السلام عليكم

أولا: أسأل الله أن يجزيكم الخير على ما تعملونه من جهد وتعب لأجلنا، وأن يجعله سببا في دخولكم الجنة.

قصتي طويلة بعض الشيء، وآسف على الإطالة.

عمري 20، وقبل 8 شهور كان وزني زائدا (115) وطولي (175) وقد سافرت لإجازة، وفي ليلة من الليالي كانت باردة خرجت للسيارة، ورجعت للبيت، فأصابتني خنقة غريبة لم يسبق وأن أتتني خنقة، ليست كالاحتقان، لكنها كأن أحدا يمسكني من حلقي، وخفت فأخبرت والدي؛ ليذهب بي للمستشفى، ولكن أخبرني أنها عارض بسيط. وأعطاني عسلا، ونمت، وصحوت وأنا لا يوجد بي شيء، ورجعت لمدينتي ولم يكن بي شيء.

وفي فترة قبل الدوام أصابتني الخنقة مرة أخرى، وإذا أتتني؛ أخاف ولا أنام، وأبكي بكاء كالطفل الصغير، إلى أن ذهبت لدكتور أذن وأنف وحنجرة، وقال لي: إن لديك الجيوب الأنفية. وأعطاني بخاخا وعلاجا يخرج البلغم -أعزكم الله-، وحبوبا للحساسية، واستمررت عليها فترة واختفت الخنقة فترة، ثم رجعت، وذهبت له مرة أخرى، فأعطاني مضادا لمدة أسبوعين، فاستخدمته ولم ينفع، لكن مع القرآن والعسل وهكذا اختفت، ولكن تأتي بعض الأحيان.

بعد فترة وأنا مع أهلي على العشاء أصابني شعور غثيان، وألم شديد بالبطن، ولم يكن مغصا، بل ألم آخر أقوى منه وأشد، فذهبت للطوارئ، فقال الدكتور: إن لديك القولون. وأعطاني مضادات الحموضة، ومسكنات، وقال: اعمل الأشعة التلفزيونية، فذهبت وعملتها، وقالوا: إن لديك انتفاخات ودهون قليلة على الكبد.

استمررت على الأدوية، وعلمت بأني مصاب بالقولون مع بعض أنواع الأكل؛ كالمقليات، والحار، وهكذا...

ألم القولون أعرفه يأتيني في البطن يمينا أو يسارا، لكن بعض الأحيان يأتيني ألم عند الكلية اليسرى تقريبا، وأحس به من الخلف والجنب، فذهبت للطبيب وأخبرته بأن لدي القولون، ويوجد بي ألم عند الكلية اليسرى، فأخبرني بأن هذا القولون.

صراحة: أنا أخاف من الألم هذا! وإذا جاءني تتكدر حياتي وأتنكد.

عملت تحليل الكلى والكبد، وكلها سليمة، وفيتامين (د) ناقص، وأظنه (14) واليوريك أسيد مرتفع جدا، وأحس بآلام الأملاح، لكن نزلت وزني إلى (88) ومع الرياضة انتظم القولون بنسبة 50% لدرجة أن بعض الأحيان أنساه.

يا دكتور: أنا قلق، وأخاف من الخنقة، وأخاف من الألم الذي عند الكلية اليسرى، فانصحوني -جزاكم الله خيرا- وأرجو من الدكتور/ محمد عبد العليم أن ينصحني ويساعدني -جزاه الله وإياكم كل خير-، وآسف على الإطالة مجددا.

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ وسام حفظه الله.
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد، وأشكرك على الثقة في إسلام ويب.

أخِي الكريم: النوبة التي حدثت لك في تلك الليلة الباردة من وجهة نظري هي حالة قلقية حادة، ونوبات الهلع أو ما يسمى بالهرع دائمًا تظهر في شكل خنقة مفاجئة، تُعطي الإنسان الشعور بالاحتقان وشيء من ضيق النفس، وهذه النوبات دائمًا تكون مصحوبة بنوع من الخوف.

إذًا النوبة التي حدثت لك هي نوبة فزع أو هرع وهلع، حتى وإن كان لديك شيء من الاحتقان أو الالتهاب البسيط في الأنف أو الأذن أو الحنجرة، فالسبب الرئيسي ليس ذلك الالتهاب أو الحساسية، إنما هو الهرع الذي أتاك، والهرع هو نوع من القلق النفسي الحاد الذي لا يُعرف أسبابه في معظم الأحيان.

بعد أن انتهت هذه النوبة وبدأت الأمور تسير على ما يُرام ظهرتْ تلك الأعراض الأخرى، هي الغثيان وأعراض القولون العصبي، وأعتقد أن هذه كلها مرتبطة بما يمكن أن نسميه (بعض عوامل القلق المرتبطة بالشخصية) أي أنه لديك شيء من الاستعداد والقابلية للقلق النفسي؛ ممَّا يجعلك تتفاعل سلبيًا مع بعض المواقف حتى وإن كانت بسيطة، ويظهر قلقك في شكل أعراض نفسوجسدية، مثل إثارة القولون العصبي، والأنف والأذن والحنجرة والجيوب الأنفية، هذه نشاهدها كثيرًا لدى الذين لديهم قلق، والقلق قد يكون مقنّعًا وليس من الضروري أن يظهر.

أيهَا الفاضل الكريم: أنت اتخذت الخطوات العلاجية الإيجابية والممتازة جدًّا، فجزاك الله خيرًا، فتخفيفك لوزنك بهذه الصورة المُشجعة جدًّا والمحفِّزة جدًّا، وممارستك للرياضة، هذا علاج أساسي، وبالفعل بدأتْ تظهر نتائجه، وأنت تحسَّنت الآن بنسبة خمسين بالمائة، وأعتقد أن هذا التحسُّنِ سوف يزداد وبصورة مطردة، حتى تحسُّ بالفعل أنك تعيش حياة صحيَّة، فواصل في نفس برامجك الرياضية، برامج تخفيف الوزن، برامج تنظيم الأكل، برامج تنظيم الوقت، وأن تكون دائمًا إيجابيًا في تفكيرك، هذا مهم جدًّا، وأن تجعل لنفسك برامج حياتية تُدير من خلالها وقتك وحياتك لتصل إلى غاياتك وآمالك.

وعليك -أيها الفاضل الكريم- بأن تجتهد خاصة على النطاق الأسري، تكون شخصًا بارًا بوالديه، شخصًا فعّالاً في الأسرة، الصحبة الطيبة أيضًا مطلوبة، الحرص على الصلوات في وقتها، التزود بالعلم والمعرفة... هذا كله يصرف انتباه الإنسان تمامًا عن الأعراض النفسية أو الجسدية السلبية.

فيتامين (د) يمكن تعويضه من خلال تناول العلاج التعويضي، وبالنسبة للـ (يوريك اسيد) أرجو أن تراقبه، وأنا أتوقع بعد أن خفَّفت وزنك -إن شاء الله تعالى- يكون مستوى يوريك أسيد أيضًا قد خفَّ كثيرًا.

إذًا أنت تسير في المسار الصحيح، أنت تعرف الداء وتعرف الدواء، فيجب أن أهنئك على هذا الجهد الإيجابي، وأقول لك: لا مانع من أن تتناول دواء بسيطا مضادا للقلق، سوف يزيل عنك تمامًا أعراض خوفك من الخنقة والآلام التي تأتيك في الجهة اليُسرى من الجسم.

من أفضل الأدوية عقار يعرف تجاريًا باسم (فلوناكسول Flunaxol) ويعرف علميًا باسم (فلوبنتكسول Flupenthixol) الجرعة المطلوبة هي حبة واحدة (نصف مليجرام) تتناولها صباحًا لمدة أسبوع، ثم تجعلها حبة صباحًا ومساءً لمدة شهرين، ثم حبة صباحًا لمدة شهرٍ، ثم تتوقف عن تناوله، هو دواء بسيط ودواء سليم جدًّا، أسألُ الله أن ينفعك به.

باركَ الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وأشكرك على الثقة في إسلام ويب.