السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
لا أعرف من أين أبدأ، وماذا أقول! أنا شاب، عمري 17 عاما، أطلب العلم منذ عدة سنوات، ولكن للأسف لم أحصل شيئا منه؛ لأن حفظي ضعيف، وحتى الذي حصلته حفظي فيه ضعيف جدا، والذين بدءوا معي حفظوا القرآن، وحفظوا، وحفظوا وما زلت في مكاني.
وفي الحقيقة أثر هذا على نفسيتي كثيرا، ومع بعض الأشياء الأخرى التي تؤثر على نفسيتي أيضا، والتي تشتت عقلي وفكري وعقلي، فأنا منذ مدة متوقف عن طلب العلم، وبدأت أشعر أنني لا أستطيع الحفظ والضبط كأن حيل بيني وبينه، فأجلس الأوقات والأوقات ولا أحفظ شيئا، وتضيع الساعات والساعات في الحزن على ما فات والقلق مما هو آت.
حاولت الإقبال على القراءة والدروس دون الحفظ، لكني أشعر أن هذه الطريقة ستضيع هباء منثورا بعد سنين ولن أحصل شيئا، أضع البرامج ثم البرامج التي أفشل في تطبيقها في كل مرة، مع أن البرنامج لا يتجاوز خمس أو ست ساعات يوميا، لكن لا أعلم كيف يضيع الوقت دون تطبيقه! لا أعلم الخلل؟ مع أنني أشعر أن الأمر سهل، والله بدأت أخجل من أهل العلم لكثرة سؤالي عن المنهجية الصحيحة في طلب العلم وكيف أبدأ، وماذا أحفظ من المتون..إلخ! ولكن في الحقيقة أشعر أن أكثر الإجابات قاصرة ولا تشفي ألم القلب؛ لذلك اخترت العزلة والابتعاد عن الناس وأن أطلب العلم وحدي عن طريق الإنترنت.
تركت المعهد الذي أطلب العلم فيه منذ مدة؛ لأنني بدأت أخجل من ضعفي في الحفظ وتقصيري، حتى بدءوا يظنون أنني أنا الذي لا أبالي، ولكني لم أعتزل في المعنى الكلي عن كل شيء، مع أن أغلب أيامي من المسجد إلى غرفتي فقط ولا أخالط الناس إلا في ضرورة حتى أهلي! ومع ذلك ما زلت على تواصل مع طلبة العلم وبعض أهل العلم، وأذهب أحيانا للأشياء التي أرى أنها مفيدة، لكن حتى مع اعتزالي للناس لا أعرف كيف أستغل هذا الاعتزال، ولا كيف أستغل وقتي في طلب العلم! والله أشعر أنني مكبل، ولا أعرف ماذا أفعل وكيف أبدأ! والله إن ليلي هو الآلام والحسرات، هو التنهيدات والزفرات، وهو الحروب الطاحنات بيني وبين نفسي، والله قلبي يتفطر عندما أقرأ سير السلف كيف هم وكيف أنا، لا بل عندما ما أرى من حولي ماذا حصل وأنا ما زلت مكاني، دمعات محبوسة وآهات مخنوقة وحلم ينتهي كل يوم بالأحزان والتيه أعيد أمسي في كل يوم، وقد يبرأ جرحي ولكن يعيده التذكار ويحييه لي.
أشعر أنني في السجن أتعذب ليلا ونهار عشيا وإبكارا، ولا أعرف كيف أخرج منه، حتى أنني لا أعرف كيف أصلح قلبي فلا أنا من العباد الصالحين، ولا من طلبة العلم المجدين! هذا غير تقصيري أيضا في دراستي، حتى أنني بدأت أشعر أني سأفشل بها أيضا مع أن مستواي جيد.
لا تظن هذا الكلام من باب اليأس بل سأبقى أحاول حتى الممات ولكن الفشل وراء الفشل، وجرح وراء جرح، وهم يحمل هما، وفكر يحمل فكرا، ونار تكوي القلب في كل لحظة، هو الذي أتعبني، وأريد تغيير الواقع والحال فلا مجال للتقاعس والتباطىء في هذا الزمان، فنحن في هذه الأيام أشد ما نحتاج إليه هو العلم، فأرجو أن أجد عندكم سبيلاً للخلاص وطريقاً قاصدًا للتوفيق.