الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تساهل أمي أفسد سلوك أخواتي، فكيف أقومهن؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أبلغ من العمر 23 سنة، ووالداي منفصلان منذ زمن، وأعيش مع أمي وأخواتي الثلاث، وعلاقتي بهن ليست في أحسن حال؛ بسبب خلافات عديدة وإهمال أمي لتربيتهن، وإضاعة نصف الوقت في السفر لرحلات ترفيهية بدون داع، مما نتج عنه العديد من الضرر على أخواتي وأفسدهن، فهن قد يلبسن ملابس كاشفة وغير شرعية، ويخرجن مع صديقاتهن معظم الوقت، ولا يكدن يبقين في البيت، وأحيانًا يرجعن بعد الوقت المسموح به في البيت.

وأسلوب حياتهن هذا لا يتحسن أبداً، بل يسوء مع الوقت، حتى إنهن قد يفعلن أشياء سيئة لا ترضي الله ولا تصلح لهن كفتيات، وتتساهل أمي معهن في المعاملة، وترى أن لا شيء في ما يفعلن.

أما بالنسبة لي: فوالله منذ أن كنت صغيرًا وأنا أنصح وأدعو لهن، وما زلت أدعو لهن بالهداية، ولكن قد يتملكني الغضب كثيرًا؛ بسبب الخوف عليهن، ورغبتي الدائمة في إصلاحهن بدون إساءة، ولكني أفشل، وأصطدم مع أمي بسببهن، حتى تهتم بهن، وكي تأمرهن بالمعروف، وبفعل العمل الصالح، والاحتشام في ملبسهن، وعدم الإسراف والإهمال في أمور دينهن ودنياهن، لكنهن لا يستجبن!

وقد يتملكني الغضب كثيرًا وأصرخ عليهن، ويصل بي الأمر أن أكسر الأشياء من حولي من شدة الغضب عند فعلهن شيئًا خاطئًا، ولكني لا أسبهن، ولا أضربهن، ولا أتعرض لهن.

حتى إني قد جربت اللين كثيرًا في أكثر من موقف يصعب فيه التعامل باللين على الرجل، فلم يستجبن أيضًا! ولم يجدِ معهن هذا الأسلوب نفعًا، وأنا أرى حالهن يتدهور، وأراهن ينعزلن عني ويقاطعنني شيئًا فشيئًا، مع أني والله منذ أن كنت صغيرًا وأنا لا يهمني غيرهن، وأريد لهن الخير أكثر من نفسي، وأُحسن في فعلي، وأتقي الله في تصرفاتي معهن.

وأنا على هذا الحال منذ سنوات عديدة، ولا أعرف كيف أتصرف معهن، وأريد أن تفتوني في أمري، وكيف يكون التعامل مع أهلي؟ وكيف لي أن أصلح علاقتي معهن وهن على هذا الحال؟ وهل أحاسب على تصرفاتهن السيئة إذا كنت آمرهن بالمعروف ولكن لا يستجبن؟ وهل أحاسب على قرارات أمي؟ وما موقفي من ذلك عند الله تعالى؟

وشكرًا جزيلاً، وجزاكم الله خيرًا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبد الوهاب حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أهلًا بك -أخي الكريم- في موقعك إسلام ويب، ونسأل الله أن يكتب أجرك، وأن يبارك فيك، وأن يحفظك، وأن يهدي أخواتك ووالدتك، إنه جواد كريم.

لا شك أننا نستشعر حديثك وألمك، وهذا أمر طبيعي لأخ يحاول الحفاظ على أخواته، ونسأل الله أن يكتب أجرك، وأن يلهمك طريق الصواب.

ودعنا الآن نجيب على أسئلتك سريعًا، ثم ننصحك عدة نصائح:

- الأمر بالمعروف واجب عليك تجاه أمك وأخواتك، ولا يمنعك عدم الانقياد لكلامك من الاستمرار في النصح.
- لا إثم عليك إذا ما فعلن محرمًا ما دمت اجتهدت ونصحت، وذلك أقصى ما عليك.
- ولاية تأديبهن ليست واجبة عليك، بل هي على الوالد والوالدة، ومهمتك هي النصح بالمعروف.

أما نصيحتنا لك، فتتمثل فيما يلي:

1- الاجتهاد في الاقتراب من الأم أكثر، وتحسين علاقتك بها، فهي لا شك تحبك وتحب بناتها ولا ترضى عليك ولا عليهن الضرر، لكنها لا تعلم أبعاد ما تفعل، لذا الاقتراب منها مفيد لها ولأخواتك.

2- لكل إنسان نقاط إيجابية ونقاط سلبية، اجتهد في دعم أي نقاط إيجابية، تحدث مع والدتك وأخواتك حتى تبني بينك وبينهن جسر تعاون، ولو على الحد الأدنى.

3- إنكار المنكر واجب، لكن تقليل الشر هدف مرحلي، فإذا كان التواصل هذا يقلل الشر فأمر محمود يبنى عليه.

4- الاجتهاد في بناء جسر تواصل بين الأخوات والأب، فلا بد أن يكون له دور ولو على الحد الأدنى.

5- الاجتهاد في زيادة معدل الإيمان وتعظيم الله في نفوسهن أمر سيدفعهن ولو آجلًا إلى تغيير سلوكهن.

6- إذا كان لهن من الأقارب خال يحترمنه، أو جد، أو أي شخص من أهل التدين -المهم أن يكون محل احترام بالنسبة لهن-؛ فلا بأس من التواصل معه، وجعل مساحة لوعظهن ونصحهن، ولو بطريق غير مباشر.

وأخيرًا: الاستمرار، وعدم التوقف، مع الدعاء لهن بالهداية، هذا ما يجب عليك، ولا يكلف الله نفسًا إلا وسعها.

نسأل الله أن يحفظك، وأن يسعدك، وأن يهديهن للصلاح، والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً