السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أريد أن أخبرك يا شيخ بما أمر به، وهو ليس بالأمر الشديد القوي، ولكنني أعلم أن ما من كلام سيصلحني؛ لذا ما عدت أتكلم لأحد، ولكنني أردت أن أجرب وأطرح مشكلتي.
أنا طالبة في الجامعة في العام الثالث، منذ بداية هذا الفصل وأنا مشتتة؛ نظرا لضغوطات الجامعة، ظننت إن تخليت عن ذهابي لحفظ القرآن ودروس العلم التي كنت أواظب عليها، وحتى القناة التي كنت أسمعها أحيانا سأكسب وقتا لا لألهو وإنما لأؤدي عملي بالجامعة.
وعلمت منذ مدة طويلة أنني خدعت نفسي، الآن أعلم سبب شقائي في هذا الفصل الدراسي لا لأنه شديد أو مضغوط كما يقول البعض، وإنما لأنني تخليت عن نفسي، تخليت عن أهم ما عندي، كنت أظن أنني سأترك الحفظ لأهتم بالقراءة والتدبر، وأنا حتى الآن مقتنعة تماما أن التدبر أهم وأولى من الحفظ، رغم أنني أتممت حفظ القرآن منذ ثلاثة أعوام تقريبا، ولكني لا أعتبرها؛ لأني كنت أحفظ سريعا وأنسى سريعا، فكنت أحاول منذ عام مع معلمة في المسجد لأعيد الحفظ، ولكن رغم هذا الاقتناع فأنا لا أقرأ، أقول بعد قليل، دوما أقول بعد قليل ثم أنسى حتى ينتهي اليوم ولم أقرأ.
أشعر بل أنا حقا تخليت عن نفسي حين تخليت عن الحفظ وعن الدروس، والآن لا أستطيع العودة، فإن عدت إلى المسجد أجدهم قد سبقوني بكثير، فما بيدي أن أواكبهم، والدروس قد شدت الرحال كثيرا، وأنا ما بدأت بأولها حتى ألحقهم في النهاية.
منذ أن لاحظت أنني تائهة وبعيدة عن الله منذ الأسبوع الثاني أو الثالث تقريبا في الفصل وأنا أحاول وأدعو ليس كل يوم ولكن أدعو من فترة لأخرى، وهي فترات قريبة وأرجو لو أتحسن، ولكني لا أتحسن، لا أجد حلا ولم أعد منتظرة لحل، بل كل ما أنتظره هو أن يأتي رمضان وأنتهي من هذا الفصل الذي تخليت فيه عن أهم ما لدي؛ فأنا أثق أن لا شيء سينصلح فيه مهما فعلت.
فأنا بالمناسبة لي يا شيخ لا أظهر حزني أمام الناس أبدا، بل حينما أذهب للجامعة أضحك دائما مع كل صديقاتي، وأتعامل معهن بكل فرح وسرور، حتى أنني أحيانا أقول إنني لا أصدق نفسي؛ ولكن أقسم لك أن ما قلته سابقا هو ما بقلبي، لم أعد أشعر بقلبي، أشعر فقط بشدة التعب مني ومن بعدي عن ربي، أشعر بالتعب الشديد جدا بداخل قلبي حتى أنه مات وسكن ولم يعد يتحرك من كثرة خيبة الأمل، أنوي ثم لا أعود، وأضحك مع الناس، وأتحدث كثيرا فهل هذا خطأ؟ ما عدت أعرف شيئا، وما عدت أهتم، لذا فكل أملي صار في رمضان حتى أكون في البيت بعيدة عن الناس، فقط مع ربي لعلي بذلك أتحسن وأطيب.
جزاك الله كل خير لقراءتك مثل هذه الكلمات، وإن كنت أراها لا تسوى شيئا، ولم أجد حلا، فأنا أشكرك جزيل الشكر أنك قرأتها.
وصدقني لا ترى على وجهي الحزن والبؤس والكآبة، بل أنا أكثر الناس ضحكا، ولكنني فقط لم أعد أحتمل بعدي عن الله، ولم أعد أحتمل كثرة نواياي للعودة التي دوما يصحبها عدم العودة، وبصراحة لا أظن أنني يوما سأتقدم خطوة تجاه الله، فإني إن خطوت خطوة عدت ألف خطوة، لذا فمهما فعلت وفعلت فإني إن تقدمت فلا أعود إلا لنفس الخطوة السابقة التي لربما هي فقط بداية الطريق.
وبهذا الشكل لا أظن أني أبدا سأتقدم، ولا أظن أني أبدا سأتمكن من أن أثبت لربي بالفعل أنني أحبه لا بمجرد الكلمات، أتمنى لو أرضي الله سبحانه وأكون دوما لطاعته، ولكن يبدو أنه هيهات مع شخص مثلي.