الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

زوجي يجبرني على الاستمرار معه بالتهديد بابنتي!

السؤال

السلام عليكم.

حدث خلاف بيني وبين زوجي، ووصل إلى تطاول باليد، وسب الدين، فغادرت المنزل، وطلبت الطلاق؛ لأنها لم تكن أول مرة. طلب رؤية ابنته، ولم أمنعه، فقام بأخذها ورفض إعادتها، ووضعها في منزلنا، وقال: إن رغبت في رؤيتها فعليك بالعودة، وتحت الضغط واشتياقي لابنتي عدت إليه بعد مراضاة ظاهرية، لكن قلبيًا لم أرض أبدًا.

أشعر بغصة دائمة تجاهه، ولا أرغب في استمرار معيشتي معه، وأشعر طوال الوقت أني أتعايش معه غصبًا؛ خاصة أنه لا توافق بيننا في كثير من الأمور، ولا أشعر بوجوده كزوج في حياتي.

ما هو وضعي الشرعي؟ وما هي حقوقه؟ وما هو إثمه في إجباري على الاستمرار بالتهديد بابنتي؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سائلة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك -ابنتنا الفاضلة- في الموقع، ونشكر لك الاهتمام والحرص، ونسأل الله أن يهدي زوجك للخير، وأن يهديه لأحسن الأخلاق، والأعمال، فإنه لا يهدي إلى أحسنها إلا هو.

لا شك أن الذي حدث من الزوج مرفوض، والنبي -صلى الله عليه وسلم- ما ضرب بيده امرأة ولا طفلاً ولا خادمة، وأخطر من ذلك ما حدث منه من سب للدين، وعدوان على هذا الحق الشرعي الكبير، وهذا أمر من الخطورة بمكان، ونتمنى أن يتوب من هذا العمل، والذي يعتبر كبيرة من كبائر الذنوب، ويعود إلى الله تبارك وتعالى، وكنا نريد أيضاً أن نرى الصورة كاملة، فلا شك أن لهذا الزوج المقصر العاصي لله إيجابيات، فنرجو أن تتخذيها مدخلاً لإصلاحه، ويهمنا أولاً أن يصلح ما بينه وبين الله؛ لأنه إذا أصلح ما بينه وبين الله عرف حقك وحق ابنته.

ونحب أن نؤكد لك وأنت أعلم بزوجك إذا كان هذا الزوج تائباً، وفيه خير، ويصلي، ورجع عن هذه المخالفة التي هي سب الدين، فنتمنى أن تستمري معه، وأن تجتهدي في إصلاحه، ونبشرك بقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (لئن يهدي الله بك رجلاً واحداً خير لك من حمر النعم)، فكيف إذا كان الرجل هو الزوج، ووالد هذه البنية التي نسأل الله أن يحفظها، وأن يصلحها؟! وأحب أن أؤكد أن ما فعله دليل على أنه لا يستطيع أن يستغني عنك، فاجعلي هذا وسيلة إلى إصلاحه، وتصحيح ما بينه وبين الله تبارك وتعالى، فإن حصلت منه توبة وإنابة ومحاولة للإصلاح، فلا تترددي في إصلاح الأوضاع، واعلمي أن معصيته لله لا تبيح لك المعصية، ما عدا سب الدين، فهذا أمر خطير، هذا لا بد أن يتوب منه، ويعود إلى عقيدته، وإلى دينه.

ولكن بقية المعاصي وبقية المخالفات الأخرى ما عدا الصلاة، فإن هذه كلها تحتاج إلى نصح واستمرار معه، واستمرار في النصح له، ونحب أن نؤكد على قاعدة مهمة، تقصيره في حقك لا يبيح لك التقصير، فإذا طلب حقه الشرعي بعد أن تاب وأناب ورجع إلى الله، فلا تمنعيه حقه الشرعي، ولا ننصحك بأن تكوني مجبورة مغصوبة، ولكن حاولي أن تتأقلمي، واجعلي نيتك لله، نية الإصلاح ونية إصلاح هذه البنية، والمحافظة عليها، وأن تعيش في جو فيه الود والاحترام بين الأب والأم؛ لأن هذا سبيل لإصلاحها وإسعادها، وهي قاسم مشترك بينكما وهي ثمرة هذه العلاقة، ونسأل الله أن يصلحها وأن يكتب لها النجاح والفلاح في الدنيا والآخرة.

عليه أرجو أن تغيري طريقة تعاملك معه، ونتمنى أن تتخذي حسن التعامل وسيلة لإصلاحه، وتجنبي الأمور التي تجعله يرفع يده، أو يعتدي عليك، أو يغضب أو يتجاوز الحدود التي لا ترضي الله تبارك وتعالى؛ لأن كل ذلك مما يعينه على الخير.

نحن بحاجة إلى مزيد من التفاصيل، ونرحب بك حتى نستطيع أن نضع معك الحلول المناسبة، وحبذا لو شجعت زوجك أيضاً حتى يكتب إلينا بما في نفسه، ويمكنكم كتابة استشارة مشتركة ومن حقكم أن تطلبوا أن تحجب الاستشارة، وتذكروا فيها كل ما عندكم وتأتيكم النصائح لك وله، ونسأل الله لنا ولكم التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً