[ ص: 137 ] النوع العاشر .
فيما أنزل من القرآن على لسان بعض الصحابة .
هو في الحقيقة نوع من أسباب النزول ، والأصل فيه عمر ، وقد أفردها بالتصنيف جماعة . موافقات
وأخرج الترمذي ، عن أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : ابن عمر إن الله جعل الحق على لسان عمر وقلبه . قال : وما نزل بالناس أمر قط فقالوا وقال : إلا نزل القرآن على نحو ما قال ابن عمر عمر .
وأخرج ابن مردويه ، عن مجاهد قال : كان عمر يرى الرأي ، فينزل به القرآن .
وأخرج وغيره ، عن البخاري أنس قال : قال عمر : وافقت ربي في ثلاث : قلت : يا رسول الله لو اتخذنا من مقام إبراهيم مصلى ؟ فنزلت : واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى [ ص: 138 ] [ البقرة : 125 ] وقلت : يا رسول الله ، إن نساءك يدخل عليهن البر والفاجر ، فلو أمرتهن أن يحتجبن ؟ فنزلت آية الحجاب . واجتمع على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نساؤه في الغيرة ، فقلت لهن : عسى ربه إن طلقكن أن يبدله أزواجا خيرا منكن [ التحريم : 5 ] فنزلت كذلك .
وأخرج مسلم ، عن عن ابن عمر ، عمر قال : وافقت ربي في ثلاث : في الحجاب وفي أسرى بدر ، وفي مقام إبراهيم .
وأخرج عن ابن أبي حاتم ، أنس ، قال : قال عمر : وافقت ربي - أو وافقني ربي - في أربع : نزلت هذه الآية ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين الآية [ المؤمنون : 12 ] فلما نزلت قلت أنا : فتبارك الله أحسن الخالقين ، فنزلت فتبارك الله أحسن الخالقين [ المؤمنون : 14 ] .
وأخرج عن : أن يهوديا لقي عبد الرحمن بن أبي ليلى فقال : إن عمر بن الخطاب جبريل الذي يذكر صاحبكم عدو لنا ، فقال عمر : من كان عدوا لله وملائكته ورسله وجبريل وميكال فإن الله عدو للكافرين [ البقرة : 98 ] فنزلت على لسان عمر .
وأخرج سنيد في تفسيره ، عن : أن سعيد بن جبير لما سمع ما قيل : في أمر سعد بن معاذ عائشة قال : سبحانك هذا بهتان عظيم [ النور : 16 ] فنزلت كذلك .
وأخرج ابن أخي ميمي في فوائده : عن ، قال : كان رجلان من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا سمعا شيئا من ذلك ، قالا : سعيد بن المسيب سبحانك هذا بهتان عظيم : زيد بن حارثة وأبو أيوب ، فنزلت كذلك .
وأخرج عن ابن أبي حاتم ، عكرمة قال : لما أبطأ على النساء الخبر في أحد خرجن يستخبرن ، فإذا رجلان مقتولان [ على دابة أو ] على بعير . فقالت امرأة : من الأنصار : من هذان ؟ قالوا : فلان وفلان : أخوها وزوجها . أو زوجها وابنها . فقالت : ما فعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ؟ قالوا : حي قالت : فلا أبالي ، يتخذ الله من عباده الشهداء ، فنزل القرآن على ما قالت : [ ص: 139 ] ويتخذ منكم شهداء [ آل عمران : 140 ] .
وقال ابن سعد في الطبقات : أخبرنا حدثني الواقدي ، إبراهيم بن محمد بن شرحبيل العبدري ، عن أبيه ، قال : حمل اللواء يوم مصعب بن عمير أحد ، فقطعت يده اليمنى ، فأخذ اللواء بيده اليسرى ، وهو يقول : وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ، ثم قطعت يده اليسرى ، فحنى على اللواء وضمه بعضديه إلى صدره ، وهو يقول وما محمد إلا رسول [ آل عمران : 144 ] يومئذ ، حتى نزلت بعد ذلك .
تذنيب : يقرب من هذا ما ورد في القرآن على لسان غير الله ، كالنبي - عليه الصلاة والسلام - وجبريل ، والملائكة ، غير مصرح بإضافته إليهم ولا محكي بالقول ، كقوله : قد جاءكم بصائر من ربكم الآية ، فإن هذا وارد على لسانه - صلى الله عليه وسلم - لقوله آخرها وما أنا عليكم بحفيظ [ الأنعام : 104 ] .
وقوله : أفغير الله أبتغي حكما الآية [ الأنعام : 114 ] فإنه وارد أيضا على لسانه .
وقوله : وما نتنزل إلا بأمر ربك الآية [ مريم : 64 ] وارد على لسان جبريل .
وقوله : وما منا إلا له مقام معلوم وإنا لنحن الصافون وإنا لنحن المسبحون [ الصافات : 164 - 166 ] وارد على لسان الملائكة .
وكذا : إياك نعبد وإياك نستعين [ الفاتحة : 4 ] وارد على ألسنة العباد ، إلا أنه يمكن هنا تقدير القول ، أي : قولوا وكذا الآيتان الأوليان يصح أن يقدر فيهما ( قل ) بخلاف الثالثة والرابعة .