الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
              أولا: حفظ الصحة في القرآن الكريم

              لا جدال في أن علم الطب هـو من أجل العلوم وأنفعها لبني الإنسان. ولقد أشار القرآن الكريم إشارات صريحة إلى ما يهم الناس من هـذا العلم، وترك لهم مجال البحث فيما عدا ذلك. ولذا جاءت بعض الآيات القرآنية داعية إلى المحافظة على الصحة العامة والبعد عن الأسباب الجالبة للأمراض، وفي هـذا بيان للمسلمين أن تحصيل علم الطب واستعمال العقل الإنساني للنبوغ فيه فرض كفاية على المسلمين، حتى يعيش مجتمع المسلمين مكفولا برعاية صحية تحفظ للصحيح صحته، وترد على المريض عافيته



              [1] .

              ولقد أشار القرآن الكريم إلى أصول الطب الثلاثة، ومجامع قواعده.

              فقواعد طب الأبدان ثلاثة: حفظ الصحة، والحمية من المؤذي، واستفراغ المواد الفاسدة



              [2] .

              قال تعالى في آية الصوم: ( فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر ) (البقرة:184) ،

              فأباح الفطر للمريض لعذر المرض، [ ص: 60 ] وللمسافر طلبا لحفظ صحته وقوته عما يضعفها من مشاق السفر؛ وقال سبحانه في آية الوضوء: ( وإن كنتم مرضى أو على سفر أو جاء أحد منكم من الغائط أو لامستم النساء فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا ) (المائدة:6) ،

              فأباح للمريض العدول عن الماء إلى التراب، خيفة أن يصيب جسده ما يؤذيه.

              وأما عن اسـتفراغ المواد الفاسـدة، فقال عز وجل في آية الحج: ( ولا تحلقوا رءوسكم حتى يبلغ الهدي محله فمن كان منكم مريضا أو به أذى من رأسه ففدية من صيام أو صدقة أو نسك ) (البقرة:196) .

              فأباح لمن كان من معشر المحرمين مريضا مرضا يتضرر معه بالشعر فحلق، أو كان به أذى من رأسه كقمل وصداع، أن يحلق في الإحرام استفراغا للمادة التي أوجبت له الأذى، ويقاس على هـذا كل استفراغ يؤذي انحباسه



              [3] .

              هكذا حظي علم الطب بدعوة القرآن الكريم للمسلمين إلى تعلمه والنبوغ فيه، فكان هـذا دلالة على أهمية علم الطب وملحقاته لبني الإنسان.

              التالي السابق


              الخدمات العلمية