الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                      صفحة جزء
                                                                                      قال أبو معشر حمدويه بن الخطاب البخاري : سمعت نصر بن المغيرة البخاري ، سمعت إبراهيم بن شماس يقول : رأيت أفقه الناس ابن المبارك ، وأورع الناس الفضيل ، وأحفظ الناس وكيع بن الجراح . [ ص: 392 ]

                                                                                      أحمد بن أبي خيثمة : سمعت يحيى بن معين يقول - وذكر أصحاب سفيان - فقال : خمسة : ابن المبارك ، فبدأ به ، ووكيع ، ويحيى ، وابن مهدي ، وأبو نعيم .

                                                                                      قال جعفر بن أبي عثمان : قلت لابن معين : اختلف القطان ووكيع ؟ قال : القول قول يحيى . قال : فإذا اختلف عبد الرحمن ويحيى ؟ قال : يحتاج من يفصل بينهما . قلت : فأبو نعيم وعبد الرحمن ؟ قال : يحتاج من يفصل بينهما . قلت : الأشجعي ؟ قال : مات الأشجعي ، ومات حديثه معه . قلت : ابن المبارك ؟ قال : ذاك أمير المؤمنين في الحديث .

                                                                                      محمود بن والان : سمعت محمد بن موسى ، سمعت إبراهيم بن موسى يقول : كنت عند يحيى بن معين ، فجاءه رجل ، فقال : من أثبت في معمر ؟ ابن المبارك أو عبد الرزاق ؟ وكان يحيى متكئا فجلس وقال : كان ابن المبارك خيرا من عبد الرزاق ومن أهل قريته ، كان عبد الله سيدا من سادات المسلمين .

                                                                                      وسئل إبراهيم الحربي : إذا اختلف أصحاب معمر ؟ قال : القول قول ابن المبارك .

                                                                                      الدغولي : حدثنا يحيى بن زكريا ، حدثنا محمد بن النضر بن مساور ، قال : قال أبي : قلت لابن المبارك : هل تتحفظ الحديث ؟ فتغير لونه ، وقال : ما تحفظت حديثا قط ، إنما آخذ الكتاب فأنظر فيه ، فما اشتهيته علق بقلبي . [ ص: 393 ]

                                                                                      قال الحسن بن عيسى : أخبرني صخر ، صديق ابن المبارك ، قال : كنا غلمانا في الكتاب ، فمررت أنا وابن المبارك ، ورجل يخطب ، فخطب خطبة طويلة ، فلما فرغ قال لي ابن المبارك : قد حفظتها ، فسمعه رجل من القوم فقال : هاتها ، فأعادها وقد حفظها .

                                                                                      نعيم بن حماد : سمعت ابن المبارك قال : قال لي أبي : لئن وجدت كتبك ، لأحرقنها ، قلت : وما علي من ذلك وهي في صدري .

                                                                                      وقال أبو وهب محمد بن مزاحم : العجب ممن يسمع الحديث من ابن المبارك عن رجل ، ثم يأتي ذلك الرجل حتى يحدثه [ به ] . قال ابن خراش : ابن المبارك مروزي ثقة .

                                                                                      قال القاسم بن محمد بن عباد : سمعت سويد بن سعيد يقول : رأيت ابن المبارك بمكة أتى زمزم ، فاستقى شربة ، ثم استقبل القبلة فقال : اللهم إن ابن أبي الموال ، حدثنا عن محمد بن المنكدر عن جابر ، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال : ماء زمزم لما شرب له وهذا أشربه لعطش القيامة ، ثم شربه . [ ص: 394 ]

                                                                                      كذا قال : ابن أبي الموال ، وصوابه ابن المؤمل عبد الله المكي ، والحديث به يعرف ، وهو من الضعفاء ، لكن يرويه عن أبي الزبير ، عن جابر ، فعلى كل حال خبر ابن المبارك فرد منكر ، ما أتى به سوى سويد ، رواه الميانجي ، عن ابن عباد .

                                                                                      أبو أحمد محمد بن عبد الوهاب : سمعت الخليل أبا محمد قال : كان عبد الله بن المبارك إذا خرج إلى مكة قال :

                                                                                      بغض الحياة وخوف الله أخرجني وبيع نفسي بما ليست له ثمنا     إني وزنت الذي يبقى ليعدله
                                                                                      ما ليس يبقى فلا والله ما اتزنا



                                                                                      قال نعيم بن حماد : كان ابن المبارك إذا قرأ كتاب الرقاق ، يصير كأنه ثور منحور ، أو بقرة منحورة من البكاء ، لا يجترئ أحد منا أن يسأله عن شيء إلا دفعه .

                                                                                      التالي السابق


                                                                                      الخدمات العلمية