الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف أدعو شخصًا للإسلام بطريقة مقنعة؟

السؤال

السلام عليكم.

لدي صديقة مسيحية، وتحب دينها كثيرًا، كيف أقنعها بالإسلام بطريقة لطيفة ومقنعة، وفي نفس الوقت لا أخسرها؟ وكيف أقنع شخصًا يؤمن بوجود الله، لكنه ليس مؤمنًا بالأديان ولا بالإسلام؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ نور حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -ابنتنا العزيزة- في استشارات إسلام ويب.

بدايةً نشكر لك تواصلك مع الموقع، كما نشكر لك علوّ همتك، وحرصك على دعوة الآخرين للإسلام، وهذه علامة خير فيك؛ فإن الله سبحانه وتعالى أخبر بأن الدعاة إلى دين الله تعالى هم أهل الفلاح، فقال سبحانه: {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ } [آل عمران: 104]، والمفلح هو مَن فاز بالمطلوب، ونجا من المرهوب، وقال تعالى: {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ} [فصلت: 33]، فنسأل الله سبحانه وتعالى أن يكتب لك الفلاح في دنياك وأخراك.

والدعوة إلى دين الإسلام -ولا سيما دعوة المخالفين- تحتاج إلى بصيرة وعلم، كما قال الله سبحانه وتعالى: {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي} [يوسف: 108]، ولا يصلح من الإنسان المسلم -رجلاً كان أو امرأةً- أن يتصدّر لمناقشة المخالفين في الأديان قبل أن يتزوّد ويتبصّر بدينه، وما هي الشبهات التي يمكن أن تعترضه، والأسئلة التي يمكن أن تُلقى إليه، كلُّ ذلك يستدعي منه التعلُّم أولاً والتبصُّر في دينه، وفي كيفية دعوة الآخرين.

وقد أحسنت حين بدأت السؤال عن كيفية دعوة المسيحي، أو مَن لا يُؤمن بالأديان، ولذلك ندعوك إلى التعلُّم أولاً، ومعرفة دين الإسلام، والمواقع التي تستفيدين منها في تعلُّم دينك كثيرة -ولله الحمد-، ومنها موقعنا هذا، ومواقع العلماء المشهورين أيضًا كثيرة: كموقع الشيخ/ ابن عثيمين وغيره من العلماء.

فإذًا ندعوك أولاً إلى تعلُّم العقيدة الإسلامية، وإقامة البراهين عليها والدلائل، بحيث يقوى قلبك، ويثبت على هذه العقائد أولاً، ولا يتزعزع إذا وردت عليه شبهة من المخالفين.

أمَّا إقناع المسيحي: فإن الله سبحانه وتعالى أخبرنا في كتابه الكريم بأن دين الأنبياء جميعًا هو الإسلام، فالمسيحي إذا كان يتبع المسيح على الحقيقة، فإنه سيتبع محمّدًا -صلى الله عليه وسلم-؛ لأن الأنبياء سلسلة مترابطة، وكلُّ واحدٍ يُصدّق الذي قبله، ويُبشّر بالذي بعده، وهذا ما فعله عيسى -عليه الصلاة والسلام-، كما أخبرنا الله في سورة الصف، إذ قال عن نفسه: {مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ} [الصف: 6].

فإذا كانت هذه الفتاة مستعدة للنظر البريء الخالص من الهوى والشبهة، فينبغي أن تتفكّر في هذه الحقيقة أولاً، وتعلم أن أنبياء الله تعالى دعوتهم واحدة، وإلهُهُم واحد، وأن المؤمن بالواحد منهم يجب عليه أن يؤمن بهم جميعًا، وأن من كفر بواحد منهم فقد كفر بهم جميعًا، والقرآن مليء بالآيات التي تُحدثنا عن هذه الحقيقة.

فهذا مدخل ينبغي أن يكون محلاً للنقاش، ثم بعد ذلك يخوض الشخص معهم في نقاش العقائد التي يعتقدونها.

وأمَّا الشخص اللا ديني؛ الذي يُؤمن بوجود الله، ولكنه لا يؤمن بالأديان:

فإنه ينبغي أيضًا أن يُناقش بما يُبيّن له هذا التناقض، فإن الله سبحانه وتعالى خلق الخلق، ولم يخلقهم سُدًى، بل خلقهم ليُكلّفهم، فإذا كان يؤمن بوجود الله تعالى فلا بد أن يؤمن بحكمة الله تعالى من هذا الخلق، وهذه الحكمة لا تُعلم إلَّا بإرسال الرسل للناس، وإنزال الكتب.

فالخلاصة -أيتها البنت الكريمة- أن هذه الموضوعات تحتاج إلى مزيد من العلم والبصيرة، ومعرفة الشبهات التي يتمسكون بها، وكيفية الردّ عليها، وهذا لا يتأتّى الإجابة عنه في هذه الاستشارة القصيرة، ولكننا نفتح أمامك الآفاق، وندلُّك على الأبواب.

نسأل الله سبحانه وتعالى أن يُجري الخير على يديك، وننصحك مرةً أخرى بضرورة حفظ نفسك أولاً من الشبهات؛ فإن سِنّك لا يزال صغيرًا، وحصيلتك العلمية لا تكفي ربما لمناقشة هذه الشرائح من الناس، فاجتهدي أولاً في تعلُّم دينك؛ لتحفظي نفسك من الشبهات الواردة على قلبك، فإن الشبهات خطّافة، والقلوب ضعيفة.

نسأل الله تعالى لك التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً