الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : والفصل الرابع : الموضع الذي ينعقد عليه الأامان ، وهو على ثلاثة أقسام :

                                                                                                                                            [ ص: 200 ] أحدها : أن يبذل له الأمان في بلاد الإسلام كلها ، فيصح ويلزم أن يكون آمنا في جميعها ، سواء كان الباذل له واليا أو غير وال : لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - : يسعى بذمتهم أدناهم .

                                                                                                                                            والقسم الثاني : أن يبذل له الأمان في بلد خاص ، فيلزم أن يكون آمنا في ذلك البلد ، وفي الطريق إليه في دار الحرب ولا أمان له فيما سوى ذلك من البلاد اعتبارا بالشرط ، وأن الطريق إليه مستحق .

                                                                                                                                            والقسم الثالث : أن يكون موضع الأمان مطلقا غير عام ولا معينا ، فيكون حكمه معتبرا بحال الباذل للأمان ، ولا يخلو حاله من ثلاثة أقسام :

                                                                                                                                            أحدها : أن يكون هو الإمام ، فيقتضي إطلاق أمانه أن يكون آمنا في جميع بلاد الإسلام لدخول جميعها في نظره .

                                                                                                                                            والقسم الثاني : أن يكون الباذل له والي الإقليم ، فيكون بطلان الأمان موجبا لأمانه في بلاد عمله ، ولا يكون له أمان في غيرها من بلاد الإسلام لقصور نظره عليها ، فإن عزل عن بعضها لم يزل أمانه منها ، وإن قلد غيرها لم يدخل أمانه فيها اعتبارا بعمله وقت أمانه .

                                                                                                                                            والقسم الثالث : أن يكون الباذل له أحد المسلمين ، فيكون بطلان أمانه مقصورا على البلد الذي يسكنه باذل الأمان ، فإن كان مصرا لم يتجاوز إلى قراه ، وإن كان قرية لم يتجاوزها إلى مصرها اعتبارا بما يضاف إليه ، ويكون طريقه منها إلى دار الحرب داخلا في أمانه مجتازا لا مقيما اعتبارا بقدر الحاجة .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية