السؤال
السلام عليكم
أخي الكبير يبلغ من العمر27 عاماً، كان من المتفوقين دائماً في دراسته، تخرج من كليتة بترتيب الرابع علي دفعته في الجامعة، و لكنه دائم الخجل، ويخاف من مواجهة الناس، وانطوائي، ولا يتحدث مع أي أحد من أفراد الأسرة، مع العلم أنه في بعض الأحيان يتحدث مع أشخاص لا يعرفهم، كثيراً ما يبرر لنفسه أشياء غير مقتنع بها، ويحاول أن يقنع نفسه بها، حتي يبرر ضعفه أو خجله.
تعرض أخي لبعض المشاكل بعد تخرجه، حيث إنه لم يلحق التعين بداخل الجامعة التي تخرج منها، فعمل معيداً في جامعة خاصة، في غير مجال تخصصه، فهو طالب دراسات عليا، فترك وظيفته وسافر، ولكنه لم يسترح في التعامل مع الأشخاص في الخارج، فرجع دون أن يكمل الماجستير.
تقدم لخطبة فتاتين ولكنه رُفض؛ بسبب أن إحداهن كانت لا تريد أن تعيش بعيداً عن أمها، والأخرى كانت تريد شخصا كثير التحدث والضحك، وأخي كما قلت سلفًا خجول، فحزن كثيراً وفقد ثقته بنفسه، ثم تقدم لأخرى وتمت الخطبة وعقد الزواج، ولكن الزفاف سيكون بعد خمسة أشهر، وهو سعيد مع عروسه فهو يتكلم معها ويضحك.
ولكنه لا يستطيع أن يكون حازماً، عندما يكون الحزم مطلوباً، ودائماً ضعيف أمام الجميع، حتى معي، فإذا أخطأت في حقه، لا يستطيع أن يعاتبني، وكذلك حاله مع عامة الناس، فلا يستطيع التصرف من نفسه، يجب أن تقول له أمي أفعل كذا، أو اذهب إلى فلان، ولا تخف منه وأطلب منه حقك، وكثيراً ما يخاف ويحرج من أن ينفذ ما تقوله أمي، ويعود ليبرر خوفه وخجله.
لا يهتم أخي بمنظره الخارجي كثيراً، فهو يرفض أن يأخذ من أبي المال ليشتري لنفسه الملابس، حتي وإن أصبحت ملابسه مقطّعة، مع العلم أن مستوانا المادي جيد جداً، والمال متوفر -والحمد لله-، ولكنه يعتبر أخذ المال إهانة له، وأنه سيثقل علي أبي، فيشتري من مرتبه الذي لا يستطيع أن يدخر منه شيئا؛ لأنه في عمل مؤقت، لحين استلام وظيفة جيدة، ذات راتب جيد، سيتسلمها قريباً -إن شاء الله-.
في بعض الأحيان عندما يكون أحد الأقارب، أو أبي الذي يعمل بالخارج مريضا، لا يقوم أخي بالاتصال أو الاهتمام للأمر، كما أنه من الممكن مثلاً، أن تكون والدتي قادمة من الخارج، وتحمل معها أشياء كثيرة، فلا يقوم لمساعدتها، مع أنه قبل تخرجه، لم يكن كذلك، بل كان مطيعاً وخدوماً، يقوم بكل الأعمال حتى يريح أمي ويساعدها، ولكنه الآن لم يعد يبالي أبداً.
مشكلة أخي التي نراها كبيرة، أنه مهما كان حزينا لا يتحدث معنا إطلاقاً، ولكننا نراه كثيراً ما يتحدث مع نفسه، إذا كان في غرفته لوحده، ويظل يدور حول نفسه بالغرفة، ويتحدث مع نفسه بصوت مرتفع، ويضحك، ويعاتب نفسه، ويشير بيده كأنه يتكلم عن موقف حصل له، ويراجع ما الذي كان يجب أن يقوله ولم يقله، فنسمعه يقول: "أنت المفروض كنت تقوله، فهو يقولك"، وأحياناً وهو يقود السيارة بجواري، أراه فجأة يحرك شفتيه ويتكلم بصوت منخفض، ولا أستطيع تمييز كل الكلمات ولكني أسمع بعضها.
لا ندري كيف نتصرف معه، ذهب ذات مرة لجلسة نفسية، ولكنه عندما رأى المرضى الآخرين قال: "أنا هكذا لا أعاني من شيء والحمد لله، فهنالك أُناس حالاتهم صعبة"، ولقد خفنا عليه من الأدوية النفسية التي وصفت له؛ لأنها تجعله مرهقا دائماً.
زواجه بعد بضعة أشهر، ولا نعرف هل هذا مرض يحتاج أن نعالجه عند طبيب نفسي؟ أم أنه يوجد وسيلة أخرى لحله؟ مع العلم إننا لا نثق بالأطباء النفسيين.
أرجو الإفادة، وأتمنى أن أكون قد ذكرت كل الأمور التي من الممكن أن تفيدكم وتساعدكم.