الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
الفصل الثاني

بدايـات وبنـاء

بعد أن اتضحت لنا أبعاد (الغزو الفكري) وتياراته، وحركاته، التي تعمل ليل نهار، يبقى أمامنا السؤال الكبير: ماذا فعلنا نحن ما موقفنا من الغزو الفكري؟ إن جزءا كبيرا من الغزو الفكري حركة فكرية هـائلة، وما تنتجه هـذه الحركة يخصنا نحن المسلمين، ويخص عقيدتنا، ولغتنا، وتراثنا، وتاريخنا وذاتيتنا.

وإن جزءا كبيرا آخر من الغزو الفكري حركة عملية هـائلة، تأخذ المواقع، وتسيطر على القلوب.

والغزو الفكري بحركته الفكرية والعملية من أخطر ما نواجه في حياتنا، لأن ما يقوم به من أهداف تقوض الدعائم، يتعلق بأعمق أعماقنا، عقديا، وفكريا، وحضاريا، وليس هـناك أمام المسلمين من سبيل إلا المواجهة وقبول التحدي وإثبات الذات وإلا فلسنا جديرين بالحياة.

ولا يخفى على أحد أن السعي إلى إثبات الذات والعمل على مواجهة هـذه التحديات والتيارات الغازية دليل صحة، ودليل صحوة... إذن لا بد من منهج.

والمنهج الصحيح هـو أن نواجه الفكر بالفكر، والعمل بالعمل.

ولكن قبل أن نواجه الغزو الفكري، لا بد من بناء شخصيتنا، وتحصين أنفسنا، لنصبح ممنوعين من تأثير الغزو، ليست عندنا قابلية له.. وإذا تحصنا، لم يعد للغزو تأثير فينا. [ ص: 79 ] ولعل أخطر ما استهدفه الغزو الفكري، الذي تسلط على المجتمعات الإسلامية هـو هـدم شخصية المسلمين، هـدما عقديا، وثقافيا، وفكريا.

ولا يخفى أن انهدام الشخصية، يساعد على قبول الزيوف والأباطيل. كما يدفع إلى التبعية والذوبان.

ولهذا كان لا بد لنا إذا رغبنا أن لا تؤثر فينا مخططات المتربصين، أن نبني شخصيتنا. بحيث تكون مصبوغة بصبغة الإسلام. وموسومة بميسم الإيمان (والشخصية المصبوغة بالإسلام، والموسومة بالإيمان) شخصية إيجابية، تعيش في حركة فكرية، ونفسية، وجسدية، بناءة، تعطي، وتأخذ، وتعطي أكثر مما تأخذ.

ولا شك أن إدراكنا لضرورة الإسلام لنا ولغيرنا يفتح أعيننا على مكانتنا، كما ينبهنا إلى موقعنا ومركزنا.

وجدير بنا، ونحن نخطو على مجد نسعى إليه، أن نتعرف على حقيقة الإيمان. فإذا وقفنا على هـذه الحقيقة، وتعلقنا بها كان لنا دور.

ومن شأننا ونحن نتابع الخطى أن نعرف ما الذي نأخذه من الأمم غيرنا، وما الذي لا يصلح لنا.

ويجب أن ندرك أن إعداد القوة، ضرورة من ضرورات الحياة، حتى يتم النمو، ويكمل البناء.

التالي السابق


الخدمات العلمية