سورة المؤمنون
بسم الله الرحمن الرحيم
قال تعالى : ( قد أفلح المؤمنون ( 1 ) ) .
قوله تعالى : ( قد أفلح ) : من ألقى حركة الهمزة على الدال وحذفها فعلته أن الهمزة بعد حذف حركتها صيرت ألفا ، ثم حذفت لسكونها وسكون الدال قبلها في الأصل ; ولا يعتد بحركة الدال ; لأنها عارضة . .
قال تعالى : ( والذين هم لفروجهم حافظون ( 5 ) إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين ( 6 ) ) .
قوله تعالى : ( إلا على أزواجهم ) : في موضع نصب بـ " حافظون " على المعنى ; لأن المعنى صانوها عن كل فرج إلا عن فروج أزواجهم .
وقيل : هو حال ; أي حفظوها في كل حال إلا في هذه الحال .
ولا يجوز أن يتعلق بـ " ملومين " لأمرين ; أحدهما : أن ما بعد " إن " لا يعمل فيما قبلها . والثاني : أن المضاف إليه لا يعمل فيما قبله .
وإنما تعلقت " على " بحافظون على المعنى ، ويجوز أن تتعلق بفعل دل عليه " ملومين " أي إلا على أزواجهم لا يلامون .
قال تعالى : ( والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون ( 8 والذين هم على صلواتهم يحافظون ( 9 ) ) .
قوله تعالى : ( لأماناتهم ) : يقرأ بالجمع ; لأنها كثيرة ، كقوله تعالى : ( أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها ) [ النساء : 58 ] وعلى الإفراد ; لأنها جنس ; فهي في الإفراد كعهدهم ; ومثله ( صلواتهم ) في الإفراد والجمع .
[ ص: 233 ] قال تعالى : ( الذين يرثون الفردوس هم فيها خالدون ( 11 ) ) .
قوله تعالى : ( هم فيها خالدون ) : الجملة حال مقدرة ، إما من الفاعل أو المفعول .
قال تعالى : ( ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين ( 12 ) ) .
قوله تعالى : ( من سلالة ) : يتعلق بخلقنا . و ( من طين ) : بمحذوف ; لأنه صفة لسلالة ; ويجوز أن يتعلق بمعنى سلالة ; لأنها بمعنى مسلولة .
قال تعالى : ( فخلقنا المضغة عظاما فكسونا العظام لحما ثم أنشأناه خلقا آخر فتبارك الله أحسن الخالقين ثم جعلناه نطفة في قرار مكين ثم خلقنا النطفة علقة فخلقنا العلقة مضغة ( 14 ) ) .
قوله تعالى : ( خلقنا النطفة علقة ) : " خلقنا " بمعنى : صيرنا ; فلذلك نصب مفعولين .
( العظام ) : بالجمع على الأصل ، وبالإفراد ; لأنه جنس .
( أحسن الخالقين ) : بدل ، أو خبر مبتدأ محذوف ; وليس بصفة ; لأنه نكرة وإن أضيف ; لأن المضاف إليه عوض عن " من " ، وهكذا جميع باب " أفعل منك " .
قال تعالى : ( ثم إنكم بعد ذلك لميتون ( 15 ) ) .
قوله تعالى : ( بعد ذلك ) : العامل فيه " ميتون " واللام هاهنا لا تمنع العمل .
قال تعالى : ( وأنزلنا من السماء ماء بقدر فأسكناه في الأرض وإنا على ذهاب به لقادرون ( 18 ) ) .
قوله تعالى : ( به ) : متعلق بذهاب . و " على " متعلقة بـ " قادرون " .
قال تعالى : ( وشجرة تخرج من طور سيناء تنبت بالدهن وصبغ للآكلين ( 20 ) ) .
قوله تعالى : ( وشجرة ) : أي وأنشأنا شجرة ; فهو معطوف على " جنات " .
( سيناء ) : يقرأ بكسر السين ، والهمزة على هذا أصل ، مثل حملاق ، وليست للتأنيث ; إذ ليس في الكلام مثل سنا - سيا ; ولم ينصرف ; لأنه اسم بقعة ; ففيه التعريف والتأنيث ; ويجوز أن تكون فيه العجمة أيضا .
ويقرأ بفتح السين ، والهمزة على هذا للتأنيث ; إذ ليس في الكلام فعلال بالفتح . وما حكى الفراء من قولهم : ناقة فيها خزعال ، لا يثبت ، وإن ثبت فهو شاذ لا يحمل عليه .
[ ص: 234 ] قوله تعالى : ( تنبت ) : يقرأ بضم التاء وكسر الباء . وفيه وجهان ; أحدهما : هو متعد ، والمفعول محذوف ، تقديره : تنبت ثمرها أو جناها ; والباء على هذا حال من المحذوف ; أي وفيه الدهن ; كقولك : خرج زيد بثيابه . وقيل : الباء زائدة ، فلا حذف إذا ، بل المفعول الدهن . والوجه الثاني : هو لازم ، يقال : نبت البقل ، وأنبت بمعنى ، فعلى هذا الباء حال ، وقيل : هي مفعول ; أي تنبت بسبب الدهن .
ويقرأ بضم التاء وفتح الباء ، وهو معلوم .
ويقرأ بفتح التاء وضم الباء ، وهو كالوجه الثاني المذكور .
( وصبغ ) : معطوف على الدهن .
وقرئ - في الشاذ - بالنصب عطفا على موضع بالدهن .