الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            مسألة : قال الشافعي رضي الله عنه : " أو صفين في حرب " .

                                                                                                                                            قال الماوردي : وهذا نوع رابع من اللوث ، أن يوجد القتيل بين صفي حرب فهذا على ضربين :

                                                                                                                                            أحدهما : أن يكون قتله قبل التحام الحرب واختلاط الصفوف . فينظر في مصرعه ، فله ثلاثة أحوال :

                                                                                                                                            أحدها : أن يناله سلاح أصحابه ولا يناله سلاح أضداده ، فيكون اللوث مع أصحابه به دون أضداده .

                                                                                                                                            والحالة الثانية : أن يناله سلاح أضداده ولا يناله سلاح أصحابه ، فيكون اللوث مع أضداده .

                                                                                                                                            والحالة الثالثة : أن يناله سلاح أصحابه وسلاح أضداده ، ففيه لأصحابنا وجهان :

                                                                                                                                            أحدهما : - وهو قول البغداديين - أن يكون لوثا مع أضداده : لاختصاصهم بعداوته دون أصحابه المختصين بنصرته .

                                                                                                                                            الوجه الثاني : وهو قول البصريين ، أن يكون لوثا مع الفريقين من أصحابه وأضداده : لأن عداوة أضداده عامة ، وقد يكون في أصحابه من عداوة خاصة ، كالمحكي من قتل مروان بن الحكم لطلحة بن عبيد الله في وقعة الجمل .

                                                                                                                                            قيل : إنه رماه بسهم فقتله وكان من أصحابه ؛ ولأنه ربما أراد قتل غيره فأخطأه إليه ، فصار قتله من الفريقين محتملا .

                                                                                                                                            والضرب الثاني : أن يكون قتله بعد التحام الحرب واختلاط الصفوف ، فهذا على ثلاثة أقسام :

                                                                                                                                            أحدهما : أن يكون أصحابه منهزمين وأضداده طالبين ، فيكون لوثا مع أضداده دون أصحابه : لأن المنهزم يخاف والطالب منتقم .

                                                                                                                                            [ ص: 11 ] والقسم الثاني : أن يكون أصحابه طالبين وأضداده منهزمين ، فيكون لوثا مع أصحابه دون أضداده : لما ذكرناه .

                                                                                                                                            القسم الثالث : أن يتماثلوا في الطلب ، ولا يخلد أحدهما إلى الهرب ، فيكون على الوجهين المذكورين .

                                                                                                                                            أحدهما : وهو قول البغداديين ، يكون لوثا مع أضداده دون أصحابه : لاختصاصهم بالعداوة العامة .

                                                                                                                                            والوجه الثاني : وهو قول البصريين أنه يكون لوثا في الفريقين جميعا من أصحابه وأضداده : لاحتمال الخطأ أو عداوة خاصة .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية