الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أخي يخاف من ركوب الطائرة، كيف أقنعه؟ وما هو علاجه؟

السؤال

السلام عليكم
إلى الدكتور الفاضل، محمد عبد العليم.

أخي بعمر 28 سنة، يخاف من ركوب الطائرة، وعندما صعد فيها أصبح في خوف شديد وكأنه مريض، وعند المطبات يخاف بشدة ويضع يده على رأسه ويحمر وجهه! وقد نحتاج للسفر في الطائرة عدة مرات.

كيف أقنعه؟ وما هو علاجه؟ علماً بأنه في رحلة العودة من كثرة ما أحاول مساعدته مع أحد المضيفين شعرت أنا أيضاً بالخوف، وأصبحت أترقب ربما ستسقط بنا الطائرة، ربما يحصل أمر ما، أي سرعان ما تأثرت معه بسبب حالته.

عندما أتناول أي مضاد حيوي أصاب بغمة وكآبة من المضادات الحيوية، خاصة الكلاسيد، وقد صرفه لي الطبيب لأجل جرثومة المعدة، وقال: اصبر عليه، وأنا لا أطيقه، هل هناك أدوية تسبب الاكتئاب؟ وما هو العلاج في حالة تطلب الأمر تناول دواء لمدة شهر، ومن اليوم التالي يسبب كتمة وغمة، وحالة نفسية سيئة.

كذلك منذ شهرين أعاني من نوبة حزن لا زالت متوسطة، تأتي في وقت منتصف النهار من فترة الظهر إلى قبل المغرب، خاصة بعد سفر أسبوعين للعاصمة طرابلس، مع تكرار أفكار سابقة أغلبها عن حالات قلق واكتئاب، وتحليل الأمور بدقة، وتذكر نوبات سابقة كأني أعيشها.

عندما يسيطر الاكتئاب يبدأ شيء في داخلي يصدر أوامر إحباط لن تنجح لن تفعل سوف لن تذهب سوف تفشل! وأحياناً لا أحب أن أرى وجهي في المرآة، وأكره صورتي، وكأنها أفكار إحباط وتحقير، وتقليل من الذات، وأحاول أن أدفعها بالرقية الشرعية، وعدم الالتفات إليها، وتذهب ثم تعود!

عندما أكون مرهقاً وفي حاجة للنوم سواء قيلولة أو ليلاً تهاجمني أفكار لا أستطيع مقاومتها تفسد على الراحة، لدرجة أني أفكر فيها عندما أريد الذهاب للنوم متى تأتي والناس يحبون الراحة، وأصبحت أتخوف من الراحة، وتتسلط علي الأفكار السوداوية، واحتلت مكان أفكار الأمل والدافعية، وصل الأمر أني مجرد أن أغمض عيني تبدأ في الهجوم، وعندما أتحرك أو أتصفح النقال تذهب، وكأني أنا السبب في كل أمر سوء والعياذ بالله.

ما هو أفضل دواء للقلق لا يؤثر على الهرمونات؟ علماً أني جربت دواء بروزاك 20 ، ولكن بعد شهرين يدخلني في ابتهاج، ودرجة من الانشراح ليست من طبعي العادي، بحيث أصبح أتحدث كثيراً، وأسخر من زملائي أمازحهم بشكل شديد وأشعر بعدم المبالاة، وتتغير المشاعر بحيث لا أفرح بفرح ولا أحزن لأمر محزن، وأضطر لإيقاف الدواء، ومن قبل وصفته لي مع (ريسبردال) لكن لم أستخدم الأخير بسبب السمنة.

علماً أني تابعت مع أطباء تغذية لكن سرعان ما أضعف عند الرجوع للأكل مع الناس، ودواء فافرين متوفر، والمهم دواء جيد للقلق والاكتئاب والوسواس، ولا يسبب السمنة أو التأثير الجنسي، ونفس فعل البروزاك، ولا يزيد من الانشراح وتبلد المشاعر بعد استخدامه أكثر من شهرين.

لدي ارتفاع بسيط في الكولسترول، وعندي خفقان ونبض شديد في الصدر، لا أعرف مصدره يأتي لمدة ساعة ويذهب، وهكذا أحياناً أشعر بألم مع الخفقان خلف الصدر، وأتناول أدوية عن طريق طبيب الذكورة لمدة 3 أشهر، وأكملت الشهر الأول، والأدوية هي: Nolvadex20 mg و Vit E 1000 mg و Parlodel 2.5 mg .

وشكراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ بن عبد الله حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك - أخي الكريم - في الشبكة الإسلامية، وأنا مُطلعٌ على استشاراتك السابقة واستشارتك هذه.

بالنسبة لموضوع أخيك: قطعًا الخوف من الطائرة خوف منتشر، ويحتاج إلى ما نسميه بتصحيح المفاهيم، أي أن يقرأ الإنسان عن الطيران، وأن يعرف عظمة هذه الطائرة، وكيف اكتُشفتْ، وأنها سليمة، وأنها آمنة فعلاً، وأن نسبة حوادث الطائرات لا تُذكر مقارنة بحوادث السيارات، وأنها يسَّرتْ للإنسان حياته، فالإنسان حين يُلمُّ بمعلومات مستفيضة عن الطائرة والطيران هذا يؤدي إلى نوعٍ من الربط الشرطي الإيجابي، هذا مُجرَّب - أيها الفاضل الكريم -.


هذا الأخ عليه أن يذهب كثيرًا إلى المطارات، ويستقبل الناس، ويُشاهد الطائرة وهي تهبط وهي تُقْلع، وهكذا، هذا أيضًا نوع من التعريض الإيجابي، وعليه أن يتدرب على التمارين الاسترخائية بكثافة، وهناك عقار يعرف باسم (زاناكس) زائد عقار (إندرال) يمكن تناولها يومين قبل بداية الرحلة، وهي مفيدة جدًّا، وذات فعالية كبيرة في هذا السياق.

أخي الكريم: بالنسبة لموضوع التوجُّس والشعور الاكتئابي الذي يأتيك حين تتناول مضادات الاكتئاب: مضادات الاكتئاب لا تُسبب الاكتئاب النفسي حقيقة بالكيفية التي تحدثت عنها، لكن أصلاً أنت تعاني من الاكتئاب النفسي، وقد تحدثتَ عن ذلك بإسهاب، فالذي يظهر لي أن هنالك نوع من عدم التوافق النفسي نسبةً لمشاعرك السلبية حيال هذه الأدوية، فأرجو أن تتفهم أيضًا فائدتها، وأنها ضرورية بالنسبة لك، وتتناولها، وتتوكل على الله، ونسأل الله تعالى أن ينفعك بها.

بالنسبة لما شرحته بدقة ووضوح حول أعراضك: نعم هي أعراض ذات طابع اكتئابي، لكنه ليس اكتئابًا شديدًا، الذي استوقفني قطعًا ما سبَّبه لك البروزاك من انشراح، هذا مؤشر حقيقي على أنك تعاني من درجة بسيطة من الاضطراب الوجداني ثنائي القطبية، وفي هذه الحالة يجب ألا تتناول أي مضاد للاكتئاب إلا تحت إشراف طبي نفسي واضح. هذا مهم جدًّا.

الوساوس يمكن تجاوزها من خلال العلاج السلوكي، من خلال تحقيرها، وفي ذات الوقت لتحسين المزاج سيكون من الأفضل لك تناول مثبتات المزاج، عقار (إرببرازول) سيكون دواءً جيدًا ولطيفًا بالنسبة لك، ويُضاف إليه عقار (لامتروجين) والذي يعرف تجاريًا باسم (لامكتال)، هذه الأدوية يجب أن تكون تحت الإشراف الطبي النفسي المباشر، لكني أقترحها لك كرزمة علاجية مفيدة جدًّا بالنسبة لك.

فيما يتعلق بالإرببرزول واللامكتال: لا تُسبب السمنة، وليس له تأثير جنسي سلبي، فأرجو أن تطمئن - أيها الفاضل الكريم، والأدوية التي تتناولها قطعًا لديها فعلاً علاقة بالصحة الإنجابية، وما دام الطبيب قد أرشدك لتناولها فأرجو أن تلتزم بالتعليمات الطبية، وأسأل الله تعالى أن ينفعك بها.

بارك الله فيك، وجزك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً