الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

عملي الحالي يبعدني عن أسرتي وبيئته ليست جيدة، فهل أنتقل منه؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أعمل كطبيب تخدير وعناية مركزة في مستشفى جامعي، والعقد مدته ثلاث سنوات، خلال هذا العمل أنا طبيب مقيم بالمشفى، وأعمل 24 ساعة، مع قلة النوم، والإرهاق البدني والغياب عن البيت، مع العلم أني متزوج، ولدي ابن عمره سنتان، وحياتي الاجتماعية سيئة، وبيئة العمل ليست جيدة.

لكن بالمقابل فرصة التعلم أفضل، وحصولي على الماجستير أسرع مقارنة بمستشفيات الصحة، وأنا في حيرة من أمري، هل أستقيل وأخاطر وأذهب لمستشفيات الصحة، حيث أيام العمل الأقل، والأجر الأفضل، والحياة الاجتماعية الأفضل؟ أم أظل بالجامعة حيث الإرهاق والغياب الدائم عن البيت وقلة النوم؟

أخشى أن أخاطر، لكني أريد شيئًا من الحياة الآدمية، فما توجيهكم؟ علمًا بأني كثيرًا ما ينتابني شعور بالتقصير من ناحية الأسرة.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نشكرك على طرح هذا السؤال المهم والحيوي، فمهنة الطب بشكل عام، والتخدير والعناية المركزة على وجه الخصوص، من المهن الشاقة والمرهقة جداً، نظراً لساعات العمل الطويلة والمسؤوليات الكبيرة الملقاة على عاتقك، وندرك مدى التحدي الذي تواجهه في التوازن ما بين مسؤولياتك المهنية والأسرية، ومن الواضح أن هذا الموقف يسبب لك ضغطًا نفسيًا كبيرًا.

القرار بين الاستمرار في عملك الحالي، والانتقال إلى مكان آخر، يتطلب التفكير في عدة جوانب من حياتك المهنية والشخصية.
1. من ناحية الاعتبارات المهنية والأكاديمية: يمكنك الحصول على فرص التعلم والحصول على الماجستير بشكل أسرع في مكان عملك الحالي، لكن هل يمكنك التفاوض على شروط عمل أفضل تتيح لك مزيدًا من الوقت مع عائلتك، مع الاستمرار في الاستفادة من فرص التعلم؟

2. من ناحية الصحة النفسية والجسدية: الإرهاق وقلة النوم يمكن أن يكون لهما تأثير سلبي على صحتك، من المهم الاعتناء بنفسك لتكون قادرًا على الاعتناء بعائلتك وأداء مهامك الوظيفية بكفاءة.

3. من ناحية العلاقات الأسرية: تشعر بالتقصير نحو عائلتك، وهذا يؤكد أهمية الوقت الذي تقضيه معهم، هل هناك طرق لتحسين توازن العمل والحياة الخاصة في عملك الحالي، أو هل الانتقال إلى مكان آخر سيوفر توازنًا أفضل؟

العمل والعائلة كلاهما مهمان جدًا، والإسلام يعلمنا أهمية العمل الجاد، وكذلك أهمية العائلة، قال الرسول الكريم -صلى الله عليه وسلم-: "خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي" (رواه الترمذي)، هذا يعني أن الشخص الطيب حقًا هو الذي يكون طيبًا ومعطاءً مع عائلته، كما يعلمنا عليه الصلاة والسلام بألا نتكلف من الأعمال ما لا نطيق، سواء في جانبها الديني أم في جانبها الدنيوي.

قد تحتاج إلى التفكير في القيم الأهم بالنسبة لك، وكيف يمكنك تحقيق توازن بين مهنتك وحياتك الخاصة، بشكل يسمح لك بالشعور بالرضا والإنجاز، ربما يكون من المفيد التحدث مع مستشار مهني، أو زملاء لاستكشاف الفرص المتاحة.

• ناقش الأمر مع عائلتك، استمع إلى وجهة نظرهم وتأكد من دعمهم لقرارك.

• تحدث مع زملاء العمل، اسألهم عن تجاربهم في مستشفيات الصحة.

• ابحث عن معلومات عن مستشفيات الصحة، قارن بين بيئة العمل والأجر في مستشفيات الصحة المختلفة.

• قارن بين رواتب مستشفيات الصحة ورواتب المستشفيات الجامعية.

• لا تنس دعاء الاستخارة.

في النهاية، القرار بيدك، لا تتسرع في اتخاذ القرار، خذ وقتك في تقييم الخيارات المتاحة أمامك، واختر الخيار الذي يناسبك أنت وعائلتك.

تذكر أن أهم شيء هو سعادتك أنت وعائلتك، وأن الإرهاق للنفس قد يؤدي إلى نتائج عكسية، فالمنبت لا ظهراً أبقى، ولا أرضاً قطع.

وفقك الله.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات