الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

وساوس الأمراض أرهقتني كثيرًا، فما نصيحتكم؟

السؤال

السلام عليكم.

شكراً لإسلام ويب على هذه الصفحة.

سؤالي بخصوص حالتي النفسية، أنا أعاني من وسواس المرض الخبيث، والخوف من الموت، الحمد لله أني ملتزمة بصلاتي وصيامي وزكاتي.

أنا أم لولدين، دائماً أعاني من وسواس الأمراض، وأي مرض يصيبني يأتيني الوسواس، وأقول هذا مرض خطير -لا قدر الله-، وحالياً أعاني من ألم في المعدة، ومغص، وإسهال، وإمساك معاً، وألم في الظهر، وضيق تنفس، وألم متفرق في الجسم، وأعاني من فقدان الشهية، وخفقان، وتعرق، وفاقدة لشغف الحياة، وعصبيتي زائدة، لدرجة أني أضرب أطفالي وأبكي عليهم، ودائماً صوتي عال، وأصرخ عليهم.

زوجي أهملني لكثرة شكواي من الأمراض، وحين أقول له: أنا مريضة، أو عندي ألم في مكان ما، يتركني ويذهب، ويكلمني كلاماً جارحاً.

مشكلتي أن الوسواس آذاني، وعطل حياتي، وللعلم أنا ساكنة مع أهل زوجي، لي غرفة واحدة أنا وأطفالي وزوجي، وكثرة مشاكل البيت لمدة 9 سنوات زادت من عصبيتي ووسواسي، حتى وإن زرت الطبيب وطمأنني، أرتاح، وبعد أيام يصيبني ألم جديد، وأقول هذه المرة المرض الخبيث في هذا العضو، وأظل في دوامة الشك والريبة والخوف والقلق! أتمنى أن تساعدوني.

جزكم الله خيراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Sarah حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، ونسأل الله لك العافية والشفاء.

المخاوف المرضية -خاصة المخاوف من الأمراض الخبيثة- منتشرة؛ لأن هذه الأمراض قد كثرت، وفي حالات كثيرة تكون مآلاتها خطيرة.

أيتها الفاضلة الكريمة: الإنسان يجب أن يتوكل على الله، ويفوض أمره إلى الله، ويسأل الله الحافظ أن يحفظه من هذه الأمراض ومن كل بليّة، وأن يعلم أن الله قال: {له معقبات من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر الله}.

أنا أعرفُ أنك مسلمة، وأنك مؤمنة، وأنك متوكلة على الله، وتعرفين قوله تعالى: {قل لن يُصيبنا إلَّا ما كتب الله لنا}، لكن وددت فقط أن أذكّرك بأهمية سلاح التوكّل على الله، وأن الله خيرٌ حافظًا، والتوكل على الله هو من الأشياء التي يجب أن يتحصّن بها المسلم.

احرصي على الأذكار، خاصة أذكار الصباح والمساء، واصرفي انتباهك تمامًا عن هذه الأعراض، وذلك من خلال أن تذهبي إلى طبيب الأسرة مرة كل ثلاثة أو أربعة أشهر، وذلك بهدف إجراء الفحوصات العامّة.

الإنسان حين يجري فحوصات عامة ويُقابل الطبيب بصورة منتظمة - حتى وإن لم تكن له شكوى - هذا يجعل الإنسان مطمئنًا.

كما أن الحياة الصحيّة تُطمئن الإنسان: تجنُّب النوم النهاري، ممارسة أي رياضة، كرياضة المشي مثلاً، وحُسن التواصل الاجتماعي، وأنت -الحمد لله- لديك أسرة، ولديك أطفال، ولا تنزعجي - أيتها الفاضلة الكريمة - لظروفك المعيشية، فالأمور تمضي -إن شاء الله تعالى-، ولا بد أن تُقدّري الوضع المادي والاجتماعي لزوجك الكريم، وتساهمي معه في إسعاد أسرتك.

أنا أراك محتاجة حقيقة لأحد الأدوية المضادة لقلق المخاوف الوسواسي، الحمد لله الآن توجد أدوية ممتازة، أدوية فاعلة، أدوية تفيد كثيرًا في مثل هذه الحالات، هنالك دواء يُسمَّى باسم (اسيتالوبرام Escitalopram) هذا هو اسمه العلمي، ويُسمَّى تجاريًا (سيبرالكس cipralex) وربما تجدينه في بلدك تحت مسمى تجاريًا آخر.

ابدئي في تناول هذا الدواء بجرعة نصف حبة - أي خمسة مليجرامات من الحبة التي تحتوي على عشرة مليجرامات- تناولي جرعة البداية هذه يوميًا لمدة عشرة أيام، بعد ذلك اجعلي الجرعة عشرة مليجرامات يوميًا لمدة أسبوعين، ثم ارفعيها إلى عشرين مليجرامًا يوميًا، جرعة واحدة، حبة واحدة من الحبة التي تحتوي على عشرين مليجرامًا -أو حبتين من الحبة التي تحتوي على عشرة مليجرامات- وهذه هي الجرعة العلاجية المطلوبة، والتي يجب أن تستمري عليها لمدة ثلاثة أشهر، عشرون مليجرامًا يوميًا من السيبرالكس لمدة ثلاثة أشهر، بعد ذلك تخفضينها إلى عشرة مليجرامات يوميًا لمدة ثلاثة أشهر أخرى، ثم اجعليها خمسة مليجرامات يوميًا لمدة أسبوعين، ثم خمسة مليجرامات يومًا بعد يومٍ لمدة أسبوعين، ثم تتوقفين عن تناول الدواء.

هذا من أحسن الأدوية وأفضلها من حيث الفعالية، كما أنه سليم، ولا يُسبب الإدمان، وليس له أي آثار سلبية على الهرمونات النسائية.

أريدك أن تُدعمي السيبرالكس بدواء آخر بسيط يُعرف باسم (ديانكسيت cipralex) تناوليه مرة واحدة - أي حبة واحدة - في الصباح لمدة شهرين، ثم توقفي عن تناوله، لكن السيبرالكس يجب أن تنتظمي في تناوله، وأن تكملي المدة العلاجية، وستجدين منه -إن شاء الله تعالى- خيرًا كثيرًا.

حفظك الله تعالى من كل مكروه، وبارك الله فيك، ونشكرك على الثقة في إسلام ويب.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأكثر مشاهدة

الأعلى تقيماً