الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( ولو اشتبه ) على من فيه أهلية الاجتهاد في ذلك المشتبه بالنسبة لنحو الصلاة ولو صبيا مميزا كما هو ظاهر ( ماء ) أو تراب وذكره ؛ لأن الكلام فيه وإلا فسيعلم مما سيذكره في شروط الصلاة أن الثياب والأطعمة وغيرها سواء اختلط ماله بماله أم بمال غيره يجوز الاجتهاد فيها .

                                                                                                                              وظاهر أنه لا يعتد فيها بالنسبة لنحو الملك باجتهاد غير المكلف ( طاهر ) أي طهور ليوافق قوله وتظهر إلى آخره ( بنجس ) [ ص: 104 ] أي متنجس أو بمستعمل ( اجتهد ) وإن قل عدد الطاهر كواحد في مائة بأن يبحث عن أمارة يظن بها ما يقتضي الإقدام أو الإحجام وجوبا مضيقا بضيق الوقت وموسعا بسعته إن لم يجد غير المشتبهين ، ولم يبلغا بالخلط قلتين فإن ضاق الوقت عن الاجتهاد تيمم بعد تلفهما ، وجوازا إن وجد طاهرا أو طهورا بيقين وزعم بعض الشراح وجوبه هنا أيضا مستدلا بأن كلا من خصال المخير يصدق عليه أنه واجب ليس في محله ؛ لأن ما هنا ليس كذلك إذ خصال المخير انحصرت بالنص ، وهي مقصودة لذاتها والاجتهاد وسيلة للعلم بالطاهر فإن لم يجد غير المشتبهين تعينت كسائر طرق التحصيل وإن وجد غيرهما لم تنحصر الوسيلة في هذا بل لا يصدق عليه حد الوسيلة حينئذ فلم يجب أصلا [ ص: 105 ] فتأمله ( وتطهر بما ظن ) بالاجتهاد مع ظهور الأمارة ( طهارته ) منهما فلا يجوز الهجوم من غير اجتهاد ولا اعتماد ما وقع في نفسه من غير إمارة فإن فعل لم يصح طهره ، وإن بان أن ما استعمله هو الطهور كما لو اجتهد وتطهر بما ظن طهارته ، ثم بان خلافه لما هو مقرر أن العبرة في العبادات بما في نفس الأمر ، وظن المكلف وسيأتي أنهم أعرضوا في هذا الباب عن أصل طهارة الماء فيؤخذ منه أن ما ظن طهارته باجتهاده لا يجوز لغيره استعماله إلا إن اجتهد فيه بشرطه وظن ذلك أيضا ، وظاهر أن للمجتهد تطهير نحو حليلته المجنونة به أو غير مميزة للطواف به أيضا ( وقيل إن قدر على طاهر ) أي طهور آخر غير المشتبهين كما أفاده كلامه خلافا لمن اعترضه ( بيقين فلا ) يجوز له الاجتهاد في الإناءين كالقبلة ، ورد بأنها في جهة واحدة فطلبها من غيرها عبث بخلاف الماء ونحوه .

                                                                                                                              ومن ثم لو قدر على طهور بيقين كماء نازل من السماء جاز له تركه والتطهر بالمظنون ، وقد كان بعض الصحابة يسمع من بعض مع قدرته على السماع من النبي صلى الله عليه وسلم ومع ذلك المقتضى لشذوذ هذا الوجه لا يبعد ندب رعايته ، ثم رأيته مصرحا به ( والأعمى كبصير ) فيما مر فيه [ ص: 106 ] فلا يرد عليه أن له التقليد أي ولو لأعمى أقوى منه إدراكا كما هو ظاهر إذا تحير بخلاف البصير ( في الأظهر ) لقدرته على إدراك النجس بنحو لمس وشم وذوق وحرمة ذوق النجاسة مختصة بغير المشتبه ، وإنما جاز له في المواقيت التقليد ابتداء ؛ لأن إدراكه له أعسر منه هنا فإن فقد تلك الحواس لم يجتهد جزما ، ويتيمم فيما إذا تحير وفقد من يقلده ولو لاختلاف بصيرين عليه لم يترجح أحدهما عنده ، ويظهر ضبط فقد المقلد بأن يجد مشقة في الذهاب إليه كمشقة الذهاب للجمعة فإن كان بمحل يلزمه قصده لها لو أقيمت فيه لزمه قصده لسؤاله هنا وإلا فلا .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله ولو اشتبه ماء طاهر بنجس إلخ ) في شرح العباب لو حصل له رشاش من أحد الإناءين لم ينجس ثوبه للشك كما لو أصابه نقط ثوب تنجس بعضه ، واشتبه وفارق بطلان الصلاة بلمس بعضه بأنه يشترط فيها ظن الطهارة وهو منتف هنا ، ولو اجتهد وظن نجاسة ما أصابه الرشاش منه فكذلك على الأوجه ؛ لأن النجاسة لا تثبت بغلبة الظن ، وإنما امتنع استعماله ما غلب على ظنه نجاسته ؛ لأنه إن استعمله في حدث لم يمكن الجزم بالنية أو في خبث فهو محقق فلا يزول بمشكوك فيه إلخ ا هـ .

                                                                                                                              وقوله وهو منتف هنا قد يمنع إطلاق انتفائه إذ قد يظن الطهارة وما ذكره من الفرق قد يقتضي عدم صحة الصلاة فيما حصل له الرشاش المذكور ، وإن لم ينجسه ، وذلك مما يضعف فائدة عدم الحكم بتنجيسه لا يقال يلزم صحة الصلاة هنا ويفرق بين ما أصابه الرشاش هنا ، والمتنجس بعضه المشتبه حيث بطلت الصلاة بلمس بعضه إن [ ص: 104 ] سلم بتيقن نجاسته بخلاف ما أصابه الرشاش ؛ لأنا نقول ليس المطلوب الفرق بين ما أصابه الرشاش والمتنجس بعضه المشتبه بل بين صحة الصلاة مع مصاحبة الأول وعدم صحتها مع مصاحبة ما لاقى المشتبه المذكور .

                                                                                                                              وقد يتجه منع بطلان الصلاة بمجرد لمس بعض المشتبه ، وإن بطلت بالصلاة عليه وحينئذ فيتجه صحة الصلاة مع إصابة الرشاش ، ويفرق بأن المشتبه محقق النجاسة فبطلت الصلاة عليه بخلاف ما مسه وبخلاف الرشاش فإن كلا غير محقق النجاسة فلم تبطل معه ، واعلم أن كلامهم على المسألة الآتية وهي قولهم فإن تركه وتغير ظنه لم يعمل بالثاني على النص صريح أو كالصريح في صحة صلاته مع ما أصابه من الماء الذي استعمله أو لا مع احتمال أن يكون هو النجس فهذا يدل على الفرق بين هذه المسألة ومسألة ما إذا تنجس بعض الثوب فاشتبه ، وأن الصلاة صحيحة مع إصابة ما استعمله أو لا ثم تغير ظنه وعلى ما أصابه الماء الأول فليتأمل فإنه قد يفرق بأنه استعمله مع اجتهاد أداه إلى طهارته ، ولا ينقض الاجتهاد بالاجتهاد بخلاف ما نحن فيه ( قوله وذكره ) أي خصه بالذكر ( قوله أي متنجس ) أي بدليل أو ماء وبول إلخ ( قوله فإن ضاق الوقت عن الاجتهاد تيمم ) ذكر مثل ذلك في الاجتهاد في القبلة الآتي فقال عقب المتن الآتي فيها وإن تحير لم يقلد في الأظهر وصلى كيف كان ما نصه ، وكذا لو ضاق الوقت عن الاجتهاد ا هـ .

                                                                                                                              والوجه خلافه فيهما ( قوله تيمم ) الأوجه خلافه فيجتهد وإن ضاق شرح م ر ( قوله بعد تلفهما ) هل يقتضي أن يصير الإتلاف ولو بصب أحدهما في الآخر مطلوبا ، ولا يخلو عن شيء فليتأمل ( قوله ليس في محله ) بل هو والله في محله وقوله إذ خصال المخير إلخ إن أراد أن الواجب المخير لا يتحقق إلا حيث كانت الخصال منحصرة بالنص مقصودة لذاتها كما هو ظاهر هذا الكلام فهو ممنوع محتاج إلى سند صحيح واضح من كلام الأئمة بل إطلاقهم وتعريفهم الواجب المخير يدل على أنه لا فرق ، وإن لم يرد ذلك فإنه لا يجدي ما ذكره سببا في مطلوبه فليتأمل فإن الحق أن جميع ما احتج به مجرد دعوى لا مستند لها صحيحا ( قوله بل لا يصدق عليه حد الوسيلة إلخ ) قد يقال إن أراد الوسيلة في الجملة فنفي الصدق ممنوع أو على التعين لم يفد المطلوب .

                                                                                                                              وقوله لم يجب إن أريد لم يجب مطلقا فهو ممنوع أو على التعيين لم يفد المطلوب فتأمله ولا تغتر بما [ ص: 105 ] زخرفه فإنه لا أساس به ( قوله فتأمله ) تأملناه فلم نجد له حاصلا ( قوله بما في نفس الأمر ) أي ولو بالظن بشرط عدم تبين الخلاف ( قوله غير المشتبهين ) قضيته أنه لو كان المشتبهين بأن كان لو خلطهما بلغا قلتين من غير تغير لم يجر هذا الوجه فليراجع ( قوله كما أفاده ) لعله بإطلاقه ( قوله كالقبلة ) أي إذا حصل تيقنها بالفعل بخلاف [ ص: 106 ] إمكان حصوله بنحو الصعود فلا يمنع الاجتهاد على ما يعلم مما يأتي في محله ( قوله أي ولو لأعمى إلخ ) قيد الروض بالبصير ، ووجهه في شرحه ( قوله إذا تحير ) قال في شرح الإرشاد قال ابن الرفعة وإنما يقلد لتحيره إذا ضاق الوقت ، وإلا صبر وأعاد الاجتهاد وفيه من المشقة ما لا يخفى بل قولهم الآتي في التيمم لو تيقن الماء آخر الوقت فانتظاره أفضل يرده أنهم نظروا ثم إلى الحالة الراهنة دون ما يأتي ، وإن تيقنه فلينظر هنا إلى ذلك بالأولى ؛ لأنه وإن صبر واجتهد ليس على يقين من إدراك العلامة ا هـ .

                                                                                                                              وأقول سيأتي في فصل استقبال القبلة عند قول المصنف فإن تحير لم يقلد في الأظهر وصلى كيف كان في هامش قوله وصلى كيف كان عن الإمام والشيخين تقييده بما إذا ضاق الوقت لكن ما استدل به من مسألة التيمم المذكورة يؤيد الفرق ؛ لأن البدل موجود هنا وفيها لا هناك ( قوله ويتيمم فيما إذا تحير إلخ ) هل شرطه ضيق الوقت كما في نظيره من القبلة أو يفرق لوجود البدل هنا الفرق أوجه وفي شرح العباب ولو اختلف عليه في القبلة أخذ بقول واحد إذ لا بدل لها بخلافه هنا ، وسيأتي أنه لا يتعين الأوثق الأعلم ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله لم يترجح أحدهما ) هذا القيد زائد على شرح الروض وهو يفيد أنه إذا لم يترجح أحدهما عنده لا يقلد واحدا منهما ، وكذا يفيده قوله الآتي قبيل أو وماء ورد أو اختلف عليه [ ص: 107 ] اثنان ولا مرجح قال في شرح الإرشاد أما إذا اعتقد أرجحية أحدهما فإنه يجب عليه تقليده كما بحثه في الإسعاد وقد ينازع فيه ما يأتي في نظيره من القبلة من أن تقليد الأرجح أولى إلا أن يفرق ا هـ .

                                                                                                                              ويمكن الفرق بأنه لا بدل للقبلة بخلاف ما هنا ثم رأيت ما في الحاشية الأخرى عن شرح العباب وهو يؤيد هذا الفرق ، ومما يؤيده أو يعينه أنه لو جاز تقليد المرجوح لم يكن للراجح أثر فلم جاز تقليد المرجوح ولم يقلد المساوي فيما إذا لم يترجح أحدهما كما دل عليه كلامه في الحاشية الأخرى بل قد يقال تقليد المساوي أولى من تقليد المرجوح فليتأمل .



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قوله على من فيه ) إلى قوله إذ خصال المخير في النهاية إلا قوله وظاهر إلى المتن وقوله ولم يبلغا إلى وجوازا وقوله طاهرا ( قوله في ذلك المشتبه ) متعلق بالاجتهاد وقوله بالنسبة إلخ متعلق بأهلية إلخ ( قوله لنحو الصلاة ) كالطواف وحل التناول ( قوله ولو صبيا ) أي مجنونا أفاق وميز تمييزا قويا بحيث لم يبق فيه حدة تغير أخلاقه ، وتمنع من حسن تصرفه ع ش .

                                                                                                                              ( قوله وذكره ) أي خص الماء بالذكر سم ونهاية أي ولم يذكر معه التراب مع اشتراكه معه في الطهورية رشيدي ( قوله يجوز الاجتهاد إلخ ) خبر أن الثياب إلخ ( قوله وظاهر أنه لا يعتد فيها إلخ ) قضيته أنه لا يشترط فيه الرشد فيصح الاجتهاد فيه من المحجور عليه بسفه وقد يمنع ؛ لأن السفيه ليس من أهل التملك فهو كالصبي وعليه فلو اجتهد مكلفان في ثوبين واتفقا في اجتهادهما على واحد فينبغي أنه إن كان في يد أحدهما صدق صاحب اليد ، وإن لم يكن في يد واحد منهما وقف الأمر إلى إصلاحهما على شيء وإن كان في أيديهما جعل مشتركا ، ثم إن صدقنا صاحب اليد سلم الثوب له ويبقى الثوب الآخر تحت يده إلى أن يرجع الآخر ، ويصدقه في أنه له كمن أقر بشيء لمن ينكره ولو ظن أن ملكه ما في يد غيره فالأقرب أنه يتصرف فيما بيده على وجه الظفر لمنعه من وصوله إلى حقه بظنه بسبب منع الثاني منه ع ش وسيأتي في مبحث اشتباه ماء وماء ورد ما يتعلق بذلك ( قوله لنحو الملك ) أي كالانتفاع والاختصاص ( قوله أي طهور ) إلى قوله إذ خصال المخير في المغني إلا قوله بعد تلفهما ( قوله أي طهور ) كان المناسب لقوله الآتي طاهرا أو طهورا إبدال أي بأو ( قوله ليوافق إلخ ) علة للتفسير قول المتن ( بنجس ) [ ص: 104 ] أي بماء أو تراب نجس مغني ونهاية ( قوله أي متنجس ) أي بدليل أو ماء وبول إلخ سم ( قوله أو بمستعمل ) أي بماء أو تراب مستعمل مغني ونهاية ( قوله وإن قل إلخ ) أي حيث كان الاشتباه في محصور ع ش ( قوله بأن يبحث إلخ ) متعلق ب اجتهد وتصوير له ( قوله ولم يبلغا ) أي المشتبهات ( بالخلط قلتين ) أي بلا تغير مغني ( قوله تيمم ) الأوجه خلافه وإن ضاق الوقت نهاية ا هـ .

                                                                                                                              سم ووافق المغني الشارح كما يأتي ( قوله بعد تلفهما ) هذا يقتضي أن يصير الإتلاف ولو بصب أحدهما في الآخر مطلوبا ولا يخلو عن شيء فليتأمل سم ولعل لهذا أسقط المغني قيد بعد تلفهما كما نبهنا ( قوله إن وجد إلخ ) أي أو بلغ الماءان قلتين بالخلط بلا تغير مغني ( قوله طاهرا ) قد ينافيه تفسيره لطاهر بطهور ولعل لهذا أسقطه النهاية والمغني كما نبهنا ( قوله بعض الشراح ) عبارة النهاية والمغني الولي العراقي لكنهما وجها ضعف ما قاله بتوجيه غير توجيه الشارح ( قوله يصدق ) أي على كل منها نهاية ( قوله كذلك ) أي كخصال المخير ( قوله إذ خصال المخير انحصرت إلخ ) إن أراد أن الواجب المخير لا يتحقق إلا حيث كانت الخصال منحصرة بالنص ومقصودة لذاتها كما هو ظاهر هذا الكلام فهو ممنوع محتاج إلى سند صحيح واضح من كلام الأئمة بل إطلاقهم وتعريفهم الواجب المخير يدل على أنه لا فرق ، وإن لم يرد ذلك فلا يجدي ما ذكره شيئا في مطلوبه فليتأمل سم على حج ا هـ ع ش ( قوله تعينت ) أي وسيلة الاجتهاد وقوله في هذا أي الاجتهاد ( قوله بل لا يصدق عليه حد الوسيلة ) قد يقال إن أراد الوسيلة في الجملة فنفي الصدق ممنوع أو على التعيين لم يفد المطلوب .

                                                                                                                              وكذا قوله فلم يجب أصلا إن أراد لم يجب مطلقا فهو ممنوع أو على التعيين لم يفد المطلوب فتأمله سم عبارة النهاية بعد بسطه في رد كلام الولي العراقي نصها ويمكن توجيه كلامه بأنه واجب عند إرادة استعمال أحد المشتبهين إذ استعمال أحدهما قبله غير جائز لبطلان طهارته فيكون متلبسا بعبادة فاسدة وحينئذ فلا تنافي بين من عبر بالجواز والوجوب ؛ لأن الجواز من حيث إن له الإعراض عنهما والوجوب من حيث قصده إرادة استعمال أحدهما ا هـ ولم يرتض ع ش بتوجيهه [ ص: 105 ] المذكور راجعه ( قوله بالاجتهاد إلخ ) عبارة النهاية بأمارة تدل على ذلك كاضطراب أو رشاش أو تغير أو قرب كلب ا هـ زاد المغني فيغلب على الظن نجاسة هذا وطهارة غيره وله معرفة ذلك بذوق أحد الإناءين لا يقال يلزم منه ذوق النجاسة ؛ لأن الممنوع ذوق النجاسة المتيقنة نعم يمتنع عليه ذوق الإناءين ؛ لأن النجاسة تصير متيقنة كما أفاده شيخي ، وإن خالف في ذلك بعض العصريين ا هـ .

                                                                                                                              ويأتي عن النهاية ما يوافق هذه الزيادة وقوله بعض العصريين قال البصري هو الشيخ ناصر الدين الطبلاوي ا هـ قول المتن ( طهارته ) أي طهوريته مغني ( قوله فلا يجوز ) إلى قوله كما لو اجتهد في المغني والنهاية ( قوله فإن فعل إلخ ) أي فإن هجم وأخذ أحد المشتبهين من غير اجتهاد ، وتطهر به لم تصح طهارته وإن بان إلخ لتلاعبه مغني ( قوله ، ثم بان خلافه ) أي لا يجوز له العمل بالأول ( قوله بما في نفس الأمر ) أي ولو بالظن بشرط عدم تبين الخلاف سم ( قوله وسيأتي ) إلى المتن حكماه ع ش عن الشارح وأقره ( قوله وسيأتي ) أي في شرح فإن تركه وقوله منه أي مما سيأتي ( قوله المجنونة ) أي أو الممتنعة من الغسل ليحل له وطؤها وقوله به أي بما ظن طهارته باجتهاده ( قوله أي طهور آخر ) إلى قوله ومن ثم في المغني ( قوله غير المشتبهين ) قضيته أن المشتبهين لو بلغا بالخلط قلتين بلا تغير لم يجر هذا الوجه فليراجع سم .

                                                                                                                              ( قوله كما أفاده كلامه ) لعله بإطلاقه سم أي فينصرف إلى الكامل ويحتمل بتنكيره على قاعدة إعادة الشيء نكرة ، وقال الكردي وهو قوله بيقين ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله خلافا لمن اعترضه ) أي بأنه بوجود المشتبهين فقط قادر على طاهر بيقين وهو أحدهما فلا بد من زيادة قيد التعيين ، وأجاب غير الشارح بأن المبهم غير مقدور على استعماله بصري عبارة المغني فإن قيل كان ينبغي للمصنف أن يقول على طاهر معين فإن أحد المشتبهين طاهر بيقين أجيب بأنه لا حاجة إلى ذلك ؛ لأنه وإن كان طاهرا بيقين لا يقدر عليه وقد فرض المصنف الخلاف فيما إذا قدر على طاهر بيقين ا هـ ولعل هذا الجواب هو مراد الشارح خلافا لما مر عن البصري من أنه غيره قول المتن ( بيقين ) كأن كان على شط نهر في استعمال الماء أو في صحراء في استعمال التراب مغني ( قوله فلا يجوز له الاجتهاد إلخ ) بل يستعمل المتيقن نهاية ( قوله كالقبلة ) أي إذا حصل تيقنها بالفعل بخلاف إمكان حصوله بنحو الصعود فلا يمنع الاجتهاد على ما يعلم مما يأتي في محله سم عبارة المغني كمن بمكة ولا حائل بينه وبين الكعبة ا هـ .

                                                                                                                              زاد النهاية ولكن كان في ظلمة أو كان أعمى أو حال بينه وبينها حائل حادث غير محتاج إليه ا هـ ( قوله بأنها في جهة إلخ ) وبأن الماء مال وفي الإعراض عنه تفويت مالية مع إمكانها بخلاف القبلة مغني ( قوله فطلبها إلخ ) أي إذا قدر عليها مغني ( قوله ومن ثم إلخ ) ظاهر صنيعه أن المشار إليه مخالفة الماء ونحوه للقبلة ، ويحتمل أنه الرد وعلى كل ففي هذا تفريع الشيء على نفسه عبارة النهاية والمغني عقب قول الشارح وجوازا إن قدر إلخ إذ العدول إلى المظنون مع وجود المتيقن جائز ؛ لأن بعض الصحابة كان يسمع إلخ ( قوله هذا ) أي الرد المؤيد بأفعال الصحابة رضي الله تعالى عنهم ( قوله هذا الوجه ) أي القيل ( قوله : ثم رأيته ) أي الندب ، وقال الكردي أي المصنف ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله فيما مر ) إلى قوله ولو لاختلاف بصيرين في النهاية إلا قوله ، وإنما جاز إلى فإن فقد وكذا في المغني إلا قوله أي ولو إلى إذا تحير قول المتن ( والأعمى كبصير ) ولو اجتهد فأداه اجتهاده إلى طهارة أحد الإناءين فأخبره بصير مجتهد بخلافه فهل يقلده ؛ لأنه أقوى إدراكا منه أو لا أخذا بإطلاق قولهم المجتهد لا يقلد مجتهدا فيه نظر والأقرب الأول لكن ظاهر كلامهم الثاني ويوجه بأن الشخص لا يرجع إلى قول غيره إذا خالف ظنه فأولى أن لا يرجع إلى ما يخبر عن شيء مستند للإمارة ومع ذلك فالأقرب معنى الأول لكن مجرد ظهور المعنى لا يقتضي العدول عما اقتضاه إطلاقهم فالواجب اعتماده ع ش بحذف ( قوله فيما مر فيه ) أي من جواز الاجتهاد عن الاشتباه لا مطلقا [ ص: 106 ] فلا يرد إلخ بصري ( قوله ولو لأعمى إلخ ) قيد الروض بالبصير ووجهه في شرحه سم ووافقه المغني ( قوله إذا تحير ) قال في شرح الإرشاد قال ابن الرفعة : وإنما يقلد لتحيره إذا ضاق الوقت ، وإلا صبر وأعاد الاجتهاد وفيه من المشقة ما لا يخفى بل قولهم الآتي في التيمم لو تيقن الماء آخر الوقت فانتظاره أفضل يرده ؛ لأنهم نظروا ثم إلى الحالة الراهنة دون ما يأتي وإن تيقنه فلينظر إلى ذلك هنا بالأولى ؛ لأنه وإن صبر واجتهد ليس على يقين من إدراك العلامة انتهى ا هـ سم وع ش .

                                                                                                                              ( قوله بخلاف البصير ) أي فليس له التقليد بصري ( قوله وحرمة ذوق النجاسة ) عبارة النهاية وما تقرر من جواز الذوق هو ما قاله الجمهور وهو المعتمد وما نقله في المجموع عن صاحب البيان من منع الذوق لاحتمال النجاسة ممنوع إذ محل حرمة ذوقها عند تحققها ، ويحصل بذوقهما وهنا لم نتحققها ا هـ قال ع ش أي فإذا ذاق أحدهما لا يجوز له ذوق الآخر ويصرح بذلك قول سم على المنهج فلو ذاق أحدهما فهل له ذوق الآخر اعتمد الطبلاوي أن له ذلك ، واعتمد الجمال الرملي المنع انتهى أقول فلو خالف وذاق الثاني وظهر له أنه الطاهر عمل به ، وإن لم يظهر له فهو متحير فيتيمم بعد تلفهما أو تلف أحدهما ، ويجب غسل فمه لتحقق نجاسته ا هـ بحذف ، وقوله واعتمد الجمال الرملي أي والمغني كما مر ( قوله مختص ) الأولى التأنيث ( قوله وإنما جاز له ) أي للأعمى ( قوله تلك الحواس ) أي نحو لمس إلخ ( قوله فيما إذا تحير إلخ ) هل يشترط ضيق الوقت كما في نظيره من القبلة أو يفرق لوجود البدل هنا الفرق أوجه كما في شرح العباب سم ( قوله وتيمم إلخ ) أي بعد تلف الماء وحينئذ فلا إعادة عليه كما يعلم مما يأتي ع ش ( قوله ويظهر ضبط إلخ ) ينبغي إن توهمه بحد الغوث أو تيقنه بحد القرب سعى إليه وإن تيقن عدمه فيهما فلا سعي أخذا مما يأتي في التيمم ، وهذا أشبه به من الجمعة ؛ لأنها من المقاصد ، وهما من الوسائل ، ثم رأيت الشارح رحمه الله تعالى بحث في باب النجاسة فيما لو فقد نحو صابون مما يتوقف عليه إزالة النجاسة أنه يطلبه بحد الغوث أو حد القرب أي على التفصيل .

                                                                                                                              وهذا يؤيد ما بحثته هنا بل ما ذكرته أنسب بالتيمم من ذلك إذ الفرض في مسألتنا أن فقده يحمل على العدول إلى التيمم بخلاف ذلك فإن التيمم لا يكون بدلا عن إزالة النجاسة وإن تناسبا في أن كلا منهما شرط لصحة الصلاة بصري ، ونقل عن الشوبري ما يوافقه ويوافقه أيضا قول الحلبي على المنهج ما نصه قوله فإن لم يجد من يقلده أي في حد القرب ، وقيل في محل يلزمه السعي إليه في الجمعة لو أقيمت فيه ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله لم يترجح أحدهما ) زائد على شرح الروض وهو يفيد أنه إذا لم يترجح أحدهما عنده لا يقلد واحدا منهما ، وكذا يفيده قوله الآتي قبيل أو وماء ورد أو اختلف عليه اثنان ولا مرجح قال في شرح الإرشاد أما إذا اعتقد أرجحية أحدهما فإنه يجب عليه تقليده كما بحثه في الإسعاد وفي شرح العباب ما يؤيده سم بحذف .




                                                                                                                              الخدمات العلمية