الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ما العلاج المناسب للوسواس القهري في الطهارة؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
حياكم الله إخوتي الكرام.

أنا أعاني من الوسواس القهري في الطهارة، وقد عرضت نفسي على مختص منذ أكثر من أربع سنوات، وأتناول حبوب CLONAPRIME وLanzaprex، والجرعات حسب حالتي النفسية، وقد تحسنت حالتي قليلًا، لكن بقيت الأعراض، حيث ينتابني شك في الأشياء، وخاصة في جسمي، فأنا لا ألمسه من البطن إلى الرجلين، يخيل لي خروج قطرات بول -أعزكم الله-، وعندما ألمس ما ذكرت أقوم بغسل يدي، وكذلك عندما أدخل إلى المرحاض العادي وأقوم بغسل ما خرج مني، يصيب قدمي الماء، مما أضطر معه إلى غسل قدمي، فور خروجي من المرحاض، وهذه الأمور قد أرهقتني كثيرًا.

ما الحل للتخلص من هذه الوساوس؟ وهل يمكنني إيقاف العلاج؟ علمًا بأني قد أوقفت تناولي للعلاج لعدة أشهر، وقد عادت الوساوس إليّ بقوة!

أرشدوني إلى الطريق الصحيح، ولكم جزيل الشكر والاحترام.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ مجهول حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

الوسواس القهري -خاصة في ما يتعلق بالطهارة أو النجاسة- موجود، وهو مرض حقيقة، ونقول للناس: يجب أن لا تعيشوا ولا تتعايشوا معه، يجب أن يكون هنالك رفض تام للوساوس، هذه النقطة مهمة جدًا -يا أخي الكريم-.

وطبعًا بجانب الدواء، لا بد أن تكون هنالك تطبيقات سلوكية، أنا متأكد أن الطبيب النفسي الذي قابلته يمكن أن يحولك إلى الأخصائي النفسي المختص، والذي بدوره سوف يقوم بتطبيق التمارين السلوكية معك، وأنا أقول لك بصفة عامة: الفكر الوسواسي يجب أن يحقر، يجب أن يتجاهله الإنسان تمامًا، ويجب أن لا تحلل الأفكار أو الأفعال الوسواسية.

وكذلك يجب أن تصرف انتباهك من الوسواس من خلال الإتيان بأفكار وأفعال مخالفة تمامًا، وتنفر من هذه الوساوس أيضًا من خلال أن تربطها بأشياء غير مرغوبة للنفس، مثلًا قم بالجلوس أمام الطاولة داخل الغرفة، وتذكر بعض هذه الوساوس، وفجأة تقوم بالضرب بيدك بقوة وشدة لدرجة أن تحس بألم -ويجب أن يكون ألمًا شديدًا-، وتربط هذا الألم بالفكرة أو الفعل الوسواسي، تكرر هذا التمرين مثلًا 20 مرة متتالية، هذا يؤدي إلى إضعاف الفكر الوسواسي كثيرًا.

لأن الألم شيء غير مرغوب للنفس، ويعرف أن الأشياء المتناقضة لا تلتقي في فكر الإنسان، فالألم مرفوض، والوساوس مستحوذة، لذا قطعًا الألم سوف يضعف الوسواس. وهكذا -أخي الكريم- هذه واحدة من التمارين المهمة والجيدة، أضف إلى ذلك تمرين آخر وهو معين جدًا، هذا التمرين يتمثل في أن تحدد كمية الماء، في وقت الاستنجاء، وكذلك عند الاستحمام.

