الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أصبت فجأة بتسارع القلب وقت الدراسة، فما تشخيص حالتي؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

عانيت من تسارع نبضات القلب فجأة في وقت الدراسة، وظننت أنه الموت، وأصبحت الحالة تتكرر بشكل يومي لمده شهر، فلا أستطيع النوم، وتخطيت الأمر -بفضل الله- ثم بدأت تأتيني وساوس العقيدة، وأنا أعلم أنها خاطئة ولا صحة لها، ولكنها مزعجة جدًا، أشعر بضيق الصدر وأخاف كثيرًا من الله، وأخافه بشكل غير طبيعي.

سمعت المؤذن يؤذن للصلاة فهرعت إلى الصلاة، أصلي ولست مرتاحة، وأحاول مجاهدة هذا الشعور وعدم ترسيخه في عقلي، بدون فائدة، مع العلم أني لا أريد ترك الصلاة أبدًا، وما يؤلمني هو الرعشة والحرارة في جسدي أثناء الصلاة، وأرتاح عندما أتحدث مع الآخرين.

منذ سنتين عانيت من آلام المعدة وكتب لي الطبيب سبرالكس، وتركته منذ سنتين؛ لأني كنت صغيرة وغير ملتزمة، وحاليًا تناولت شريطين على فترات متقطعة، ومن الأعراض: حرارة في الرأس والرقبة والصدر، أسأل الله الشفاء لي ولجميع المرضى.

وشكرًا على موقعكم الأكثر من رائع، وجزاكم الله الجنة.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ شيماء حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك في إسلام ويب.

أعراضك هذه تدلُّ أن الذي حدث لك هو نوع من قلق المخاوف، وبعد ذلك أصبحت تأتيك الوساوس في العقيدة، وهذا أمرٌ شائعٌ جدًّا، إذًا ملخص الحالة هو أن الذي تعانين منه هو نوع من (قلق المخاوف الوسواسي)، لكن كما أرى أنه من الدرجة البسيطة، لخلل بسيط في المواد الكيميائية الدماغية والتي تسمَّى بالموصلات العصبية.

الحالة ليست خطيرة أبدًا، أؤكد لك ذلك، وبصفة عامة: يظهر أن لديك نوعاً من قلق المخاوف الوسواسي من الدرجة البسيطة -إن شاء الله تعالى-.

طبعًا ضيق الصدر يأتي من الانقباض العضلي؛ لأن التوتر النفسي والقلق النفسي يؤديان إلى توتر عضلي، وأكثر عضلات الجسد تأثُّرًا هي عضلات القفص الصدري.

كل المشاعر السلبية وموضوع عدم الارتياح في الصلاة، أعتقد أنه مرتبط بهذا القلق وهذا التوتر، ومن الضروري جدًّا أن تحقّري هذه الأعراض، وحقيقة حالتك ليست مرضية، إنما هي ظاهرة، وليست أكثر من ذلك، كل فكرة وسواسية يجب أن تُحقّر، يجب أن نصرف انتباهنا عنها، هذا منهج علاجي رصين جدًّا.

والأمر الآخر هو: أن تُحسني إدارة وقتك، وأن تتجنبي الفراغ، الفراغ الزمني والفراغ الذهني، نوبات القلق هذه والتفكير الوسواسي يأتي من الفراغ، ومن عدم تنظيم الوقت، أو من الإجهاد النفسي الذي يأتي غالبًا من السهر، فلذا أقول لك: تجنبي السهر تمامًا، النوم الليلي المبكّر يؤدي إلى استرخاء نفسي واسترخاء جسدي، ويستيقظ الإنسان مبكّرًا، يُقدمُ على صلاة الفجر وهو في حالة من اليقظة التامة، وبعد أداء الصلاة يحس الإنسان بمردود إيجابي عظيم، بعد ذلك يمكن أن تدرسي مثلًا لمدة نصف ساعة إلى ساعة، وتذهبي إلى مرفقك الدراسي، وهذا يُعتبر إنجازاً ممتازاً في بداية اليوم، ويُساعد الإنسان على الانطلاقة الإيجابية في كل وقته فيما تبقى من اليوم.

أريدك أن تتدربي على تمارين الاسترخاء، تمارين الشهيق بقوة وببطء، بشرط أن تكوني مثلًا في مكان مريح على السرير، أو على كرسي مُريح، وتكون الغرفة مغلقة، ويكون محيطك محيطًا هادئًا، تتأمّلين في شيء جميل، تغمضين عينيك بدون شدة، وتفتحين فمك قليلًا، تتأمّلين في شيء جميل مرّ في حياتك، ثم تأخذين نفسًا عميقًا (شهيق)، ويجب أن يكون عميقًا وبطيئًا، يستغرق ثمان ثوانٍ، بعد ذلك احبسي الهواء في صدرك لمدة أربع ثوانٍ، وهذه المرحلة أيضًا مهمّة، لأن حبس الهواء سوف يُؤدي إلى إشباع كامل للأكسجين في الجسد، وهذا له حقيقة فائدة عظيمة جدًّا على صحتنا النفسية والجسدية، بعد ذلك تنتقلين إلى مرحلة الزفير، وهي: إخراج الهواء عن طريق الفم، ويجب أن يكون بقوة وشدة وبطء، ويستغرق ثمان ثوانٍ أيضًا.

إذًا شهيق ثمان ثوانٍ، ثم حصر الهواء في الصدر أربع ثوانٍ، ثم الزفير ثمان ثوانٍ، هذا التمرين يُكرر خمس مرات متتالية، الذين يُطبقونه بإجادة وحرص وتركيز يدخلون في نوم عميق، هذا مُجرب، فأرجو أن تجعلي لنفسك نصيبًا من هذه التمارين، وهنالك أيضًا تمارين شد العضلات وقبضها واسترخائها، ويمكن أيضًا أن تستعيني بالبرامج الموجودة على اليوتيوب على الإنترنت، كيفية تطبيق تمارين الاسترخاء، هذه حقيقة سوف تزيل عنك تمامًا الشعور بالحرارة في فروة الرأس والقبضة في الصدر، وكذلك الشعور بالكتمة، أو أي انقباض عضلي.

هذه هي النصائح الأساسية التي أود أن أسديها لك، وليس من الخطأ أبدًا إذا تناولت دواءً بسيطًا، وفي هذه المرة قد يكون عقار (سيرترالين) والذي يُسمّى (زولفت) وله اسم تجاري آخر يسمّى (لوسترال)، ويوجد في مصر منتج محلي ممتاز يُسمَّى (مُودابكس) أيضًا ممتاز.

الجرعة المطلوبة في حالتك هي الجرعة الصغيرة، هنالك حبة تحتوي على خمسين ملجم، ويمكن أن تتناولي نصفها لمدة عشرة أيام، بعد ذلك اجعليها حبة كاملة لمدة شهرين، بشرط أن تنتظمي انتظامًا تامًّا، ثم اجعلي الجرعة نصف حبة يوميًا لمدة أسبوعين، ثم نصف حبة يومًا بعد يومٍ لمدة أسبوعين، ثم توقفي عن تناوله، ويتميز السيرترالين أنه سليم، وغير إدماني، ولا يُؤثر أبدًا على الهرمونات النسائية.

هذا هو مجمل ما أودُّ أن أنصحك به، وأنا متفائل جدًّا أن حالتك -إن شاء الله تعالى- سوف تتحسّن كثيرًا، وركّزي على دراستك وتنظيم وقتك، ونسأل الله تعالى أن يجعلك من الناجحين والمتميزين.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً