الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

العمر يمضي ولا أتقدم في تحصيل العلم الشرعي.. انصحوني

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا طالب في كلية الهندسة، جامعة الأزهر، ومنَّ الله عليَّ بالالتزام قريباً، لم أكمل الثلاث سنوات، وبدأت أحفظ كتاب الله تعالى منذ سنة ونصف تقريباً، وأتممته -بفضل الله تعالى- بعد نحو ما يقارب 10 أشهر، بفضل المولى -عز وجل-، وأُجَزت فيه، واتجهت لطلب العلم فدرست بعض الأشياء اليسيرة كالأساسيات في العقيدة، مثل الأصول الثلاثة، ولامية ابن تيمية، وبعض الأبواب الفقهية التي تصح بها عباداتي، وبعض السيرة والتزكية، ولكن كل هذا كان عبر الانترنت، ونادراً ما كنت أحضر مجالس علم، وآخذ كتاباً فأنهيه، كما كان يفعل علماؤنا، وهذا ما أسأل عنه.

أشعر أني تائه، ولا أعلم ماذا أفعل؟ ولا أجد بجواري عالماً مثلاً ألزمه، وأنهل من علمه، أو قد يكون يوجد ولا أعلم، ولا أعلم أين أجد، وبسبب دراستي، وعملي، فلا أستطيع السفر لملازمة أحد من العلماء، وكلما بدأت في كتاب عبر الإنترنت لا أنهيه، وسرعان ما أشعر بالملل، ولا أواظب، وأتكاسل.

لكم تمنيت ملازمة عالم أنهل منه وأتأدب بأدبه، ويوجهني، ويعلمني ويؤدبني، وأشعر أن العمر يمضي ولم أفعل شيئاً، وأن أفضل أوقات حياتي في التحصيل تمر أمام عيني مرور الكرام، ولا أستطيع فعل شيء يذكر، ومع ضغط المذاكرة والكورسات المطلوبة مني للكلية أشعر أني محاصر!

أرجوا أن تشيروا عليَّ ماذا أفعل؟ عسى الله أن يجعل الفتح على أيديكم، جزاكم الله خيراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أسامة حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

بارك الله فيك على حرصك واهتمامك بطلب العلم، والالتزام بالدين، ونبارك لك إتمام حفظك لكتاب الله تعالى، فقد أخرج البخاري عن عثمان بن عفان رضي الله عنه مرفوعاً: (خَيْرُكُمْ مَن تَعَلَّمَ القُرْآنَ وعَلَّمَهُ).

من الواضح أن لديك عزيمة قوية وإرادة صادقة للتعلم والتزود من العلم الشرعي، وهذا بحد ذاته نعمة كبيرة من الله، وإليك بعض النصائح التي قد تساعدك في تنظيم وقتك وجهودك وتحقيق أهدافك العلمية والدينية:

1. حدد أهدافك بشكل واضح، مثلاً: حدد الكتب التي تريد دراستها، وحدد جدولًا زمنيًا لإنهائها، قد تبدأ بكتب مختصرة ومبسطة في بداية الأمر.

2. خصص وقتًا يوميًا أو أسبوعيًا ثابتًا لطلب العلم، قد يكون هذا الوقت بعد صلاة الفجر أو بعد العشاء، حسب وقتك وظروفك.
3. هناك العديد من الأكاديميات الإسلامية عبر الإنترنت، التي تقدم دروسًا منتظمة ومنهجية، حاول الالتزام بأحد هذه البرامج.
4. حاول البحث عن علماء أو طلبة علم في منطقتك والتواصل معهم، قد يكون هناك دروس أو حلقات علمية تُعقد في المساجد المحلية، لا سيما أنك في جامعة عريقة معنية بهذا الأمر -جامعة الأزهر-.

5. استغل أوقات الفراغ القصيرة، في مراجعة القرآن، أو قراءة كتاب صغير في العلم الشرعي.
6. حاول دائمًا تذكير نفسك بأهمية العلم وفضل طلبه، وذكر نفسك واستمع كثيراً للآيات والأحاديث التي تحث على طلب العلم، يمكنك الإفادة من مواضيع على النت تتحدث عن هذا الأمر، ستجد طائفة من المقالات على موقع إسلام ويب، ومواقع أخرى، أو تصفح كتباً حديثية مثل كتاب الترغيب والترهيب للإمام المنذري، أو قراءة أدب صبر العلماء على العلم، ككتاب -صفحات من صبر العلماء- للشيخ عبد الفتاح أبو غدة -رحمه الله-.

7. حافظ على مراجعة ما تعلمته سابقًا، لضمان تثبيت المعلومات وعدم نسيانها.

8. حاول الانضمام إلى مجموعة من الأصدقاء الذين يشاركونك نفس الاهتمامات، والرغبة في طلب العلم، فهذا قد يزيد من حماسك والتزامك.

9. احرص دائمًا على الدعاء بأن يفتح الله عليك، وييسر لك طلب العلم، وأن يرزقك الصحبة الصالحة، والعلم النافع، والأهم هو الحرص على الإخلاص في طلب العلم، فقد أخرج أصحاب السنن عن أبي بكر الصديق-رضي الله عنه- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (الشركُ فيكم أخفى من دبيبِ النملِ، وسأدلُك على شيءٍ إذا فعلتَه أذْهَبَ عنك صَغار الشركِ وكباره، تقولُ: اللهمَّ إني أعوذُ بك أنْ أُشرِكَ بك وأنا أعلمُ، وأستغفرُك لما لا أعلمُ).

تذكر أن طلب العلم يحتاج إلى صبر ومثابرة، وأن الطريق قد يكون طويلًا، ولكنه مليء بالخير والبركة.

نسأل الله أن يوفقك ويسدد خطاك، وأن يجعلك من العلماء العاملين.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً