السؤال
السلام عليكم
هل جميع أفكارنا من خير أو شر هي فقط لمة شيطان أو لمة ملك؟ يعني أليست لنا أفكارنا الخاصة نتاج تجاربنا ومعارفنا وتحليلنا للأمور؟
وجزاكم الله خيراً.
السلام عليكم
هل جميع أفكارنا من خير أو شر هي فقط لمة شيطان أو لمة ملك؟ يعني أليست لنا أفكارنا الخاصة نتاج تجاربنا ومعارفنا وتحليلنا للأمور؟
وجزاكم الله خيراً.
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ شيماء حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبًا بك – ابنتنا الكريمة – في استشارات إسلام ويب.
أفكارنا من خير هي بسبب لمة ملك وأفكارنا من شرٍّ سببها لمة الشيطان كما ذكرتِ أنت، فقد أخبرنا بذلك نبيّنا صلى الله عليه وسلم إذ قال عليه الصلاة والسلام: (إِنَّ لِلشَّيْطَانِ لَمَّةً بِابْنِ آدَمَ وَلِلْمَلَكِ لَمَّةً - يعني قرب - فَأَمَّا لَمَّةُ الشَّيْطَانِ فَإِيعَادٌ بِالشَّرِّ وَتَكْذِيبٌ بِالحَقِّ، وَأَمَّا لَمَّةُ المَلَكِ فَإِيعَادٌ بِالخَيْرِ وَتَصْدِيقٌ بِالحَقِّ) هذا الحديث أخرجه الترمذي وحسَّنه، وبعض العلماء يرى أنه ضعيف.
هذا الحديث ناطق بأن الإنسان يتأثر بأحد هذين الدافعين للخير أو للشر، فالخير مصدره مُصاحبة الملَك للقلب والنفس، فيأمر بالخير ويَعِدْ عليه بالثواب، فتقوى العزيمة في النفس على فعل هذا الخير، وهذا فضل الله سبحانه وتعالى، وهو التوفيق الذي يُمدُّ به سبحانه وتعالى مَن شاء من عباده، وإذا منع ربُّنا سبحانه وتعالى هذا الخير عن الإنسان وتركه لنفسه فإن نفسه الأصل فيها أنها أمَّارةٌ بالسوء، فلا تأمر صاحبها بالرشد، ولا تدلُّه على الخير؛ لأنها تُحبُّ شهواتها وملذَّاتها، فهي غارقة في هواها، ومن ثمَّ إذا جاءها الشيطان فزيَّن لها هذه الشهوات وحبَّبها إليها بادرتْ وسارعت للاستجابة لداعي الشيطان.
أعداء الإنسان نفسُه أولاً والشيطان ثانيًا، والنفس في أصلها قابلةٌ لهذا الشر؛ لأنها في أصلها حُبِّب إليها الشهوات، وأخبر الله تعالى بذلك في كتابه الكريم، وهي في الأصل أمَّارةٌ بالسوء، كما أخبر بذلك أيضًا ربنا في كتابه الكريم في سورة يوسف: {وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ}.
الأصل في الإنسان أنه ظلوم جهول، كما أخبر بذلك ربنا أيضًا في كتابه الكريم، فقال سبحانه في سورة الأحزاب: {إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا}.
هذان هما العدوّان الأوّلان للإنسان، (نفسُه، وشيطانه)، فلا يأمرانه إلَّا بسوء، ولكن إذا أراد الله تعالى بالعبد خيرًا أعانه وأمدَّه بالملَك الذي يُزيِّنُ له الخير ويأمرُه به ويحثُّه عليه، وحينها قد تستجيب النفس لهذا الداعي ولهذه الأوامر فترشُد وتصلُح، هذا هو مصدر الخير ومصدر الشر كما أخبرنا بذلك النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث.
الكلام في هذا الحديث إذًا عن الخير والشر، وليس عن كل الأفكار، فالأفكار قد تكون في تجارب وقد تكون في علوم واختراعات، وقد تكون في غير ذلك، لكنَّ الكلام في هذا الحديث عن دوافع الخير أو دوافع الشر.
نسأل الله تعالى لك التوفيق والسداد.