الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : وأما الضرب الثاني : وهو من ادعى كتابا غير مشهور ، ودينا غير معروف كالزبر الأولى ، والصحف المتقدمة .

                                                                                                                                            فإن قيل : إنه لا يجري عليهم حكم أهل الكتاب ، لم يقروا على دينهم وإن تحققنا كتابهم .

                                                                                                                                            وإن قيل : إنهم يقرون على دينهم وتحفظ حرمة كتابهم ، فلا يخلو حالهم من ثلاثة أقسام :

                                                                                                                                            أحدهما : أن يتحقق صدقهم ، يعرف كتابهم ، فيكونوا كاليهود والنصارى في إقرارهم بالجزية ، واستباحة مناكحهم ، وأكل ذبائحهم .

                                                                                                                                            والقسم الثاني : أن يتحق كذب قولهم ، وأن لا كتاب لهم ، فيكونوا كعبدة الأوثان في استباحة دمائهم ، وحظر مناكحهم .

                                                                                                                                            والقسم الثالث : أن يحتمل ما قالوه الصدق والكذب ، وليس على أحدهما دليل يقطع به ، فلا يقبل فيهم قول كفارهم .

                                                                                                                                            فإن أسلم منهم عدد يكون خبرهم مستفيضا حكم بقولهم في ثبوت كتابهم وإقرارهم بالجزية على دينهم ، واستباحة مناكحهم .

                                                                                                                                            وإن لم يسلم منهم من يكون خبره مستفيضا متواترا ، ولم يعلم قولهم إلا منهم في حال كفرهم ، فيقرون بالجزية : لأنها مال بذلوه لا يحرم علينا أخذه ، وأصل الدماء على الحظر ، فلا يحل لنا قتلهم .

                                                                                                                                            [ ص: 291 ] فأما استباحة مناكحهم ، وأكل ذبائحهم ، فلا يقبل قولهم فيها : لأنها على أصل الحظر ، فلا تستباح بقول من لا يوثق بصدقه ، والله أعلم .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية