[ ص: 88 ] المسألة السابعة
أو لا ، أعني المصالح الدنيوية المحتاج إليها ، فإن كان قادرا على ذلك من غير مشقة فليس على الغير القيام بمصالحه ، والدليل على ذلك أنه إذا كان قادرا على الجميع ، وقد وقع عليه التكليف بذلك فالمصالح المطلوبة من ذلك التكليف حاصلة من جهة هذا المكلف ، فطلب تحصيلها من جهة غيره غير صحيح; لأنه طلب تحصيل الحاصل ، وهو محال ، وأيضا فما تقدم في المسألة قبلها جار هنا ، ومثال ذلك السيد والزوج والوالد بالنسبة إلى الأمة أو العبد ، والزوجة والأولاد ، فإنه لما كان قادرا على القيام بمصالحه ، ومصالح من تحت حكمه لم يطلب غيره بالقيام عليه ولا كلف به ، فإذا فرضنا أنه غير قادر على مصالح غيره سقط عنه الطلب بها ، ويبقى النظر في دخول الضرر على الزوجة والعبد والأمة ينظر فيه من جهة أخرى لا تقدح في هذا التقرير ، وإن لم يقدر على ذلك ألبتة ، أو قدر لكن مع مشقة معتبرة في إسقاط التكليف ، فلا يخلو أن تكون المصالح المتعلقة من جهة الغير خاصة ، أو عامة ، فإن كانت خاصة سقطت ، وكانت مصالحه هي المقدمة; لأن حقه مقدم على حق غيره شرعا كما تقدم في القسم الرابع من المسألة الخامسة ، فإن معناه جار هنا على استقامة إلا إذا أسقط حظه ، فإن ذلك نظر آخر قد تبين أيضا . كل مكلف بمصالح غيره ، فلا يخلو أن يقدر مع ذلك على القيام بمصالح نفسه
[ ص: 89 ] وإن كانت المصلحة عامة فعلى من تعلقت بهم المصلحة أن يقوموا بمصالحه على وجه لا يخل بأصل مصالحهم ولا يوقعهم في مفسدة تساوي تلك المصلحة ، أو تزيد عليها ، وذلك أنه إما أن يقال للمكلف : لا بد لك من القيام بما يخصك ، وما يعم غيرك ، أو بما يخصك فقط ، أو بما يعم غيرك فقط والأول لا يصح فإنا قد فرضناه مما لا يطاق ، أو مما فيه مشقة تسقط التكليف فليس بمكلف بهما معا أصلا .
والثاني أيضا لا يصح; لأن المصلحة العامة مقدمة على المصلحة الخاصة كما تقدم قبل هذا إلا إذا دخل على المكلف بها مفسدة في نفسه ، فإنه لا يكلف إلا بما يخصه على تنازع في المسألة ، وقد أمكن هنا قيام الغير بمصلحته الخاصة ، فذلك واجب عليهم ، وإلا لزم تقديم المصلحة الخاصة على العامة بإطلاق من غير ضرورة ، وهو باطل بما تقدم من الأدلة ، وإذا وجب عليهم ، تعين على هذا المكلف التجرد إلى القيام بالمصلحة العامة ، وهو الثالث من الأقسام المفروضة .