الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أرهقتني الآثار الجانبية للدواء حتى فكرت في إيقافه، فهل من بديل؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أشكر كل القائمين على هذا الموقع، جزاهم الله عنا خير الجزاء.

مصاب بأعراض البارانويا والوسواس القهري، والطبيب وصف لي: amipride paroxitine، وهو مفيد جدًا من الناحية العلاجية، ولكن الشعور بالخطر يلازمني طوال الوقت، وقد فشلت كل العلاجات السابقة معه، ولكن مشكلة الدواء أنه يسبب لي إمساكًا شديدًا، واحتباس البول، مع بعض الأعراض الأخرى المزعجة.

جربت تناول الخضروات بكثرة؛ لمعالجة الإمساك، ولكن دون جدوى، فما هو العلاج؟ وهل يمكن علاج ما أعانيه دون أدوية؟ علمًا أني أفكر في ترك الدواء.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك في إسلام ويب، ونسأل الله لك العافية والشفاء.

أخي: الأمراض النفسية -أو الحالات النفسية- تتفاوت في أنواعها وحدتها وشدتها، وكذلك مسبّباتها، مرض الـ (Paranoid) أو الشكوك الظنانية، أو الشخصية الزورانية (Paranoid personality disorder)،‏ خاصة إذا كانت تصحبها وساوس قهرية، لا بد لهذه الحالة أن تكون ناتجة من بعض المتغيرات في كيمياء الدماغ، هنالك الكثير من الكلام حول مادة تُسمى الدوبامين، وأخرى تُسمّى السيروتونين.

فإذًا في هذه الحالات نحن نتعامل مع حالةٍ نستطيع أن نقول إن السبب العضوي لعب دورًا فيها، يعني مثلًا حين نتكلَّم عن مرض السكري فلا بد أن نشير بالضرورة إلى اضطراب في إفراز مادة الأنسولين عن طريق غدة البنكرياس، وهكذا -أخي الكريم- تُوجد مراكز ومكوّنات داخل الدماغ تُسمَّى بالموصِّلات والناقلات العصبية، وهذه هي التي تتحكّم في المواد الدماغية التي لها علاقة وثيقة بأمراض الذُّهان، وكذلك الاكتئاب وأمراض الظنانيات والشكوك والوساوس القهرية، وهذه المواد يصعب قياسها أثناء الحياة.

وحقيقةً الآن -الحمد لله تعالى- تُوجد أدوية ممتازة جدًّا لعلاج هذه الحالات، وكما تفضلت: فإن عقار (إيمسولبيريد) والذي يُعرف باسم (سوليان) من الأدوية المفيدة جدًّا، وكذلك الـ (باروكستين) والذي يُسمَّى (سيروكسات) هي من الأدوية الممتازة، وهذه الأدوية قد أفادتك كثيرًا، وهذا من فضل الله تعالى.

أمَّا بالنسبة لموضوع الإمساك واحتباس البول: فيمكنك أن تُقلّل الجرعات، وذلك بعد التشاور مع الطبيب.

الباروكستين على وجه الخصوص يمكن أن تكون جرعته في الحد الأدنى، وأيضًا تغيير نمط حياتك، لتُكثر مثلًا من ممارسة الرياضة، تنظيم الطعام أمرٌ جيد، لكنه قد لا يكون هو الحل الوحيد لعلاج الإمساك، أمَّا ممارسة الرياضة فقطعًا فيها حلّ كبير جدًّا، وهذا أمرٌ مجرّب.

فيا أخي: لا تفكّر في ترك العلاج، ما جعل الله من داءٍ إلَّا جعل له دواء، فتداووا عباد الله، قد جعل الله لك العلاج في هذه الأدوية، فلا تتركها، لكن راجع الطبيب لتعديل الجرعات، وجرب أدوية أخرى باستشارته، أنت ذكرت أن العلاجات السابقة فشلت، لكن -الحمد لله- الآن يُوجد متسع في الأمر، الأدوية الحديثة كثيرة ومتوفرة وذات فائدة كبيرة.

أخي: بالنسبة لسؤالك هل يمكن علاج ما تعاني منه دون أدوية؟
أنا لا أعتقد ذلك، أنا أعتقد أن الدواء مهم؛ لأن هناك منشأ كيميائي في حالتك، لكن الجوانب النفسية إذا تحسّنت عند الإنسان وكذلك الظروف الحياتية، وكان الإنسان دائمًا إيجابيًا في تفكيره، ومنظّمًا لوقته، ولديه أهداف، ويضع الآليات التي تُحقق أهدافه، ويُحسن التواصل الاجتماعي، ويلتزم بالعبادات، ويكون شخصًا فاعلًا في أسرته، وبارًّا بوالديه، قطعًا -يا أخي الكريم- هذه مكوناتٍ علاجية ضرورية جدًّا، وحين ينهج الإنسان هذه المناهج الإيجابية، ويتناول الدواء في نفس الوقت؛ لا شك أن هنالك فعلًا تضافريًّا بين منهج الحياة الإيجابي وتناول الدواء.

أسأل الله لك العافية والشفاء، وأشكرك كثيرًا على ثقتك في استشارات إسلام ويب.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً