سورة الرحمن .
بسم الله الرحمن الرحيم .
قال تعالى : ( الرحمن ( 1 ) ) .
قوله تعالى : ( الرحمن ) : ذهب قوم إلى أنها آية ، فعلى هذا يكون التقدير : الله الرحمن ؛ ليكون الكلام تاما . وعلى قول الآخرين يكون " الرحمن " مبتدأ ، وما بعده الخبر .
قال تعالى : ( خلق الإنسان ( 3 ) علمه البيان ( 4 ) ) .
و ( خلق الإنسان ) : مستأنف ، وكذلك " علمه " ويجوز أن يكون حالا من الإنسان مقدرة ، و " قد " معها مرادة .
قال تعالى : ( الشمس والقمر بحسبان ( 5 ) والنجم والشجر يسجدان ( 6 ) والسماء رفعها ووضع الميزان ( 7 ) ) .
قوله تعالى : ( بحسبان ) : أي يجريان بحسبان . ( والسماء ) بالنصب بفعل محذوف يفسره المذكور ؛ وهذا أولى من الرفع ؛ لأنه معطوف على اسم قد عمل فيه الفعل ، وهو الضمير في " يسجدان " أو هو معطوف على " الإنسان " .
قال تعالى : ( ألا تطغوا في الميزان ( 8 ) وأقيموا الوزن بالقسط ولا تخسروا الميزان ( 9 ) ) .
قوله تعالى : ( أن لا تطغوا ) : أي لئلا تطغوا .
وقيل : " لا " للنهي ، وأن بمعنى أي ، والقول مقدر . و ( تخسروا ) بضم التاء ؛ أي ولا تنقصوا الموزون .
وقيل : التقدير : في الميزان . ويقرأ بفتح السين والتاء ، وماضيه خسر ، والأول أصح .
[ ص: 433 ] قال تعالى : ( والأرض وضعها للأنام ( 10 ) فيها فاكهة والنخل ذات الأكمام ( 11 ) ) .
قوله تعالى : ( للأنام ) : تتعلق اللام بوضعها .
وقيل : تتعلق بما بعدها ؛ أي للأنام " فيها فاكهة " فتكون إما خبر المبتدأ ، أو تبيينا .
قال تعالى : ( والحب ذو العصف والريحان ( 12 ) ) .
قوله تعالى : ( والحب ) يقرأ بالرفع عطفا على " النخل " ( والريحان ) كذلك . ويقرأ بالنصب ؛ أي وخلق الحب ذا العصف ، وخلق الريحان .
ويقرأ : الريحان ، بالجر ، عطفا على العصف .
قال تعالى : ( خلق الإنسان من صلصال كالفخار ( 14 ) وخلق الجان من مارج من نار ( 15 ) ) .
قوله تعالى : ( كالفخار ) : هو نعت لصلصال . و ( من نار ) : نعت لمارج .
قال تعالى : ( رب المشرقين ورب المغربين ( 17 ) فبأي آلاء ربكما تكذبان ( 18 ) مرج البحرين يلتقيان ( 19 ) بينهما برزخ لا يبغيان ( 20 ) ) .
قوله تعالى : ( رب المشرقين ) : أي هو رب . وقيل : هو مبتدأ ، والخبر " مرج " .
و ( يلتقيان ) : حال . و ( بينهما برزخ ) : حال من الضمير في " يلتقيان " .
و ( لا يبغيان ) : حال أيضا .
قال تعالى : ( يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان ( 22 ) ) .
قوله تعالى : ( يخرج منهما ) قالوا : التقدير من أحدهما :
قال تعالى : ( وله الجوار المنشآت في البحر كالأعلام ( 24 ) فبأي آلاء ربكما تكذبان ( 25 ) كل من عليها فان ( 26 ) ) .
قوله تعالى : ( المنشآت ) : بفتح الشين وهو الوجه . ( في البحر ) : متعلق به .
ويقرأ بكسرها ؛ أي تنشئ المسير ، وهو مجاز .
[ ص: 434 ] و ( كالأعلام ) : حال من الضمير في " المنشآت " . والهاء في " عليها " للأرض ، وقد تقدم ذكره .
قال تعالى : ( ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام ( 27 ) ) .
قوله تعالى : ( ذو الجلال ) بالرفع وهو نعت للوجه ، وبالجر نعت للمجرور .
قال تعالى : ( يسأله من في السماوات والأرض كل يوم هو في شأن ( 29 ) ) .
قوله تعالى : ( كل يوم ) : هو ظرف لما دل عليه " هو في شأن " ؛ أي يقلب الأمور كل يوم .
قال تعالى : ( سنفرغ لكم أيه الثقلان ( 31 ) ) .
قوله تعالى : ( سنفرغ ) : الجمهور على ضم الراء ، وقرئ بفتحها من أجل حرف الحلق ، وماضيه فرغ بفتح الراء .
وقد سمع فيه فرغ بكسر الراء ، فتفتح في المستقبل مثل نصب ينصب .
قال تعالى : ( يا معشر الجن والإنس إن استطعتم أن تنفذوا من أقطار السماوات والأرض فانفذوا لا تنفذون إلا بسلطان ( 33 ) ) .
قوله تعالى : ( لا تنفذون ) : لا نافية بمعنى " ما " .
قال تعالى : ( يرسل عليكما شواظ من نار ونحاس فلا تنتصران ( 35 ) ) .
و ( شواظ ) بالضم والكسر لغتان ، قد قرئ بهما . و ( من نار ) : صفة ، أو متعلق بالفعل .
( ونحاس ) بالرفع عطفا على شواظ ، وبالجر عطفا على نار ؛ والرفع أقوى في المعنى ؛ لأن النحاس : الدخان ، وهو الشواظ من النار .
قال تعالى : ( فإذا انشقت السماء فكانت وردة كالدهان ( 37 ) ) .
و ( الدهان ) : جمع دهن ، وقيل : هو مفرد ، وهو النطع .
[ ص: 435 ] قال تعالى : ( فيومئذ لا يسأل عن ذنبه إنس ولا جان ( 39 ) ) .
( جان ) : فاعل .
ويقرأ بالهمز ؛ لأن الألف حركت فانقلبت همزة ، وقد ذكر ذلك في الفاتحة .
قال تعالى : ( يطوفون بينها وبين حميم آن ( 44 ) ) .
قوله تعالى : ( يطوفون ) : هو حال من " المجرمين " ويجوز أن يكون مستأنفا .
و ( آن ) : فاعل ، مثل قاض .
قال تعالى : ( ذواتا أفنان ( 48 ) ) .
قوله تعالى : ( ذواتا ) : الألف قبل التاء بدل من ياء . وقيل : من واو ؛ وهو صفة لجنتان . أو خبر مبتدأ محذوف . والأفنان : جمع فنن ؛ وهو الغصن .
قال تعالى : ( متكئين على فرش بطائنها من إستبرق وجنى الجنتين دان ( 54 ) ) .
قوله تعالى : ( متكئين ) : هو حال من " خاف " والعامل فيه الظرف .
قوله تعالى : ( من إستبرق ) : أصل الكلمة فعل على استفعل ، فلما سمي به قطعت همزته ، وقيل : هو أعجمي .
وقرئ بحذف الهمزة وكسر النون . وهو سهو ؛ لأن ذلك لا يكون في الأسماء ، بل في المصادر والأفعال .
قال تعالى : ( فيهن قاصرات الطرف لم يطمثهن إنس قبلهم ولا جان ( 56 ) ) .
قوله تعالى : ( فيهن ) : يجوز أن يكون الضمير لمنازل الجنتين ، وأن يكون للفرش ؛ أي عليهن ، وأفرد الظرف ؛ لأنه مصدر . و ( لم يطمثهن ) : وصف لقاصرات ؛ لأن الإضافة غير محضة ، وكذلك " كأنهن الياقوت " .
قال تعالى : ( هل جزاء الإحسان إلا الإحسان ( 60 ) ) .
[ ص: 436 ] و ( الإحسان ) : خبر جزاء ، ودخلت إلا على المعنى .
قال تعالى : ( فيهن خيرات حسان ( 70 ) فبأي آلاء ربكما تكذبان ( 71 ) حور مقصورات في الخيام ( 72 ) ) .
قوله تعالى : ( خيرات ) : هو جمع خيرة ، يقال : امرأة خيرة . وقرئ بتشديد الياء . و ( حور ) : بدل من " خيرات " . وقيل : الخبر محذوف ؛ أي فيهن حور .
قال تعالى : ( متكئين على رفرف خضر وعبقري حسان ( 76 ) ) .
و ( متكئين ) : حال ، وصاحب الحال محذوف دل عليه الضمير في " قبلهم " .
و ( رفرف ) : في معنى الجمع ؛ فلذلك وصف بـ " خضر " وقرئ رفراف ، وكذلك " عبقري " .
قال تعالى : ( تبارك اسم ربك ذي الجلال والإكرام ( 78 ) ) .
و ( ذي الجلال ) : نعت لربك ؛ وهو أقوى من الرفع ؛ لأن الاسم لا يوصف . والله أعلم .