الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أفكر في خلع حجابي لأني لا ألبسه داخل المدرسة!

السؤال

أبلغ من العمر 17 عاماً، أقيم في أوروبا منذ 10 سنين، ارتديت الحجاب بإرادتي الشخصية، ولم يجبرني أحد على ذلك.

انتقلت عائلتي إلى بلجيكا مؤخراً، هنا تجبر الفتاة على خلع حجابها في المدرسة، بالطبع رفضت هذا الأمر في البداية، وافتعلت المشاكل مع الجميع، لكن في النهاية ها أنا أخلع حجابي في المدرسة، ثم أرتديه مجدداً في الخارج، لكنني أشعر أنني منافقة، أشعر بالخزي والعار في كل مرة أفعل هذا.

لقد مر على هذا الأمر ما يقارب سنة ونصف السنة، وأنا الآن أفكر في خلع الحجاب؛ لأني أشعر أن ارتدائي من عدمه واحد، وإن أراد أي شخص رؤيتي من دون حجاب، فعليه فقط أن يأتي إلى مدرستي، أليس هذا مثيرًا للسخرية؟ وهل سيعاقبني الله عقاباً شديداً إن خلعت حجابي لهذا الظرف؟ إني أشعر بالقرف من نفسي.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Sss حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -ابنتنا العزيزة- في استشارات إسلام ويب.

سؤالك -أيتها الكريمة- يحتوي على قضيتين لا بد من بيان كل واحدة منهما بيانًا شافيًا، القضية الأولى: مدى الضرورة لهذه الدراسة التي تستلزم خلع الحجاب، ومدى إمكان الاستغناء عنها بغيرها، فإن ارتداء الحجاب فريضة من فرائض الله تعالى على المرأة المسلمة، وهذا أمر متفق عليه بين المسلمين، وإنما اختلف العلماء في كشف وجه المرأة فقط.

لا يجوز ارتكاب هذا المنكر العظيم وهو خلع الحجاب بغير ضرورة، والضرورة أن يصل الإنسان إلى مرحلة يخاف الهلاك لو لم يفعل الشيء المحرم، أو يخاف حالة قريبة من الهلاك مثل الاعتداء عليه وذهاب بعض أعضائه، أو دخوله في مشقة شديدة بالعيش، بأن لا يجد ما يحتاجه للحياة الضرورية، من المأكل والمشرب والمسكن ونحو ذلك، ففي هذه الحالات يجوز للمرأة أن تضع الحجاب لتدفع عن نفسها الضرورة.

أما إذا لم يكن الأمر كذلك بأن كانت الدراسة هذه غير ضرورية، أو أمكن أن تدرس المرأة بطريقة أخرى غير الطريقة التي بها كشف الحجاب، ففي هذه الحالة لا يجوز للمرأة أن تكشف حجابها من أجل الدراسة، فالدراسة ليست ضرورة، ثم إذا أمكن الانتقال من البلاد التي لا يتمكن الإنسان فيها من إقامة دينه، فهذا الانتقال إلى بلد يمكن أن يتمكن من إقامة دينه، هذا الانتقال فرض وواجب، وهو الهجرة الشرعية التي فرضها الله سبحانه وتعالى على المسلمين المضطهدين في أوطان لا يقدرون فيها على إقامة الدين.

إذا انتفت هذه القدرة ووجدت الضرورة، فإنه يجوز للإنسان أن يتناول من الحرام بقدر الضرورة، وفي الحالة التي لا يجد فيها ضرورة لا يجوز له أن يفعل الحرام، وليس هذا تناقضا كما توهمت أنت في الجزء الثاني من سؤالك، وهو إذا فرضنا أنك مضطرة لهذه الدراسة، وأنه لا يمكن دفع هذه الضرورة إلا بكشف الحجاب، فكشفك للحجاب أثناء الدراسة لا يبرر لك كشف الحجاب بعد هذه الدراسة.

ليس هذا بتناقض، وليس فيه ما يدعو إلى الاشمئزاز؛ لأن الضرورة تقدر بقدرها، كما أخبر الله تعالى في كتابه الكريم: (فمن اضطر في مخمصة غير متجانف لإثم)، وقال: (فمن اضطر) ثم قيد ذلك بقوله: (غير باغ ولا عاد)، والضرورة تقدر بقدرها، وهذه قاعدة فقهية متفق عليها بين علماء المسلمين، وإذا علم الله تعالى منك الحرص على تقواه، والقيام بأمره وشرعه، فإنه سبحانه وتعالى سيجعل لك فرجًا ومخرجًا وتيسيرًا، فإنه قد وعد في كتابه فقال: (ومن يتق الله يجعل له من أمره يسراً). وقال: (ومن يتق الله يجعل له مخرجاً ويرزقه من حيث لا يحتسب).

نسأل الله سبحانه وتعالى أن يوفقك للخير وييسره لك.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات