الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعجبت بفتاة وشغلت قلبي، فهل من نصيحة؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزاكم الله خيرًا إخواننا على جهودكم.

أنا شاب أبلغ من العمر 16 سنة، و-الحمد لله رب العالمين- محافظ على الصلوات في المسجد، وأذهب إلى تلاوة القرآن بعد الدراسة، وأحضر الدروس الدينية.

وقعت عيني على فتاة بالخطأ وأعجبت بها؛ لأنها محتشمة، شغلت تفكيري ولا تغيب عن ذهني، حتى حلمت بها في المنام، أعرف أن الوقت مبكر على الزواج، فبماذا تنصحونني، وما هو رأي الشرع؟

شكرًا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك –ابننا الحبيب– في استشارات إسلام ويب، نسأل الله تعالى أن يعفّك بالحلال عن الحرام، وييسّر لك الخير، ويشغلك بما يعود عليك بالنفع في دينك ودنياك.

ونهنئك أولاً –أيها الولد الحبيب– بالمحافظة على الصلوات في المسجد، واشتغالك بقراءة القرآن الكريم ودراسته، ونحن على ثقة من أن الله سبحانه وتعالى سيتولى تيسير الخير لك والاستزادة منه كما يسّر لك ما سبق.

وما وقعت فيه من التعلُّق بهذه الفتاة هو نتيجة للنظر؛ فإن النظر بريد القلب، فمن صان نظره حفظ قلبه من هذا النوع من التعلُّقات، وقد صدق الشاعر حين قال:
وَكُنتَ مَتَى أَرْسَلتَ طَرفَكَ رَائِدًا *** لِقَلْبِكَ يَوْمًا أَتْعَبَتْكَ الْمَنَاظِر
رَأَيْتَ الذِي لَا كُلُّهُ أنتَ قَادِر *** عَلَيهِ وَلَا عَن بَعْضِهِ أَنتَ صَابِر

فالنظرة سهم من سهام إبليس، قد يُصيب بها قلب الإنسان فيُوقعه في أنواع من المتاعب والآلام، ولهذا نصيحتنا لك: أن تحفظ بصرك، وتصرفه إذا وقع بنظر الفجأة، أن تصرفه فورًا، فإن هذا عونٌ لك على صيانة قلبك وحفظ نفسك وأوقاتك، وقد قال الله سبحانه وتعالى: {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ} [النور: 30].

وأمَّا ما وقعت فيه من التعلق بهذه الفتاة: فهذه بدايات العشق، والعشق مرض كما يُقرّر العلماء، مرضٌ من أمراض القلب، ينبغي للإنسان العاقل أن يُسارع بأخذ الدواء المناسب له ليقلعه من قلبه، قبل أن يعيش آلام العشق وأضراره، فإنه إذا تمكّن من القلب صعب دواؤه، فإخلاصك في دينك لله تعالى وإقبالك عليه من أعظم الأسباب للتخلص من هذا العشق، فإن العشق تعلق القلب، فإذا علّق الإنسان قلبه بالله تعالى واشتغل به فإنه بذلك يصرفه عن نوع من التعلّق إلى نوع آخر، وقد قال الله تعالى في قصة يوسف: {وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلَا أَنْ رَأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ} [يوسف: 24]، فالإخلاص سببٌ لدفع العشق وما يترتّب عليه من السوء.

ثم اعلم –أيها الحبيب–: أن أصل داء العشق مركَّبٌ من أمرين كما قال ابن القيم:
الأول: استحسان للمعشوق.
والثاني: الطمع في الوصول إليه.

فإذا حصل هذان الأمران حصل العشق في القلب، وإذا اختلَّ أحدهما ذهب العشق عن القلب، وأنتَ يمكنك أن تحاول إقناع نفسك بهدوء ورويّة في أن الوصول إلى هذا المعشوق أمرٌ صعبٌ في هذه الأحوال التي أنت فيها، وأن تحاول أن تشغل نفسك بغيره.

فإذا أقنعت نفسك بالحوار الهادئ المقنع أنه لا يمكن الوصول إلى هذا المعشوق؛ فإن النفس إذا يئست من الشيء استراحت منه والتفتت إلى غيره، فإنها إذا يئست من الشيء نستْه، فذكّر نفسك بالعجز عن الوصول إلى هذا المعشوق، لا سيما في سِنّك المبكّر هذا وعدم قدرتك على الزواج.

وننصحك: باللجوء إلى الله تعالى بصدق واضطرار، وأن تدعوه بتذلُّل ومسكنة أن يصرف عن قلبك هذا التعلُّقات، وأن يُوجّهك إليه، وأن يُخلِّصك من العشق وآثاره وأضراره، فإنه لن يردّك سبحانه وتعالى.

نسأل الله تعالى أن يوفقك لكل خير.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً