برنامج لتحفيظ القرآن الكريم، هذا أيضًا -إن شاء الله تعالى- فيه خير كثير لك.
- مارس الرياضة بصفة منتظمة على مستوى يومي لمدة ساعة.
- ضع لنفسك جدولًا يوميًا لإدارة الوقت، فالفراغ الذهني أو الزمني يضع الناس في المهالك، ويؤدي إلى السلوكيات الغير مقبولة، مثل: مشاهدة المواقع الخلاعية.
- تصور نفسك -يا أخي- بعد 10 سنوات من الآن، أين أنت؟ ما هي إنجازاتك العلمية وإنجازاتك الزوجية وإنجازاتك الإسلامية؟ ضع هذا أمامك -وإن شاء الله تعالى- يكون دافعًا ومحفزًا لك.

بالنسبة للنوم -هذا النوم الذي يأتيك كما تفضلت بعد الفجر- أولًا:
- حاول أن تنام مبكرًا، وأن تُحسِّن صحتك النومية من خلال النوم المبكر.
- ممارسة الرياضة.
- أرجو أن تُغيِّر المكان، تغيير المكان أيضًا قد يساعد الإنسان في أن ينام.
- وعليك بعد الصلاة -صلاة الفجر-، وبعد قراءة الأذكار، عليك بالاستحمام، وتناول كوبًا مركزًا من القهوة، هذا أيضًا يعطيك التحفيز المطلوب، بالمناسبة يمكن أن تذاكر في هذه المدة، أي بعد الاستيقاظ والصلاة والتجهيز، تُذاكر لفترة نصف ساعة إلى ساعة، هذا سوف يُحفزك كثيرًا ويزيد من طاقاتك.

ويا أخي الكريم: لا مانع أبدًا أن تتناول أحد الأدوية الممتازة التي تساعدك على التوقف القهري للإدمانيات، وفي ذات الوقت يعطيك الطاقة والنشاط والتحفيز المطلوب، الدواء هو (فلوكسيتين Fluoxetine)، والذي يسمى تجاريًا (بروزاك Prozac)، ربما تجده في بلادكم تحت مسميات أخرى.

الجرعة المطلوبة في حالتك: تبدأ بـ 20 مليجرام (كبسولة) يوميًا لمدة 10 أيام، ثم تجعلها كبسولتين يوميًا، أي 40 مليجرام لمدة 4 أشهر، ثم اجعلها كبسولة واحدة يوميًا لمدة 4 أشهر، ثم كبسولتين يومًا بعد يوم لمدة شهر، ثم توقف عن تناول الدواء، وهو دواء فاعل وممتاز جدًّا وسليم.

أرجو أيضًا أن تضيف له دواء آخر يعرف باسم: (دوجماتيل Dogmatil)، هذا هو اسمه التجاري، واسمه العلمي (سولبيريد Sulpiride)، تناوله بجرعة 50 مليجرام يوميًا لمدة 3 أشهر، ثم بعد ذلك توقف عن تناوله.

هذه أدوية ممتازة وفاعلة، لكن إن كنت تتناول شيئًا منذ البداية كجزء من برنامج التعافي، ففي هذه الحالة استرشد برأي طبيبك، ولا تتناول الأدوية التي ذكرتها لك.

بارك الله فيك، جزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً