فصل
وقد تكون وهو مما ينبغي أن يتفق على ترجيح المصلحة عليها ولذلك مثال واقع . المفسدة مما يلغى مثلها في جانب عظم المصلحة ،
حكى عياض في المدارك أن عضد الدولة فناخسرو الديلمي بعث إلى والقاضي أبي بكر بن مجاهد ابن الطيب ليحضرا مجلسه لمناظرة المعتزلة [ ص: 97 ] فلما وصل كتابه إليهما قال : الشيخ ابن مجاهد ، وبعض أصحابه : هؤلاء قوم كفرة فسقة; لأن الديلم كانوا روافض لا يحل لنا أن نطأ بساطهم ، وليس غرض الملك من هذا إلا أن يقال : إن مجلسه مشتمل على أصحاب المحابر كلهم ، ولو كان خالصا لله لنهضت .
قال القاضي ابن الطيب : فقلت لهم : كذا قال ، وفلان ، ومن في عصرهم : إن المحاسبي فاسق لا نحضر مجلسه ، حتى ساق المأمون إلى أحمد بن حنبل طرسوس وجرى عليه ما عرف ولو ناظروه لكفوه عن هذا الأمر ، وتبين له ما هم عليه بالحجة ، وأنت أيضا أيها الشيخ تسلك سبيلهم حتى يجري على الفقهاء ما جرى على أحمد ، ويقولوا بخلق القرآن ، ونفي الرؤية ، وها أنا خارج إن لم تخرج ، فقال الشيخ : إذ شرح الله صدرك لهذا فاخرج . إلى آخر الحكاية .
فمثل هذا إذا اتفق يلغي في جانب المصلحة فيه ما يقع من جزئيات المفاسد ، فلا يكون لها اعتبار ، وهو نوع من أنواع الجزئيات التي يعود اعتبارها على الكلي بالإخلال والفساد ، وقد مر بيانه في أوائل هذا الكتاب والحمد لله .