الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ص ( وقيء إلا المتغير عن الطعام )

                                                                                                                            ش : هذا كقوله في المدونة وما خرج من القيء بمنزلة الطعام فهو طاهر وما تغير عن حال الطعام فنجس فظاهر المدونة وكلام المصنف أن المتغير نجس كيفما كان التغير وعلى ذلك حملها سند والباجي وابن بشير وابن شاس وابن الحاجب وقال اللخمي يريد إذا تغير إلى أحد أوصاف العذرة وتبعه عياض وقال أبو إسحاق التونسي وابن رشد إن شابه أحد أوصاف العذرة ، أو قاربها فتحصل أن القيء على ثلاثة أقسام ما شابه أحد أوصاف العذرة ، أو قاربها نجس اتفاقا ، وما كان على هيئة الطعام لم يتغير طاهر اتفاقا لكن ألزم ابن عرفة من يقول بنجاسة الصفراء والبلغم أن يقول بنجاسة القيء مطلقا ، وما تغير عن هيئة الطعام ولم يقارب أحد أوصاف العذرة قال ابن فرحون بأن يستحيل عن هيئة الطعام ويستعد للهضم وقال البساطي بأن تظهر فيه حموضة فإذا كان كذلك فهو نجس على المشهور خلافا للخمي وأبي إسحاق وابن بشير وعياض .

                                                                                                                            ( فرع ) علم مما تقدم أن القيء إذا لم يتغير عن هيئة الطعام فهو طاهر ولو خرج معه بلغم ، أو صفراء على المشهور وأشار إلى ذلك البساطي .

                                                                                                                            ( فرع ) قال ابن رشد في رسم الصلاة الثاني من سماع أشهب من كتاب الصلاة القلس ماء [ ص: 95 ] حامض طاهر ونقله عنه ابن عرفة في أوائل الطهارة والمصنف في التوضيح في باب السهو ولم يحكوا غيره ونقل أبو الحسن عن التونسي نحوه ، وهذا على مذهب ابن رشد والتونسي أن القيء لا ينجس إلا إذا شابه أحد أوصاف العذرة ، أو قاربها ، وأما على المشهور فيفصل فيه كما في القيء قال سند بعد كلامه على القيء فمن قلس وجب أن يفرق فيه بين المتغير وغيره والقلس هو دفعة من الماء تقذفه المعدة أو يقذفه ريح من فم المعدة وقد يكون معه طعام وهو على ضربين : منه ما يكون متغيرا على حسب ما يستحيل إليه وما يخالطه من فضلات المعدة فهو نجس ، ومنه ما يكون على وجه لا يتغير أو يتغير بطعم الماء فلا يجد صاحبه زيادة على طعم أكله فهو طاهر على ما تقدم في القيء ثم قال وقول مالك يعني في الموطإ رأيت ربيعة بعد المغرب يقلس في المسجد مرارا ثم لا ينصرف حتى يصلي محمول على ما لم يتغير انتهى . ونقله عنه في الذخيرة وقبله وقال ابن بشير في كتاب الطهارة القلس ما يخرج عند الامتلاء ، أو برد المزاج وقد يكون فيه الطعام غير متغير فهو ليس بنجس انتهى . ونحوه للباجي في شرح الموطإ ونصه : القلس ماء ، أو طعام يسير يخرج إلى الفم على وجه قائم في قوله وليتمضمض ليست المضمضة عليه بواجبة ولكنه يستحب له أن يمضمض من ذلك فاه ; لأن القلس لا يكون طعاما يتغير وإنما يستحب منه تنظيف الفم وإزالة ما عسى أن يكون من رائحة الطعام انتهى .

                                                                                                                            وقال الشبيبي في شرح الرسالة في آخر باب جامع في الصلاة في الكلام على القلس في الصلاة فإن تغير عن حال الطعام فهو نجس فيقطع من قليله وكثيره انتهى . وهذا ظاهر والله أعلم .

                                                                                                                            ( فرع ) فإن كان القيء ، أو القلس متغيرا وجب غسل الفم منه ، وإن لم يتغير فيستحب المضمضة منه إلا أن يكون مما يذهب بالبصاق قاله الباجي وإذا شابه القيء أحد أوصاف العذرة فاختلف في نقض الوضوء به وسيأتي والقلس بفتح اللام اسم وبسكونها مصدر قلس يقلس كضرب يضرب .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            الخدمات العلمية