مسألة : قال الشافعي : والمجوس أهل كتاب دانوا بغير دين أهل الأوثان ، وخالفوا " اليهود والنصارى في بعض دينهم ، كما خالفت اليهود والنصارى في بعض دينهم ، وكانت المجوس في طرف من الأرض ، لا يعرف السلف من أهل الحجاز من دينهم ما يعرفون من دين اليهود والنصارى حتى عرفوه ، وأن النبي - صلى الله عليه وسلم - أخذها من مجوس هجر ، وقال علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - : هم أهل كتاب بدلوا فأصبحوا وقد أسري بكتابهم ، وأخذها منهم أبو بكر وعمر - رضي الله عنهما " .
قال الماوردي : وأما المجوس ، فقد كانوا على بعد من الحجاز ، وكانت ديارهم العراق وفارس ، وهم يتدينون بنبوة زرادشت وإقرارهم بالجزية متفق عليه ، لما رواه الشافعي أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أخذ الجزية من مجوس هجر وروي أن عمر أشكل عليه أمر المجوس حين افتتح بلادهم بالعراق ، وقال : ما أدري ما أصنع في أمرهم : فقال له عبد الرحمن بن عوف : أشهد لقد سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : سنوا بهم سنة أهل الكتاب . فأخذ عمر منهم الجزية بالعراق وفارس ، وقد كان أبو بكر أخذها منهم فيما افتتحه من أطراف العراق ، وأخذها بعدهما عثمان وعلي ، فكان أخذها منهم سنة عن الرسول - صلى الله عليه وسلم - وأثرا عن الخلفاء الراشدين .