الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

العادة السرية أثرت على دراستي، وتركيزي، كيف أتخلص منها؟

السؤال

أنا اسمي محمد، وعمري ١٨ سنة، بدأت منذ سن ١٥ سنة، أشاهد صورًا إباحية، ثم تركت ذلك الشيء لمدة سنة، وكلما فعلت العادة السرية، أختنق جدًا، وأترك ذلك فترة، ثم أعود، علمًا أني في كلية الهندسة، وأشعر أنها تؤثر على تركيزي في الدراسة، وأنا - والله – أصلي، وأصوم، وهذه الحالة تأتيني حينما أتعرض لموقف مثير، أحاول أن أمسك نفسي، ولا أستطيع، علمًا أني أقوم بهذا الفعل، كل 5 أشهر مرة، وحينما أحبس الشهوة كل هذه المدة أتعب كثيرًا، ولا يوجد لدي رغبة للمذاكرة، ولا للأكل ولا لأي شيء، وأنا - والله – ذكي جدًا. أريد أن أعيش دون أن أعمل هذا الفعل، أو أي شيء يعكر حياتي، ويغضب ربي.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلاً وسهلاً ومرحبًا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله - جل جلاله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى - أن يغفر ذنبك، وأن يستر عيبك، وأن يتوب عليك، وأن يتجاوز عن سيئاتك، وأن يوفقك في دراستك، وأن يجعلك من المتميزين، وأن يجعلك من عباده الصالحين.

وبخصوص ما ورد برسالتك - ابني الكريم الفاضل – فإنه مما لا شك فيه أن هذه المعصية لها آثار مدمرة على الصحة وعلى الدين وعلى الأخلاق والقيم وعلى التركيز وعلى المستوى العلمي؛ لأنه لا توجد هناك معصية لها نور، وإنما كل المعاصي لها ظلمة، وكل المعاصي تترتب عليها آثار خطيرة ومدمرة، والمعاصي تُسقط من عين الله - والعياذ بالله - إذا كنت مُصرًّا عليها حريصًا على فعلها، وأنت الآن بنفسك ترى أثر هذه المعصية عليك، إذ أنها تؤثر على تركيزك في الدراسة، وتشعر بعدم الرغبة في المذاكرة، وأنت رجل في كلية الهندسة، بمعنى أن المفروض منك أن تكون مجتهدًا، خاصة وأن الله قد فتح عليك بعقل راجح وذكاء طيب، ثم بعد ذلك تأتي بالله عليك – ولدي محمد – بهذه المعصية، تحرم نفسك توفيق الله - تبارك وتعالى - والأنس بالله والقرب منه؟!

هذا خطأ – ولدي الكريم محمد – جدًّا، أنت الآن تدمر نفسك تدميرًا، والشيطان لما وجد عندك الاستعداد - خاصة بعد أن نظرت إلى المواقع الإباحية أو الصور الإباحية – بدأ يركز؛ لأنه عرف نقطة ضعفك؛ ولذلك يضغط عليك بقوة، ولا يريد منك أن تتوب حتى لا تكون عبدًا صالحًا، ولا يريد منك أن تترك المعصية حتى يضعف مستواك، فبدلاً من أن تكون مهندسًا تتحول إلى إنسان بسيط لا وزن له ولا قيمة له في الحياة.

ولذلك القرار الأول – يا ولدي – إنما هو قرارك، وأنا أرى أنك تستطيع أن تتخلص منها بقرار داخلي؛ لأنك - بفضل الله تعالى - تتركها إلى فترة كبيرة، وهذا يدل على أنك قادر على تركها بالكلية، فالذي يتركها عدة شهور يستطيع أن يتركها العمر كله، وعليك أن تبحث – ولدي الكريم محمد – عن الأوقات التي تضعف فيها، والأشياء التي تضعف فيها، فإذا كنت تعرف أن هذا الوقت بعينه هو الذي تضعف فيه، فعليك أن تجتهد في أن تغيّر واقع هذا الوقت، وكذلك إذا كنت وحدك، وأغلقت عليك باب الغرفة، فإن الشيطان يدخل عليك من هذا، ويزين لك هذا الأمر.

إذن: لا تبق وحدك، ولا تغلق باب الغرفة عليك، وإذا كنت ترى أنه يأتيك بالليل، فلا تفتح جهاز (الكمبيوتر) بالليل، وإذا كنت ترى أنه يأتيك مثلاً في أي مكان بعيدًا عن أعين أهلك، فلا تذهب إلى هذا المكان.

ولدي الكريم: ينبغي على محمد أن يُحب محمدًا، محمد يريد أن يكون مهندسًا، صدقني هذا الذي تفعله الآن لن يجعلك كذلك، لماذا؟؛ لأنك بذلك تدمر تفكيرك وتضعف تركيزك وتصرف رغبتك عن المذاكرة، ومن ثَمَّ لن تستطيع أن تواصل دراستك في كلية عملية من كليات القمة تستلزم منك مذاكرة طويلة، وحل أشياء، وتمارين وتطبيقات بعد العودة من الكلية.

إذن: الحل في يدك – ولدي محمد – يكمن أولاً: في أخذ قرار أنك ستترك هذه المعصية مهما كانت الدواعي. الأمر الثاني: أن تنظر في الأسباب التي تؤدي إلى وقوعك في المعصية، وتحاول أن تتخلص منها نهائيًا - كما ذكرت لك - كأن تكون وحدك أو أن تكون بالليل أو أن تكون بعيدًا عن الأسرة، هذه الأشياء حاول أن تغلقها تمامًا.

الأمر الثالث: التوبة إلى الله - تبارك وتعالى - وترك المعصية حياء من الله، وأن تندم، وأن تُكثر من الاستغفار، وتكثر من الصلاة على النبي - عليه الصلاة والسلام – وتكثر من الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم، وتحافظ على الصلاة في أوقاتها مع المسلمين، ودائمًا تدعو الله - تعالى - أن يباعد بينك وبين هذه المعصية، فإنك بذلك - إن شاء الله تعالى – سوف تتعافى.

أخيرًا: أتمنى منك أن تدخل إلى الاستشارات التي تتكلم عن كيفية التخلص من هذه العادة المحرمة، لعلك تجد - إن شاء الله تعالى – كلامًا أكثر تفصيلاً، وإن كنت أقول أن الحل في يدك، قرار منك، وتوبة إلى الله تعالى، سوف تكون - إن شاء الله تعالى – في أحسن حال، وسوف تتخلص من هذه المعاصي كلها.

أسأل الله أن يغفر لك، وأن يتوب عليك، وأن يصرف عنك كيد شياطين الإنس والجن، إنه جواد كريم.

هذا وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأكثر مشاهدة

الأعلى تقيماً