لا تتوضأ أبدًا من ماء الصنبور، بل ضع ماءً قليلاً في قنينة أو في إبريق، وتعرف أن هذا هو الماء المتاح لك، وكذلك الاستحمام يجب أن يكون بكمية ماء محددة، ليست كمية كبيرة، ويجب أن لا يكون الاستحمام أبدًا من ماء الصنبور، ويجب أن تحدد الوقت، يعني وقت الاستحمام يجب أن لا يزيد عن 15 دقيقة في جميع الأحوال، طبعًا حين تطبق هذا التمرين سوف تجد بعض القلق، أو نوعاً من القلق المتسلط عليك، وتجد إلحاحاً من الوسواس، أن هذه الطريقة ليست صحيحة، وأنك نجس، وأن البول قد تساقط، هذا كله تحقره وتتجاهله وليس صحيحًا.

أريدك أيضًا أن تدرب نفسك على الوضوء من خلال وضع ماء في إبريق، يجب أن لا تزيد كمية الماء عن لتر واحد، فالرسول -صلى الله عليه وسلم- نهانا عن الإسراف، والرسول -صلى الله عليه وسلم- كان يتوضأ بكمية قليلة من الماء، درب نفسك أن تتوضأ بهذه الكمية من الماء، وأريدك أن تصور نفسك عن طريق كاميرا التليفون وأنت تتوضأ، والوضوء يجب أن لا يستغرق أكثر من 5 دقائق، طبق هذا التمرين بصورة متكررة، وفي خلال أسبوع إلى 10 أيام سوف تجد أنك قد عالجت وساوسك هذه تمامًا.

طبعًا بعد أن تصور الفيديو وأنت تتوضأ، يجب أن تراجع هذا الفيديو وتقوم بالاطلاع عليه، سوف تجد أن وضوءك كان سليمًا وصحيحًا وفي وقت معلوم، وهذا سوف يمثل حافزاً ودافعاً نفسياً كبيراً لك، من أجل إضعاف الوسواس، كما أني أريدك أن تطبق تمارين الاسترخاء (2136015)، تمارين التنفس المتدرجة على وجه الخصوص مفيدة جدًا، وتوجد برامج على اليوتيوب، توضح كيفية ممارسة هذه التمارين.

القلق هو الطاقة التي من خلالها يتحرك الوسواس، وحين نقطع هذه الطاقة طبعًا سوف يضعف الوسواس، أيضًا من الضرورة جدًا أن تدير وقتك بصورة جيدة وفاعلة، لا تترك مجالًا للفراغ، سواء كان الفراغ الزمني أو الفراغ الذهني، هذه كلها حقيقة أوضاع يتصيد الوسواس الناس من خلالها، فالشخص الذي يكون مثلًا مشغولًا وله همة عالية في الأداء، والتواصل الاجتماعي، والعبادة، وممارسة الرياضة، قطعًا هذا لن يترك زمنًا أو مجالًا فكريًا ليستحوذ عليه الوسواس.

بعد ذلك أقول لك -أخي الكريم- طبعًا الأدوية مهمة جدًا، ومفيدة، عقار (كلومبرامين) والذي يعرف باسم (انفرانيل) هو من الأدوية القديمة جدًا لعلاج الوسواس القهرية، لكنه يعتبر دواء جيدًا، لتحصل الفائدة الرئيسية منه يجب أن لا تكون الجرعة أقل من 150 مليجرام يوميًا، لكن هذه الجرعة قد تسبب جفافًا في الفم أو ثقلًا في العينين، أو إمساكًا، لكن إذا وصلت لها بالتدريج -فإن شاء الله تعالى- سوف تتحملها.

عمومًا ناقش موضوع الدواء مع طبيبك المعالج، هنالك دواء يسمى فلوفكسمين، واسمه التجاري فافرين، وجدناه الدواء الأفضل في مثل هذا النوع من الوساوس، لكن لا أريدك أن تقدم على أي نوع من التغيير لدوائك إلا بعد استشارة طبيبك النفسي، وأنا متأكد أنه مدرك تمامًا ما ذكرته لك، حيث إن هذه معلومة أساسية جدًا فيما يتعلق بالوسواس القهري، كل الأطباء النفسيين يعرفونها.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً