الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                      صفحة جزء
                                                                                      زهير بن معاوية : حدثنا عبيد الله بن الوليد ، حدثنا عبد الله بن عبيد بن عمير : قال ابن عباس : ما ندمت على شيء فاتني في شبابي إلا أني لم أحج ماشيا ، ولقد حج الحسن بن علي خمسا وعشرين حجة ماشيا ، وإن النجائب لتقاد معه . ولقد قاسم الله ماله ثلاث مرات ، حتى إنه يعطي الخف ويمسك النعل .

                                                                                      روى نحوا منه محمد بن سعد ، حدثنا علي بن محمد ، حدثنا خلاد بن عبيد ، عن ابن جدعان ; لكن قال : خمس عشرة مرة .

                                                                                      روى مغيرة بن مقسم ، عن أم موسى ، كان الحسن بن علي إذا أوى إلى فراشه قرأ الكهف .

                                                                                      قال سعيد بن عبد العزيز : سمع الحسن بن علي رجلا إلى جنبه يسأل الله أن يرزقه عشرة آلاف درهم ، فانصرف فبعث بها إليه .

                                                                                      رجاء : عن الحسن ، أنه كان مبادرا إلى نصرة عثمان ، كثير الذب عنه ، بقي في الخلافة بعد أبيه سبعة أشهر .

                                                                                      إسرائيل : عن أبي إسحاق ، عن حارثة ، عن علي أنه خطب ، وقال : إن الحسن قد جمع مالا ، وهو يريد أن يقسمه بينكم ، فحضر [ ص: 261 ] الناس . فقام الحسن ، فقال : إنما جمعته للفقراء . فقام نصف الناس .

                                                                                      القاسم بن الفضل الحداني ، حدثنا أبو هارون قال : انطلقنا حجاجا ، فدخلنا المدينة ، فدخلنا على الحسن ، فحدثناه بمسيرنا وحالنا ، فلما خرجنا ، بعث إلى كل رجل منا بأربعمائة ، فرجعنا ، فأخبرناه بيسارنا ، فقال : لا تردوا علي معروفي ، فلو كنت على غير هذه الحال ، كان هذا لكم يسيرا ، أما إني مزودكم : إن الله يباهي ملائكته بعباده يوم عرفة .

                                                                                      قال المدائني : أحصن الحسن تسعين امرأة .

                                                                                      الواقدي : حدثنا ابن أبي سبرة ، عن داود بن الحصين ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، قال : خرجنا إلى الجمل ستمائة ، فأتينا الربذة ، فقام الحسن ، فبكى ، فقال علي : تكلم ودع عنك أن تحن حنين الجارية ; قال : إني كنت أشرت عليك بالمقام ، وأنا أشيره الآن ; إن للعرب جولة ، ولو قد رجعت إليها عوازب أحلامها قد ضربوا إليك آباط الإبل حتى يستخرجوك ولو كنت في مثل جحر ضب . قال أتراني لا أبا لك كنت منتظرا كما ينتظر الضبع اللدم ؟ .

                                                                                      إسرائيل : عن أبي إسحاق ، عن هبيرة بن يريم قال : قيل لعلي : هذا الحسن في المسجد يحدث الناس ، فقال : طحن إبل لم تعلم طحنا .

                                                                                      شعبة : عن أبي إسحاق ، عن معد يكرب ، أن عليا مر على قوم قد [ ص: 262 ] اجتمعوا على رجل ، فقال : من ذا ؟ قالوا : الحسن ، قال : طحن إبل لم تعود طحنا . إن لكل قوم صدادا ، وإن صدادنا الحسن .

                                                                                      جعفر بن محمد ، عن أبيه ; قال علي : يا أهل الكوفة ! لا تزوجوا الحسن ، فإنه رجل مطلاق ، قد خشيت أن يورثنا عداوة في القبائل .

                                                                                      عن سويد بن غفلة ، قال : كانت الخثعمية تحت الحسن ، فلما قتل علي ، وبويع الحسن دخل عليها فقالت : لتهنك الخلافة ، فقال : أظهرت الشماتة بقتل علي ! أنت طالق ثلاثا ، فقالت : والله ما أردت هذا . ثم بعث إليها بعشرين ألفا ، فقالت :


                                                                                      متاع قليل من حبيب مفارق



                                                                                      شريك : عن عاصم ، عن أبي رزين ، قال : خطبنا الحسن بن علي يوم جمعة ، فقرأ سورة إبراهيم على المنبر حتى ختمها .

                                                                                      منصور بن زاذان ، عن ابن سيرين ، قال : كان الحسن بن علي لا يدعو أحدا إلى الطعام ، يقول : هو أهون من أن يدعى إليه أحد .

                                                                                      قال المبرد : قيل للحسن بن علي : إن أبا ذر يقول : الفقر أحب إلي من الغنى ، والسقم أحب إلي من الصحة . فقال : رحم الله أبا ذر . أما أنا فأقول : من اتكل على حسن اختيار الله له لم يتمن شيئا . وهذا حد الوقوف على الرضا بما تصرف به القضاء .

                                                                                      [ ص: 263 ] عن الحرمازي : خطب الحسن بن علي بالكوفة ، فقال : إن الحلم زينة ، والوقار مروءة ، والعجلة سفه ، والسفه ضعف ، ومجالسة أهل الدناءة شين ، ومخالطة الفساق ريبة .

                                                                                      زهير : عن أبي إسحاق ، عن عمرو بن الأصم ; قلت للحسن : إن الشيعة تزعم أن عليا مبعوث قبل يوم القيامة ، قال كذبوا والله ، ما هؤلاء بالشيعة ، لو علمنا أنه مبعوث ما زوجنا نساءه ، ولا اقتسمنا ماله .

                                                                                      قال جرير بن حازم : قتل علي ، فبايع أهل الكوفة الحسن ، وأحبوه أشد من حب أبيه .

                                                                                      وقال الكلبي : بويع الحسن ، فوليها سبعة أشهر وأحد عشر يوما ، ثم سلم الأمر إلى معاوية .

                                                                                      وقال عوانة بن الحكم : سار الحسن حتى نزل المدائن ، وبعث قيس بن سعد على المقدمات وهم اثنا عشر ألفا ، فوقع الصائح : قتل قيس ، فانتهب الناس سرادق الحسن ، ووثب عليه رجل من الخوارج ، فطعنه بالخنجر ، فوثب الناس على ذلك ، فقتلوه . فكتب الحسن إلى معاوية في الصلح .

                                                                                      ابن سعد : حدثنا محمد بن عبيد ، عن مجالد ، عن الشعبي ، وعن يونس بن أبي إسحاق ، عن أبيه : أن أهل العراق لما بايعوا الحسن ، قالوا له : سر إلى هؤلاء الذين عصوا الله ورسوله وارتكبوا العظائم ، فسار إلى أهل [ ص: 264 ] الشام ، وأقبل معاوية حتى نزل جسر منبج ، فبينا الحسن بالمدائن ، إذ نادى مناد في عسكره : ألا إن قيس بن سعد قد قتل ، فشد الناس على حجرة الحسن ، فنهبوها حتى انتهبت بسطه وأخذوا رداءه وطعنه رجل من بني أسد في ظهره بخنجر مسموم في أليته ، فتحول ونزل قصر كسرى الأبيض ، وقال : عليكم لعنة الله من أهل قرية ، قد علمت أن لا خير فيكم ، قتلتم أبي بالأمس ، واليوم تفعلون بي هذا . ثم كاتب معاوية في الصلح على أن يسلم له ثلاث خصال : يسلم له بيت المال فيقضي منه دينه ومواعيده ويتحمل منه هو وآله ، ولا يسب علي وهو يسمع ، وأن يحمل إليه خراج فسا ودرابجرد كل سنة إلى المدينة ، فأجابه معاوية ، وأعطاه ما سأل .

                                                                                      ويقال : بل أرسل عبد الله بن الحارث بن نوفل إلى معاوية حتى أخذ له ما سأل ، فكتب إليه الحسن : أن أقبل ، فأقبل من جسر منبج إلى مسكن في خمسة أيام ، فسلم إليه الحسن الأمر ، وبايعه حتى قدما الكوفة . ووفى معاوية للحسن ببيت المال ، وكان فيه يومئذ سبعة آلاف ألف درهم ; فاحتملها الحسن ، وتجهز هو وأهل بيته إلى المدينة ، وكف معاوية عن سب علي والحسن يسمع . وأجرى معاوية على الحسن كل سنة ألف ألف درهم . وعاش الحسن بعد ذلك عشر سنين .

                                                                                      وأخبرنا عبد الله بن بكر ; حدثنا حاتم بن أبي صغيرة ، عن عمرو بن دينار ، أن معاوية كان يعلم أن الحسن أكره الناس للفتنة ، فلما توفي علي بعث إلى الحسن ، فأصلح ما بينه وبينه سرا ، وأعطاه معاوية عهدا إن حدث به حدث والحسن حي ليسمينه ، وليجعلن الأمر إليه ، فلما توثق منه الحسن ، قال ابن جعفر : والله إني لجالس عند الحسن ، إذ أخذت لأقوم ، [ ص: 265 ] فجذب بثوبي ، وقال : يا هناه اجلس ! فجلست ، فقال : إني قد رأيت رأيا ، وإني أحب أن تتابعني عليه ! قلت : ما هو ؟ قال : قد رأيت أن أعمد إلى المدينة ، فأنزلها ، وأخلي بين معاوية وبين هذا الحديث ، فقد طالت الفتنة ، وسفكت الدماء ، وقطعت الأرحام والسبل ، وعطلت الفروج .

                                                                                      قال ابن جعفر : جزاك الله خيرا عن أمة محمد ، فأنا معك . فقال : ادع لي الحسين ! فأتاه ، فقال : أي أخي ! قد رأيت كيت وكيت فقال : أعيذك بالله أن تكذب عليا ، وتصدق معاوية . فقال الحسن : والله ما أردت أمرا قط إلا خالفتني ، والله لقد هممت أن أقذفك في بيت ، فأطينه عليك ، حتى أقضي أمري . فلما رأى الحسين غضبه ، قال : أنت أكبر ولد علي ، وأنت خليفته ، وأمرنا لأمرك تبع . فقام الحسن ، فقال : أيها الناس ! إني كنت أكره الناس لأول هذا الأمر ، وأنا أصلحت آخره ، إلى أن قال : إن الله قد ولاك يا معاوية هذا الحديث لخير يعلمه عندك ، أو لشر يعلمه فيك وإن أدري لعله فتنة لكم ومتاع إلى حين ثم نزل .

                                                                                      التالي السابق


                                                                                      الخدمات العلمية